انظمه تعليم غير فعاله
شروق طومار
القبة نيوزمرة أخرى، يواجهنا البنك الدولي بحقائق تؤكد أن أنظمة التعليم في الأردن أصبحت بالية وليست قادرة على تأهيل الخريجين وتزويدهم بالمهارات المتوافقة مع احتياجات السوق العصرية.
في تقرير حديث، لفت البنك الدولي إلى جوانب قصور في نظام التعليم الأردني تتمثل في افتقاره للتدريب والتأهيل العملي في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو المجال الذي طالما تم التأكيد على أهميته وإمكاناته في النمو وخلق فرص عمل في السوق الأردني الذي يمتلك عوامل جذب عديدة للشركات الكبرى العاملة في المجال.
قضية تدني مستوى تأهيل الشباب بالمجالات التقنية ليست أمرا طارئا أو حديثا، فقد أظهرت ذلك دراسات محلية عديدة، وبينت الأجندة الوطنية لتطوير قطاع التعليم المهني والتقني (2015) أن 70 % من أصحاب العمل غير راضين عن نوعية مخرجات التعليم، كما كانت دراسة للبنك الدولي نشرت مطلع العام الحالي قالت بأن 29 % من الشباب الأردنيين يعانون من ضعف التأهيل وافتقار المهارات.
تشير هذه الدراسات والتي تؤكدها نسب البطالة المتزايدة، إلى أن الجهود المبذولة لمعالجة هذه المعضلة والحد من الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل هي جهود هزيلة، وشكلية في معظمها إذ إنها لم تسهم في تحسين الواقع.
تحتاج عملية معالجة هذه الفجوة إلى شبكة من الإجراءات المترافقة والمتعاقبة، وعملياً يجب أن يكون البدء من مراجعة البرامج والتخصصات المطروحة في الجامعات الرسمية وكليات المجتمع وإلغاء التخصصات المشبعة وطرح تخصصات مطلوبة ببرامج عصرية ترتكز على الجوانب العملية وأن يكون ذلك مستندا إلى دراسات حول حاجات السوق.
في أيار الفائت أصدر مجلس التعليم العالي مجموعة قرارات تتعلق بنسب القبول في التخصصات الراكدة والمشبعة والتي حصرت بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية لتخفيضها تدريجيا على أمل أن تصل إلى 40 % صيف العام 2020، والتحول نحو التعليم التقني.
لكن ما شهدناه مؤخرا من مضاعفة أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات الرسمية للعام 2019-2020، يثير تساؤلات حول مصير تلك القرارات، خصوصا وأن الجامعات لم تشهد استحداثا لتخصصات جديدة يوازي تلك الأعداد.
إلى جانب ذلك، فإن خطة وزارة التعليم العالي لم تتضمن توجهات وخطوات واضحة بشأن العمل على مراجعة تخصصات الجامعات وربط اعتماد الجامعات بهذه المراجعات وباستحداث التخصصات الأكثر طلباً، ولم توقف الوزارة تمويل التخصصات غير المطلوبة، ما يشير إلى تدني الجدية في التصويب.
ما يجب الانتباه له أيضا هو أن العملية ينبغي ألا تعتمد فقط على دراسات ديوان الخدمة المدنية مع التقدير الكبير لجهوده المبذولة في ذلك، إذ إنها تحدد التخصصات المشبعة والراكدة وخصوصاً في القطاع العام لكنها لا تقدم معلومات كافية حول التخصصات المطلوبة في الحال والمستقبل.
الأمر يجب أن يرتكز على دراسات أكثر توسعا وشمولية واستشرافا لحاجات السوق المستقبلية، ورغم محدودية الدراسات المحلية إلا أن عددا من مراكز الدراسات بذل جهوداً قيمة في هذا المجال، كما قدمت تقارير عديدة للبنك الدولي ومعلومات حول التخصصات المطلوبة كان آخرها الإشارة لتخصصين واعدين ويشكلان فرصا لوظائف مستقبلية؛ خدمات المساندة الخارجية للأعمال (BPO)، وخدمات المساندة لقطاع تكنولوجيا المعلومات (ITO).
المشكلة إذن ليست في ندرة البيانات، أو شح الدراسات، وإنما في تدني درجة الجدية والمسؤولية لدى مؤسساتنا التعليمية الجامعية والمتوسطة ووزارة التعليم العالي القائمة عليها، للاستثمار الفعلي في المورد البشري وتحقيق التنمية والاسهام في نمو الاقتصاد الوطني، وتقويض النظرة التجارية للعمل التعليمي.