facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الحباشنة يكتب : زيارةُ سُموِّ وَلِيِّ العَهْدِ إِلَى الطَّفِيلَة تَأْكِيدٌ عَلَى سَرْدِيَّةِ وَطَنٍ يُكْتَبُ بِتَضْحِيَاتِ أَبْنَائِهِ

الحباشنة يكتب : زيارةُ سُموِّ وَلِيِّ العَهْدِ إِلَى الطَّفِيلَة  تَأْكِيدٌ عَلَى سَرْدِيَّةِ وَطَنٍ يُكْتَبُ بِتَضْحِيَاتِ أَبْنَائِهِ
بقلم - اللواء المتقاعد طارق الحباشنة

في زيارةٍ تحملُ مَعانيَ وطنيّةً عميقةً، التقى سُموُّ وَلِيِّ العهدِ الأميرِ الحُسَينِ بنِ عبدِاللهِ الثاني حفظهُ الله بالأمس بوجهاءِ وممثّلي أبناءِ محافظةِ الطَّفيلة، تلك المحافظةِ التي ارتبط اسمُها بتاريخِ الأردنِّ وبطولاتِ رجالهِ منذُ بداياتِ الدولةِ وحتى يومِنا هذا. وخلالَ اللقاء، استحضرَ سُموُّه صفحاتٍ مُشرقةً من تاريخِ المملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ والثورةِ العربيةِ الكبرى، مؤكِّدًا الدورَ الكبيرَ الذي لعبتهُ الطَّفيلةُ وأهلُها في مسيرةِ التحررِ والبناء، وفي الوقوفِ إلى جانبِ القيادةِ الهاشميةِ منذ اللحظةِ الأولى.

وتوقّفَ سُموُّه خلالَ حديثِه عند معركةٍ مهمّةٍ جرت في منطقةٍ تُعرَف بـ "حَدِّ الدَّقِيق”، وهي معركةٌ شكّلتْ محطةً تاريخيةً فارقةً، شهدتْ انتصارَ القواتِ العربيةِ الأردنيةِ على القواتِ العثمانية. وقد برز فيها أبناءُ الطَّفيلةِ كنموذجٍ للشجاعةِ والانتماءِ والوفاءِ. ولم تكن تلك المعركةُ مجردَ حدثٍ عسكريٍّ عابر، بل شهادةً حيّةً على إرادةِ الأردنيين وصلابتِهم، وعلى استعدادِهم الدائمِ للدفاعِ عن أرضِهم وكرامتِهم مهما كانتِ التحديات.

وقد شدّدَ سُموُّ وليِّ العهدِ على أهميةِ توثيقِ قصةِ الأردن، داعيًا جميعَ المعنيين إلى حفظِ سرديّةِ الوطن وتقديمِها بصورةٍ دقيقةٍ وشاملةٍ للأجيالِ القادمة. فالحديثُ عن تاريخِ الأردن ليس حكرًا على المؤرخين أو المؤسّساتِ الرسمية، بل هو مسؤوليةٌ وطنيةٌ تقعُ على عاتقِ كلِّ أردنيٍّ، لما لهذا التاريخِ من دورٍ أساسيٍّ في تعزيزِ الهويةِ الوطنية وصَونِ الذاكرةِ الجمعية، خاصةً لدى الشبابِ الذين يحتاجون إلى قصةٍ واضحةٍ تُعرِّفهم بتضحياتِ الآباءِ والأجداد، وكيف بُنِيَتِ الدولةُ حجرًا فوقَ حجر.

إن دعوةَ سُموِّه لتوثيقِ سرديّةِ الأردن تأتي من رؤيةٍ واعيةٍ تُدرِك أن الأممَ التي لا تحفظُ تاريخَها تفقدُ بوصلتَها، وأن الحفاظَ على قصةِ الأردن بمراحلِها كافةً هو حفاظٌ على هويةٍ قويةٍ وروحٍ وطنيةٍ متينةٍ وإرثٍ هاشميٍّ ممتدٍّ منذ الثورةِ العربيةِ الكبرى وحتى اليوم. فسرديّةُ الأردن ليست مجردَ أحداثٍ متفرّقة، بل هي قصةُ نهوضٍ ومسيرةُ كرامةٍ وتجربةٌ إنسانيةٌ وسياسيةٌ فريدةٌ في محيطٍ مضطرب.

وما يميّز هذه الزيارة، كما هو الحالُ في زياراتِ جلالةِ الملك وسموّ وليِّ العهدِ إلى مختلفِ المحافظات، هو ذلك النهجُ الهاشميُّ الأصيلُ في التواصلِ المباشرِ مع أبناءِ الوطن. فهذا النهجُ لم يكن يومًا ممارسةً شكلية، بل قاعدةً ثابتةً في أسلوبِ القيادةِ الهاشميةِ التي عوّدت الأردنيين على القربِ والصدقِ والمشاركةِ والاحترامِ المتبادل. فالهاشميون كانوا وما يزالون حاضرين بين أبناءِ شعبِهم، يستمعون لهم ويتحاورون معهم، ويقفون إلى جانبِهم بقلبِ القائدِ وحنانِ الأخِ وروحِ الإنسان. وهذا ما جعل علاقةَ الثقةِ والمحبةِ بين القيادةِ والشعبِ علاقةً استثنائيةً تميّز الأردنَّ عن كثيرٍ من الدول، وتمنحُ نظامَهُ السياسيَّ خصوصيةً نادرةً في العالمِ العربي.

لقد كانت زيارةُ سُموِّ وليِّ العهدِ إلى الطَّفيلة رسالةً وطنيةً شاملة، تؤكد أن تاريخَ الأردن هو ملكٌ لجميعِ أبنائه، وأن سرديّتَهُ العميقةَ يجبُ أن تُنقَل كما هي، بكل بطولاتِها ومحطّاتِها المشرقة. وهي في الوقتِ ذاته دعوةٌ مفتوحةٌ لكلِّ مواطنٍ ليكون جزءًا من عمليةِ حفظِ هذا الإرث، وصَونِ هذه القصة، حتى تبقى حيّةً في وجدانِ الشبابِ والأجيالِ القادمة، ومرجعًا يُضيء طريقَ المستقبلِ بنفس الضوءِ الذي أضاء طريقَ الآباءِ والأجداد.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير