لبنان: «شي تكتك شي تيعا»
مالك العثامنة
القبة نيوز- قبل أقل من شهر تقريباً، تحدث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في زيارته إلى واشنطن عن لبنان وانهيار وشيك فيه! كان حديث الملك مفاجئاً للبعض لكنه كان ضمن حسابات سياسية معقدة يتعرض لها الشرق الأوسط الذي تتم فكفكته الآن ليتم العمل على تركيب شرق المتوسط الجديد. تلك الحسابات التي كانت بعض دول «شرق المتوسط» الأكثر دقة في قراءتها، ومن بينها مصر والإمارات والعراق (بحكومته التي تحاول الخروج من عباءة الولي الفقيه). القراءة الجديدة كانت واشنطن بحاجة إلى الاستماع إليها وهي ترث إرثاً ثقيلاً من التخبط السياسي في عهد إدارة ترامب، وهي قراءة تحمل في مضامينها وبين سطورها كل التراكيب المعقدة في تسويات إقليمية ودولية لا تنتهي وحسب عند إيران التي تحاول أن تخرج بأكثر كمية ممكنة من المكاسب السياسية في مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع واشنطن.
الحل للبنان، حسب طروحات الملك الأردني (وهي طروحات متفق عليها مع دول في الإقليم من بينها الإمارات) تمثل في أن لا يتم السماح مطلقاً بإعادة إنتاج السيناريو العراقي في حالة انهيار الدولة اللبنانية الوشيك، فحذر الملك الأردني في مباحثاته «وبتفويض من الدول المذكورة في الإقليم» من شدة الآثار الانسحابية في حال عدم دعم الجيش اللبناني ودعا إلى دعمه بالتعاون بين واشنطن وباريس والدول الكبرى.
الحل الموازي للوضع الإنساني الصعب أيضاً تم طرحه من خلال ابتكار ما يشبه «خطة مارشال» نوعية تستهدف إنعاش اللبنانيين في ظل غياب مؤسسات دولة ومصارف وبنوك لا يثق بها أحد، هو ما يتطلب تعاوناً إقليمياً نوعياً ومبتكراً من أركانه استثناءات حصرية للأردن في تطبيقات قانون قيصر في العقوبات على سوريا، وهو ما جعل الملك يطرح السؤال على طاولة مباحثاته مع طاقم الإدارة في واشنطن إن كان يجب تغيير النظام أم العمل على تغيير السلوك (regime change or behaviour change).
في اليوم التالي لعودة الملك إلى بلاده بعد زيارة مكثفة ممتلئة بالتفويضات الإقليمية، كانت إيران ترسل رسائلها غير المباشرة من خلال وكلائها بقطع الطريق البري «المفتوح حديثاً» بين عمان ودمشق. لبنان فعلياً يواجه اليوم انهياراً كاملاً للدولة، والحلول الواقعية للبنان تتطلب دعم الجيش اللبناني كآخر أعمدة الدولة اللبنانية في مواجهة فراغ سياسي ومؤسساتي واقتصادي غير مسبوق، سيحل فيه انزياحات ديموغرافية للسنة إلى طرابلس والشمال، مما قد يشكل خزان «تطرف» جديد في بيئة بؤس اقتصادي خصبة، وانزياح ديموغرافي خارج لبنان كله للمسيحيين الساعين إلى الهجرة، وفرصة مرعبة لمليشيات «حزب الله» لتملأ فراغ «الدولة ومؤسساتها» بحجة إنقاذ لبنان وبالشروط الإيرانية. أي حلول ناعمة وتقليدية في انعاش اللبنانيين لم تعد مجدية، لبنان - للأسف وبكل وجع- تحول إلى حالة فراغ سياسي قابلة لأي حشوة غريبة تملأه، واللبنانيون بمختلف طوائفهم ومذاهبهم تجاوزوا حافة اليأس وهو ما يتطلب تدخلاً إقليمياً مدعوم بإسناد دولي يوقف الانهيار عند نقطة يمكن البناء عليها في المستقبل. في اللهجة اللبنانية المحلية جداً، هناك عبارة يفهمها اللبنانيون تصف حال الفوضى بقولهم: «شي تكتك شي تيعا».. وهو ما يمكن وصف حال لبنان به اليوم.
* كاتب أردني مقيم في بلجيكا.
الاتحاد
الحل للبنان، حسب طروحات الملك الأردني (وهي طروحات متفق عليها مع دول في الإقليم من بينها الإمارات) تمثل في أن لا يتم السماح مطلقاً بإعادة إنتاج السيناريو العراقي في حالة انهيار الدولة اللبنانية الوشيك، فحذر الملك الأردني في مباحثاته «وبتفويض من الدول المذكورة في الإقليم» من شدة الآثار الانسحابية في حال عدم دعم الجيش اللبناني ودعا إلى دعمه بالتعاون بين واشنطن وباريس والدول الكبرى.
الحل الموازي للوضع الإنساني الصعب أيضاً تم طرحه من خلال ابتكار ما يشبه «خطة مارشال» نوعية تستهدف إنعاش اللبنانيين في ظل غياب مؤسسات دولة ومصارف وبنوك لا يثق بها أحد، هو ما يتطلب تعاوناً إقليمياً نوعياً ومبتكراً من أركانه استثناءات حصرية للأردن في تطبيقات قانون قيصر في العقوبات على سوريا، وهو ما جعل الملك يطرح السؤال على طاولة مباحثاته مع طاقم الإدارة في واشنطن إن كان يجب تغيير النظام أم العمل على تغيير السلوك (regime change or behaviour change).
في اليوم التالي لعودة الملك إلى بلاده بعد زيارة مكثفة ممتلئة بالتفويضات الإقليمية، كانت إيران ترسل رسائلها غير المباشرة من خلال وكلائها بقطع الطريق البري «المفتوح حديثاً» بين عمان ودمشق. لبنان فعلياً يواجه اليوم انهياراً كاملاً للدولة، والحلول الواقعية للبنان تتطلب دعم الجيش اللبناني كآخر أعمدة الدولة اللبنانية في مواجهة فراغ سياسي ومؤسساتي واقتصادي غير مسبوق، سيحل فيه انزياحات ديموغرافية للسنة إلى طرابلس والشمال، مما قد يشكل خزان «تطرف» جديد في بيئة بؤس اقتصادي خصبة، وانزياح ديموغرافي خارج لبنان كله للمسيحيين الساعين إلى الهجرة، وفرصة مرعبة لمليشيات «حزب الله» لتملأ فراغ «الدولة ومؤسساتها» بحجة إنقاذ لبنان وبالشروط الإيرانية. أي حلول ناعمة وتقليدية في انعاش اللبنانيين لم تعد مجدية، لبنان - للأسف وبكل وجع- تحول إلى حالة فراغ سياسي قابلة لأي حشوة غريبة تملأه، واللبنانيون بمختلف طوائفهم ومذاهبهم تجاوزوا حافة اليأس وهو ما يتطلب تدخلاً إقليمياً مدعوم بإسناد دولي يوقف الانهيار عند نقطة يمكن البناء عليها في المستقبل. في اللهجة اللبنانية المحلية جداً، هناك عبارة يفهمها اللبنانيون تصف حال الفوضى بقولهم: «شي تكتك شي تيعا».. وهو ما يمكن وصف حال لبنان به اليوم.
* كاتب أردني مقيم في بلجيكا.
الاتحاد