الخالدي يكتب: العشائر هي تاريخ وحاضر وقوة الدولة
القبة نيوز - حسين الخالدي - كل شقيق عربي قام بزيارة المملكة الأردنية الهاشمية وشاهد تركيبتها السكانية والإجتماعية شعر بأن النظام العشائري السائد بمعظم محافظات المملكة والذي هو موجود قبل نشوء الدولة مؤثر وبشكل كبير في أهالي محافظات الجنوب مروراً بالوسط والشمال الأردني، وهو نظام إجتماعي متكامل كان ينظم العلاقات داخل العشيرة الواحدة من جهة، وما بين العشائر الأخرى من جهة أخرى، وهو نظام منبثق من طبيعة البيئة ونمط المعيشة الذي كان ومازال سائداً في القرى والبوادي.
عندما نستعرض ميلاد الدولة الأردنية التي كانت أسبق لميلاد المجتمع فسوف نرى إن بدأ عملية الاندماج التدريجي للعشائر بمؤسسات الدولة، وأستمر ذلك منذ تلك الفترة، وعندما بدأ الاقتصاد الحديث بالانتشار بدأ هذا النمط بالانحسار التدريجي على مراحل مختلفة، وبخاصة مع نشوء المدن في الأردن وانتشار التعليم وعليه فقد تراجع هذا النمط وأصبح غالبية أبناء العشائر يعملون بالنمط الاقتصادي الحديث أو في مؤسسات الدولة، ولم يعد هذا النمط موجوداً إلا في مناطق محددة لا تزيد نسبتها على 5٪ تقريباً.
أما العشائرية الحقيقة فهي الإنتماء للعشيرة والتعصب لها، الذي كان يشكل منظومة أجتماعية متكاملة مبنية على أحترام العادات والتقاليد وعدم تجاوزها والتنافس الذي كان موجوداً بين العشائر وبخاصة التي تعتمد على نمط عيش قاسي كان تنافسها مبني على الرجولة والأخلاق.
أن العشائر هي من تساعد وتدعم سيادة القانون والدولة، إذ هي جزء لايتجزء من المنظومة الثقافية والاجتماعية للمجتمع وأن العشائر لم تعارض عملية الإدماج التدريجي التي حصلت، بل رحبت بها، وجرت عملية التحوّل بالأردن بشكل طوعي بالكامل، بل إن العشائر الأردنية دعمت الدولة ومؤسساتها، وانصاعت لقوانين البلاد منذ نشأة الدولة.
يجب علينا أن نعلم بأن العلاقات التاريخية بين الدولة والعشائر الأردنية كانت معادلة مهمة شكّلت حالة توازن فريدة على مدى العمر الأطول من الدولة الأردنية، وشكّلت عامل إستقرار ودعم لإستكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة.
نعم الأردن هي دولة مدنية منذ نشأتها، إذ يؤكد ذلك دستورها من حيث المساواة بالحقوق والحريات وغيرها، ولم تسجل حالة واحدة أن قامت العشائر بالاعتراض على أي مبدأ من مبادئ الدولة المدنية بالرغم من احتفاظ أغلب العشائر الأردنية ببعض القيم الاجتماعية التقليدية، ولا يمكن القول بأن العشائر أو أية قوى إجتماعية ترفض الانصياع للقانون، لذلك فإن العشائر الأردنية لم تعارض الدولة المدنية، أو التحول لها لكن مع بقاء سيادة وتأثير العادات والتقاليد العشائرية الأصيلة فعالة داخل المجمع الأردني.