الحصاد المائي والاستثمار في انتاج الاعلاف
الاستاذ الدكتور عمر علي الخشمان
القبة نيوزبحمد الله وشكرة هطلت الامطار والثلوج على مختلف مناطق المملكة خلال الاسبوعين وهي مدعاة للتفاؤل بعام خير وبركة على كافة الاصعدة والمستويات وامام كميات المياة الكبيرة التي هطلت وتجاوزت سعة السدود وتاثرت بها البنية التحتية والكثير من المحلات التجارية والمنازل وخاصة في العاصمة عمان فانة لا بد من البدء بصورة سريعة وعلمية للاستفاد من الكميات الكبيرة التي تسقط ولايستفاد منها الا القليل لذلك لابد من الإسراع بإنشاء السدود على جانبي الأودية وكذلك عمل الحفائر الترابية بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على حفر آبار تجميع مياه الأمطار وكذلك السدود الترابية والحواجز الترابية لجمع اكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار التي ستعمل على زيادة المخزون المائي والحفاظ على المياه الجوفية من الاستنزاف وتعكس ايجابياً على المنطقة
تعتبر الأعلاف اهم العوامل الرئيسية المحددة لنمو الأنتاج الحيواني وتحظى زراعة الأعلاف كغيرها من الأنشطة الزراعية الأخرى التي يقوم بها المزارعين بالرعاية والاهتمام وذلك لتخفيف التكاليف المرتفعة جراء ارتفاع اسعار الأعلاف عالمياً وفي نفس الوقت تقليل الضغط الداعم من قبل موازنة الدولة .
وتكمن اهمية زراعة محاصيل حقلية لانتاج الاعلاف في المملكة على انها تعمل على تقديم الغذاء الامثل للأغنام والمواشي والتي تؤدي الى تقليل التكاليف الانتاجية والمحافظة على سلامة وصحة الحيوان ووقايته من الأمراض وبالتالي تؤدي الى زيادة الانتاجية التي تنعكس ايجابياً على دخل المواطن والوضع الاقتصادي والأجتماعي للمواطنين الذين يربون الاغنام والمواشي .
على الرغم من كل المفاهيم السائدة لدى الكثير من المزارعين والمختصين في مجال الزراعة التي تعبر عن مستقبل غير واضح للقطاع الزراعي بسبب ندرة الموارد المائية ، فأن هذا الامر لا يعني باي شكل من الاشكال ان نقف مكتوفي الايدي اتجاه الخوف من ندرة الموارد المائية بل يجب ان تكون هناك استراتيجية وطنية لزراعة الأعلاف عوضاً عن الكلف الباهضة والمرتفعة التي يتحملها الاقتصاد الوطني بسبب استيراد المواد العلفية من الخارج .
وتساعد الطبيعة المناخية والبيئية للاراضي في الأردن على زراعة الاعلاف حيث يمكن زراعة الأعلاف كالبرسيم في جميع انواع التربة ، الا ان هذا المحصول يحتاج الى كمية كبيرة من المياه وهنا يكمن أهمية استغلال الموارد المائية حسب دراسات علمية متكاملة بغية عمل استراتيجية وطنية جديدة تهدف الى استغلال الاراضي الزراعية في كافة مناطق المملكة وتشجيع المزارعين للتمكن من توفير اكبر قدر ممكن من احتياجات المملكة من الأعلاف .
ان منطقة اقليم الجنوب والبادية والتي تمتاز بمناخ وطبيعة وبيئة مناسبة لزراعة الاعلاف لان التربة مناسبة للزراعة ، ويوجد مناطق رعوية لذلك لا بد من انشاء محميات رعوية في المنطقة بغية المحافظة على الغطاء النباتي وعلى التربة من الانجراف من خلال ادخال وزراعة شجيرات رعوية مناسبة تستطيع العيش والتاقلم مع البيئة الطبيعية في المنطقة مثل القطف والحمض والروث .
ان التركيز على زراعة الأعلاف والمحاصيل الحقلية يتطلب استغلال مياه الأمطار التي تتساقط على المنطقة من خلال تجميعها في سدود ترابية وذلك لري الشجيرات الرعوية النثر الطبيعي وكذلك الاستفادة من المياه التي يتم تجميعها في زراعة البرسيم بالاضافة الى الاستفادة من المياه المعالجة من محطات التنقية او المياه الرمادية وذلك لان محصول البرسيم يحتاج كميات كبيرة من المياه على عكس الكثير من المشروعات الأخرى وهذا يشكل ضغط واستنزاف للمصادر المائية المتاحة ، من هنا لا بد من البحث عن مصادر مائية ضائعة كاستغلال مياه الامطار التي تتبخر ولا يستفاد منها وتجميعها في سدود ترابية وكذلك استخدام المياه المعالجة التي يتم معالجتها من محطات التنقية المتواجدة في المنطقة او المياه الرمادية وذلك بهدف تزويد المملكة بالأعلاف والمحاصيل الحقلية وتحسين المستوى المعيشي لمربي الثروة الحيوانية فضلاً عن نتائج بيئية تقلل من التصحر ومخاطر انجراف التربة وتدهورها بالاضافة الى تحويل الاراضي الجرداء وغير المستغلة الى مساحات خضراء تعود بالنفع على المواطن والاقتصاد الوطني من هنا شدد جلالة الملك عبدالله الثاني على أهمية ان تنعكس مشاريع الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية مباشرة على التنمية الشاملة التي تسهم في تحسين ورفع مستوى المعيشة للمواطن في مختلف مناطق البادية .
وجاءت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بدراسة مشاريع تنموية استثمارية في البادية الشمالية الروشيد تتمثل في انشاء محمية رعوية مروية وزراعة محاصيل حقلية لانتاج الاعلاف تعتمد على مشاريع الحصاد المائي .
ان الحاجة الماسة الى انتاج الأعلاف وخصوصاً البرسيم تحقق جدوى اقتصادية ومعقولة بعد الارتفاعات الكبيرة على اسعار هذه المواد في العالم والذي جعل تكاليف دعمها كبيرة على الاقتصاد الوطني لذلك فأن رؤية برامج عملية تشجع وتساعد المزارعين على زراعة أجزاء من اراضيهم المروية بالمحاصيل العلفية يشكل في هذا الوقت مصلحة وطنية لا بد ان تحقق اذا علمنا ان حاجة الأردن من الاعلاف تبلغ 2.4 مليون طن سنوياً ، يستورد 80% منها من الخارج وهو امر يتطلب وضع استراتيجية وطنية شاملة لزراعة الاعلاف عوضاً عن التكاليف الباهضة التي يتحملها الاقتصاد الوطني وهنا يبرز دور وزارة الزراعة ووزارة المياه والري لاعطاء حوافز عملية للمزارعين للتوجه نحو هذه الزراعات التي تحقق مصلحة كبيرة للامن الغذائي الأردني .
من هنا فان القيام بتنفيذ دراسات جدوى اقتصادية لزراعة البرسيم في الاراضي الصحراوية ومناطق البادية بهدف ايجاد مشروعات انتاجية للمزارعين ومربي المواشي لمساعدتهم على التقليل من كلفة شراء الأعلاف وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لهم وكذلك يعمل على زيادة الرقعة الخضراء في المنطقة وتحويل الاراضي الجرداء وغير المستغلة الى اراضي منتجة تعود بالنفع على الاقتصاد الاردني ونحافظ على الثروة الحيوانية في المملكة.
كما يمكن الاستفادة من تجميع مياة الامطار على شكل سدود ترابية وكذلك محطات المياه المعالجة المتواجدة في المنطقة من خلال تشجيع ابناء المنطقة على انشاء جمعيات زراعية فيما بينهم بهدف استغلال هذه المياه لزراعة الأعلاف في الاراضي المحيطة بالمحطات التابعة لوزارة المياه والري وباسعار زهيدة ورمزية بهدف تطوير المناطق المحيطة بمحطات التنقية والاستفادة من هذه المياه في زراعة الاعلاف والمحاصيل الحقلية وعمل جمعيات تعاونية يمكن ان تساهم في تشغيل بعض العاطلين عن العمل وتساعد على تشغيلهم بالاضافة لتحسين مستوى الدخل لمربي الاغنام والثروة الحيوانية بالاضافة الى تشجير المنطقة وتقليل المناطق المعرضة للتصحر وتقليل مخاطر انجراف التربة وتدهورها ، ومن المتوقع ان تساعد هذه الجمعيات التعاونية الزراعية اى ايجاد وتوفير جميع الطرق والوسائل للمزارعين لمساعدتهم على توفر الأعلاف في اقل التكاليف خصوصاً بعد ارتفاع اسعار الأعلاف عالمياً ونتيجة رفع الدعم جزئياً من قبل الحكومة .