facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

المواجهة والتداعيات بين إيران وإسرائيل

المواجهة والتداعيات بين إيران وإسرائيل
القبة نيوز - بقلم الباحث المختص في الشؤون الاقليمية لافي العمارين 

مع بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية والإيرانية في إقليم لم يعرف الاستقرار، إقليم الشرق الاوسط ساحة الصراعات الاقليمية والدولية بين عدة مشاريع طامعة في الاستحواذ على سلطة الاقليم وبين قوى اقليمية صاعدة، تطل علينا هذه الازمة كترجمة لواقع هذه الاطماع من قبل طرفي الصراع ومن غيرهما، منذ اللحظات الاولى للضربة الإسرائيلية على إيران بدأت المواقف الدولية تتوالى في صورها المتباينة بين إدانة وشجب واستنكار ومؤيد وداعم، الا انه مع امتداد الفترة الزمنية لضربات العسكرية المتبادلة، تذهب المؤشرات الى ان المعركة تتحول الى حرب ممتدة زمنياً، على عكس ما يضن البعض بأن المعركة تتوقف مع تحقيق أهدافها 

بدأت المواقف مع التأييد الامريكي لهذه الضربات والتي تمثل ورقة ضغط لها فيما عادت إيران الى طاولة المفاوضات، بالإضافة الى ان الولايات المتحدة الامريكية تنظر الى هذه الضربة على انها تهز الكيان الايراني الذي يمثل مدخل استراتيجي للصين وروسيا، وبذات الوقت ترى في ايران عامل توازن لعدة قوى اقليمية منافسة لاسرائيل في الاقليم، وبالتالي سنرى مواقف امريكية متباينة تبعا لتطورات الحالة، وفي مضمون المواقف الاوروبية يبرز الدعم والتأييد من خلال تصريحات الرئيس ماكرون بالاستعداد للدفاع عن إسرائيل، رغم جهود الاتصالات مع ملوك وزعماء الاقليم للحد من اتساع رقعة المواجهة، فيما أعلنت بريطانيا ارسالها قطع بحرية للدفاع عن إسرائيل في صورة دعم مباشر لاعتداء اسرائيل على سيادة إيران 

بالنسبة لمواقف الدول العربية والاسلامية، فجل المواقف اتسمت بالاستنكار وشجب ما قامت به إسرائيل من اعتداء على السيادة الايرانية، بغض النظر عن تباين العلاقات بين هذه الدول وايران، فموقف باكستان وتركيا منسجماً مع مواقف الدول العربية الفاعلة في الاقليم من حيث المبدأ، اما بالنسبة لروسيا فموقفها لم يكن على قدر ما تنتظره ايران فلم يتجاوز الاستنكار والشجب وكذلك الصين، وهو ما يتم تداوله اعلامياً في ايران 

اما على صعيد التداعيات فهي بالتأكيد تنبعث مع تقدم المعركة زمنيا، وتطورات الاحداث على مستوى حجم الضربات وتغيير الاهداف، فإسرائيل اعلنت هدفها المعلن تدمير البرنامج النووي الايراني والصاروخي، الا انه مع تقدم الوقت ومع خروج ايران من صدمة الضربة الاستباقية برهنت ولو نسبياً على قدرتها للوصول الى اهداف داخل إسرائيل مع تفاوت حجم التأثير لهذا الرد، ومع تطورات الهجوم والرد وتبدل المعطيات حسب تحقيق بعض الاهداف، نلحظ نشوة ايرانية في الوصول الى قلب اسرائيل في وقت منح تحييد الدفاع الجوي الايراني اسرائيل الحرية في اختيار الاهداف وتدميرها، وبالتالي بدأت إسرائيل تلوح ضمنياً الى تغيير النظام في ايران في حال لم تتمكن من تدمير البرنامج النووي كليا، مما يعني ان حدث ذلك فسيكون حجم الفوضى اوسع جغرافيا وديمغرافيا بالنسبة للدول الاقليم

أهم الاخطار المباشرة على دول وشعوب المنطقة حال فقدان السيطرة على أمن المنشآت النووية في ايران واسرائيل، فرغم التأكيدات على عدم وجود تسرب لإشعاعات نووية في مفاعلات ايران الا انها ليست بمأمن من الغارات الجوية، كما ان مفاعل ديمونة جنوب الاراضي المحتلة ليست ببعيد عن الضربات الصاروخية الايرانية، يلي هذا الخطر تطورات الاهداف الاسرائيلية وامتدادها الى منشآت نفطية ايرانية تسهم في سلاسل التوريد للصين وغيرها من الدول الخارجة عن العقوبات الامريكية، مما يسهم في تزايد ارتفاع اسعار النفط عالمياً، وبالتالي زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي نسبياً، وقد يدفع ذلك الصين الى اتخاذ مواقف متشددة تجاه الازمة لصالح ايران 

يدخل العراق مبكراً على خط الازمة من خلال تقديمة شكوى لمجلس الامن ضد اختراق اسرائيل لأجوائه واستخدامها مجال جوي في ضرب ايران، مما يحفز اذرع ايران على الارض من الفصائل المسلحة بالقيام بنشاطات عسكرية ضد اسرائيل والقواعد الامريكية، يخلق ذريعة التدخل الامريكي المباشر، ومع توالي الضربات المؤثرة على ايران وفقدان عدة مصادر للقوة اصبحت تهدد بإغلاق مضيق هرمز امام الحركة الملاحية الدولية، مما يعني جر دول الخليج الى ساحة الحرب دفاعا عن تأمين طرق تصدير النفط بالإضافة الى توحيد المواقف الدولية ضد ايران، يضاف الى ذلك بأن امتداد أمد الازمة يخلق حالة من الاصطفاف الاقليمي والدولي والذي بدورة يغير من مفهوم التوازن الاقليمي وادخال اطراف اقليمية فاعلة على خط الازمة 

حال فشل اسرائيل في تحقيق هدفها في تدمير البرنامج النووي يحفز ذلك الكثير من دول الاقليم في التفكير الجدي بامتلاك سلاح نووي في ظل امتلاك هذه الدول القدرة على توفير البنية التحتية والمالية لمثل هكذا مشروع، مع الاخذ بعين الاعتبار فقدان القانون الدولي والامم المتحدة القدرة على منع هذه الدول من امتلاك سلاح نووي بالتوازي مع التعامل المزدوج بهذا الشأن، اكتسبت هذه الحرب الصفة التكنولوجية المتطورة والاستخدام الفضائي لأدواتها ويمكن ان نطلق عليها الحرب الجوية، مما يجعلها ضمن وصف الحرب الاستراتيجية بكل معنى، وهو ما يسهم في تفكير الكثير من الدول من تغيير برامج التسلح لديها والعمل على تطويرها، والذي ينعكس بحالة سباق التسلح بين دول الاقليم ورفع درجة العدائية 

بكل الاحوال بالنسبة للدول العربية فأن هذه الحرب تصرف النظر عن قضية الامة، القضية الفلسطينية التي تمثل قبلة المسلمين، لابل تسهم اطراف الصراع في تفريغ المحتوى الذي تجتمع علية الامه، وبالتالي لا يهم إيران وإسرائيل ان كانت مكتسبات الحرب على حساب الدول الاقليمية العربية فالهدف الاسمى بالنسبة لهم المشروع الفارسي والصهيوني على حساب الامة



تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير