facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

نضال انور المجالي يكتب …مفارقة الماء: بين رغد "المُفلتر" ومرارة "الطين والهواء "

نضال انور المجالي يكتب …مفارقة الماء: بين رغد المُفلتر ومرارة الطين والهواء
 

​تتجسّد في أزمة المياه التي يعيشها الكثير من مجتمعاتنا مفارقة صارخة، ترسم خطوط التفاوت الطبقي والاجتماعي بجلاء، ليس فقط في مستوى المعيشة، بل في أبسط حقوق الوجود: الحق في ماء نظيف ومستدام. يتحدث المواطن العادي بمرارة عن واقع يضطره، مجازاً أو حقيقةً، إلى "شرب الماء بالطين"، بينما ينعم غيره بـ "مياه مُفلترة" تُشترى بمال، في تناقض يبلغ ذروته حينما تصبح "المياه تُعد بالهواء" – في إشارة إلى قلة ساعات التزويد لدرجة أن الهواء يجري في الأنابيب أكثر من الماء.

​ فجوة الجودة والتوفّر: نقد لاذع
​إن النقد الموجه في هذه المقارنة لا يطال قطاع المياه فحسب، بل هو نقد للعدالة الاجتماعية في توزيع مورد حيوي.
​المواطن يشرب "الماء بالطين": هذه العبارة الرمزية تعكس ضعف البنية التحتية في بعض المناطق، وربما رداءة التخزين، أو التذبذب في جودة المياه الواصلة إلى منازلهم. يُضطر هذا المواطن لتحمّل المخاطر الصحية أو البحث عن حلول بدائية ومكلفة لتنقية ماء صنبوره، متحولاً من مستهلك إلى مُفلتر اضطراري لضروريات الحياة.

​المواطن يشرب "الهواء ساعة المياه تُعد الهواء": هذه الصورة البلاغية تصف ببراعة أزمة التزويد المتقطّع (إن توفرت)، حيث تصبح كمية الماء نادرة ومحدودة لدرجة أن المواطن يقضي معظم وقته في انتظارها، في حين أن الأنابيب فارغة. هذه المعضلة تؤدي إلى ارتفاع تكاليف التخزين المنزلي واستنزاف الوقت والجهد.
​المواطن يشرب "مياهاً مُفلترة": على الجانب الآخر، يقف المواطن الميسور، الذي يحل مشكلة ندرة المياه أو رداءة جودتها عبر شراء المياه المعبأة أو تركيب فلاتر متقدمة ومكلفة. هذا الحل، وإن كان صحياً للفرد، فإنه يرسّخ مبدأ أن جودة الحياة مرتبطة بالقدرة المالية، حتى في حق الماء. إنه يجسد فشل النظام في توفير خدمة أساسية متكافئة للجميع.

​ رسالة النقد: العدالة في كل قطرة
​إن وجود هذا التباين الشديد في أبسط الحقوق يطرح تساؤلات جدية حول أولويات التنمية والتوزيع العادل للموارد:
​المساءلة عن البنية التحتية: هل المشاريع المائية الكبرى تنعكس بشكل فوري وعادل على جميع الشرائح والمناطق؟ يجب أن تتجاوز الإنجازات المعلنة نسبة الجودة العامة لتلامس واقع المواطن الأقل حظاً.

​أولوية التوزيع: يجب أن يضمن مبدأ التوزيع العادل وصول المياه بكميات كافية وبجودة مضمونة للجميع، بحيث لا يضطر أي مواطن لشراء حاجته الأساسية بأسعار باهظة أو شرب ما يخشى على صحته منه.

​الأمن المائي الشامل: لا يكفي أن تكون جودة المياه جيدة في المصدر، بل يجب أن تمتد الجودة لتشمل شبكات التوزيع والتخزين حتى وصولها إلى الكأس.

​إن الفجوة بين من "يشرب الطين" ومن يتمتع بـ "المُفلتر" ليست مجرد مسألة رفاهية؛ إنها إشارة إلى وجود تحدٍ عميق في تحقيق العدالة الاجتماعية. الحل لا يكمن في ترك المواطن يدفع ثمن التقصير بماله وصحته، بل في استثمار حقيقي يضمن أن كل قطرة ماء تصل إلى كل مواطن في الوطن تحمل معها الأمان والجودة، دون تمييز أو تفرقة
حفظ الله الاردن والهاشمين

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير