facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

نضال انور المجالي يكتب :​5000 دينار لكل عضة... أو كيف تُصبح "الكلاب الضالة" صناديق ادخار !

نضال انور المجالي يكتب :​5000 دينار لكل عضة... أو كيف تُصبح الكلاب الضالة صناديق ادخار !

بقلم - الكاتب نضال انور المجالي 

​تداول الناس على محمل الجد، أو ربما على محمل الهستيريا الضاحكة، خبر مقترح تشريع تقدم به النائب "أبو رمان" (وفقه الله لخدمة الأمة) ينص على صرف 5000 دينار لكل مواطن تسعفه الأقدار، أو لنقل يخذله الحظ، ليتلقى "عضّة" كريمة من كلب ضال.

​وللحقيقة، لقد أحدث هذا الخبر هزة في المجتمع، لكنها ليست هزة خوف من الكلاب، بل هزة من نوع جديد... هزة "التخطيط المالي". فبين ليلة وضحاها، تحولت قضية الكلاب الضالة من مشكلة بيئية وصحية وأمنية، إلى "مشروع استثماري وطني" بامتياز!
​استراتيجيات "التعقير" الجديدة

​تخيل المشهد: المواطنون الذين كانوا يهرولون هربًا من كلب حنون، أصبحوا اليوم يمشون ببطء شديد في الأحياء الموبوءة، متأملين وجوه الكلاب، ربما يتهامسون معها: "يا صديقي، خمسة آلاف دينار ثمن عضة صغيرة منك، لنؤمن مستقبل العائلة!". قد تظهر شركات تأمين جديدة تقدم بوليصات "مغامرات العقر"، وستُنشأ "أكاديميات العض" لتعليم الناس فنون الاقتراب من الكلاب بطريقة "استفزازية" لكنها "غير مؤذية جدًا" لضمان صرف المبلغ كاملاً.

​الحلول الجذرية تتحول إلى "مشاريع انتظار"

​النائب الكريم، بمقترحه هذا، قفز قفزة بهلوانية فوق كل الحلول المنطقية: برامج التعقيم، المأوى الآمن، الحملات التوعوية، وتطبيق قانون الرفق بالحيوان بجدية. بدلاً من أن نعالج المشكلة من جذورها، اقترح علينا أن "ندفع ثمن فشلنا" بخمسة آلاف دينار عن كل حالة فشل. هذا أشبه بأن تُغرق سفينة، وبدلاً من أن تُصلح الثقب، تقترح على كل راكب أن تعطيه قارب نجاة "ذهبي اللون" بعدما كاد يغرق!

​السؤال هنا: لماذا 5000 دينار؟ لماذا لا تكون 10000؟ أو ربما "بيت وسيارة" لمن يعقره "جرو" صغير؟ الواضح أننا نخلط الأوراق بين التعويض عن الضرر، وبين منح "مكافآت نهاية خدمة" عن التزامنا بالعيش في بيئة مليئة بالكلاب الضالة.

​الكلبُ الضالُ... والكلبُ الأليفُ

​المقترح يثير أيضاً نقطة حساسة: ماذا عن الكلب الأليف؟ لو عضّ كلب "منزلي" جاره، هل يحصل المعقور على الـ 5000 دينار من جيبه الخاص أم من ميزانية الدولة؟ وهل سيضطر مالكو الكلاب الآن إلى تسجيل كلابهم في "نقابة الكلاب الضالة الشرفية" للتهرب من المسؤولية؟

​في الختام، قد يكون المقترح ساخراً بحد ذاته، وقد يكون مجرد "بالون اختبار" لكسب الشهرة الإعلامية، لكنه يسلط الضوء على آفة تشريعية ننتقدها دائماً: البحث عن الحلول الترقيعية المكلفة بدلاً من إيجاد الحلول الجذرية المستدامة.

​إن كانت الحكومة تستطيع تخصيص ميزانية ضخمة للتعويض عن عضات الكلاب، فمن باب أولى أن تخصص جزءاً بسيطاً منها لإنهاء المشكلة من أساسها. عندها فقط، سيعود الكلب الضال إلى حجمه الطبيعي: حيوان يجب التعامل معه بمسؤولية، وليس "صندوق زكاة" متنقلاً.

​ونتمنى على النائب الفاضل، قبل أن يقترح تعويضات للعضات، أن يقترح حلولاً للمسببات. فالناس لا تريد 5000 دينار لتأمين علاج جرح، بل تريد أن تمشي في شوارع آمنة دون خوف.

حفظ الله الاردن والهاشمين

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير