الملقي يوجه صفعة للرأي العام الشعبي والنيابي..الرصيفة أطاحت بالعزايزة...و " أوبر وكريم " بالصعوب
من الصعب جدا أن نقدم قراءة ذات قيمة لهذا التعديل الحكومي الذي شهدته حكومة د. هاني الملقي وذلك لسبب بسيط جدا وهو أن هذا التعديل لم يخضع لأي منطق، وإنما خضع فقط لتقلبات مزاج الرئيس. تلك هي قناعتي، ولكني وعلى الرغم من ذلك، فإني أرى بأن محاولة تهجي "الرسائل المزاجية" التي حاول الرئيس أن يبرق إلى جهات شتى من خلال هذا التعديل الأخير، بأن محاولة تهجي تلك الرسائل قد لا يكون بالجهد الضائع، ولا بالأمر العبثي تعديلٌ يبارك تعديلاً
فالمتابع لمشهد التعديل الحكومي الذي قام به رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي على حكومته ظهر اليوم والذي تمخض عنه خروج 3 وزراء فقط ، يدرك بأنه تعديل غلب عليه طابع الفتور ، والطابع غير المقنع للمشهد السياسي الذي اتصف ببرودة التعديل الحكومي الذي لم يكن مقنعاً على الصعيد الشعبي .لعدم أثره على أي من القضايا التي شغلت الرأي العام مؤخراً حتى نستطيع إقناع أنفسنا بمبررات لهذا التعديل الذي غلب عليه مشهد الفوضى في قراءة المشهد .
وهو على عكس ما ذهبت إليه بعض القراءات حول احتمال إجراء تعديل حكومي موسع يشمل على الأقل 10 حقائب وزارية ، فان هذا التعديل كان مفاجئاً ، ولم يكن متوقعاً ، حيث مس وزراء كانوا على قدر من المسؤولية في تنفيذ واحتواء الكثير من الاحتقانات التي واجهت الكثير من القطاعات التي تعمل تحت مظلة وزارتهم .
كما اثبت التعديل الحكومي الهش الذي قام به د. هاني الملقي بأنه ليس هناك وزراء خصوم إليه ، فالخصوم والأجنحة المتصارعة التي تحدثت عنها الكثير من وسائل الإعلام لم تكن موجودة الا على صفحات الجرائد و المواقع الالكترونية .
فقد بث الملقي عبر تعديله الوزاري على حكومته رسائل تمحورت حول عدم وجود اية خلافات وراضي كل الرضا عن الوزير الأول المقرب له وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور ممدوح العبادي / وبأنه ماضي في توجيه الصفعات القوية ، ففي هذا التعديل الوزاري وجه الملقي صفعة قوية للرأي العام والشارع الأردني الذي اظهر استياءً كبيراً يوم أمس من تعيين نسيب العبادي ، الوزير السابق رامي الوريكات سفيرا في البحرين
واما الصفعة الثانية التي وجها الملقي للرأي العام الأردني بقاء وزيرة السياحة والآثار لينا عناب التي أثارت يوم امس جدلاً واسعاً بدفاعها عن مشروع ليلى الذي واجه ردود فعل شعبية ونيابية معارضة لإقامة هذا المهرجان ،خاصة دفاع الوزيرة المستميت عن أصالة هذه الفرقة وحديثها عن عدم وجود الا مخنث واحد ، وكادت ان تتفجر ازمة حقيقية لولا تدخل وزير الداخلية غالب الزعبي الذي كان يقظاً حتى بادر إلى تدمير قرار موافقة وزارة السياحة بدخول الفرقة ، واثبت مرة أخرى انه حارس وطن بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى .
وفيها يتعلق بالوزراء الذين خرجوا بالتعديل الحكومي ، فشخص مثل وجيه عزايزة وزير التنمية الاجتماعية كان لابد من إبعاده بسبب فشله في إدارة الملفات الحساسة التي كانت في عهدة وزارته ، ومما عجل في رحيله كان الزيارة المفاجئة الأخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني لمركز التأهيل والتشغيل المهني للمعاقين في الرصيفة ، حيث اظهر جلالته استياء جداً حول ما هو موجود في داخل المركز والذي اظهر وجود عدم اهتمام ورعاية مستمرة لهذا المركز والمراكز المماثلة له ، فالتقصير والإهمال الذي وجده الملك في داخل المركز ترك في نفس جلالته الألم ، وهو ما شكل تجاوز صارخ على كرامة الإنسان التي هي بالنسبة لجلالته خط احمر وفوق كل اعتبار ، وهو الأمر الذي تم وضع العزايزة في راس قائمة الوزراء الذين لابد من خروجهم من الحكومة ، وهو ما حدث فعلاً .
واما الوزير الذي شكل مفاجئة بخروجه من الوزارة هو وزير النقل حسين الصعوب ، الذي استطاع منذ استلامه الوزارة احتواء كافة الملفات العالقة وعلى رأسها ملف " اوبر وكريم " الذي عجزت حكومات سابقة ، ونواب واعيان في الكشف عن مالكي هذا المشروع ، وكيف يدار ، وكيف يعمل بلا ترخيص ، ومما يؤكد وفق تصريحات مسربة بأن هذا الملف " أوبر وكريم " ومن يقف خلفه هو من عجل بالإطاحة بالصعوب خاصة بعد تصريحه بعدم وجود مهلة نهائية لهذا المشروع حتى يتم ترخيصه ، فكانت اقصر الطرق هو الإطاحة بالصعوب وهو ما سيمكنها من الاستمرارية بالعمل دون ترخيص ، البدء ببحث ملفها من جديد في ظل استقطاب وزير جديد للنقل .
وفيما يتعلق بوزير الطاقة إبراهيم سيف ، فقد أكدت وتؤكد مصادر متطابقة بان أداء الوزير كان مقنعاً وجيداً ولم يتم الإطاحة به لقصوره في العمل ، بل تم تكليفه برئاسة هيئة الاستثمار التي هي بحاجة إلى شخصية تستطيع إدارة الملفات الاستثمارية وهو ما يمتلكه الوزير إبراهيم سيف .
بالنهاية يستبعد البعض أن يكون التعديل الحالي هو الأخير، وإنما هو بداية لتعديل أشمل بعد الانتخابات اللامركزية والبلدية ربما يأتي بوجوه سياسية جديدة قادرة على مواجهة ما ستحمله الساحة السياسية في المستقبل، لكن في بعض الأحيان أتمنى أن يتم استيراد وزراء من السويد أو من النمسا مثلا،وذلك لاعتقادي بأن أولئك الوزراء سيكونون أكثر خدمة وأشد رأفة بالمواطنالاردني من بعض الوزراء عديمي الكفاءة كهؤلاء الذين يتعاقبون علينا مع كل تعديل حكومي، أو مع كل إعلان لحكومة جديدة. جمال حداد