تحديات وأزمات تواجه شركات التكنولوجيا في 2024
القبة نيوز - تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "ميتا"، ومنصة "إكس"، و"آبل"، و"أمازون"، و"ألفا بيت" (غوغل)، و"بايت دانس" (تيك توك)، تحديات متعددة بسبب القوانين الجديدة التي تطبقها الولايات المتحدة وأوروبا.
هذه التشريعات تهدف إلى تنظيم عمل هذه الشركات، وضمان تشغيلها بطريقة أكثر شفافية ومسؤولية.
تم تصنيف هذه الشركات على أنها حراس بوابة الإنترنت، ويجب أن تواجه مستوى أعلى من التدقيق بموجب القوانين الجديدة؛ هذه القوانين يجب أن ترقى إلى قائمة ما يجب وما لا يجب فعله، والتي تسعى إلى منع عمالقة التكنولوجيا من محاصرة الأسواق الرقمية الجديدة، مع التهديد بفرض غرامات ضخمة أو حتى احتمال تفكيك الشركة.
هذا ما يؤكده أستاذ علم الحاسوب وخبير تكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي، الدكتور حسين العمري، والذي يشير في تحليل خص به موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن "الأزمات التي قد تواجهها شركات التكنولوجيا، كغوغل وميتا ومنصة إكس ومايكروسوفت، عقب البدء في تطبيق قوانين من قبل الولايات المتحدة وأوروبا تحجّم دور هذه المؤسسات ومنصاتها وفرض عقوبات حال عدم الانصياع للقانون".
تبلغ الغرامات بالمليارات على هذه الشركات، ولكنها لا تسدد؛ هناك قضايا عالقة على ميتا وأمازون وألفابيت وآبل بالمليارات وكلها تمر باستئناف الأحكام والاعتراض عليها في المحاكم الأوروبية والأميركية وهذا يشكل تحديا للقوانين.
وفي كثير من الأحيان يتم تخفيف هذه الأحكام أو إلغاؤها.
والعلمية طويلة جدا في أوروبا؛ أما في أمريكا، فالغرامات لا تؤثر كثيرا على الشركات الغنية.
أزمات واسعة
ويشرح العمري بعض الأزمات التي قد تواجه هذه الشركات تشمل:
- القيود على جمع البيانات واستخدامها: القوانين الجديدة قد تحد من قدرة هذه الشركات على جمع واستخدام بيانات المستخدمين، مما يؤثر على نماذج أعمالها التي تعتمد بشكل كبير على الإعلانات الموجهة.
- فرض الغرامات والعقوبات: في حال عدم الالتزام بالقوانين الجديدة، قد تواجه هذه الشركات غرامات كبيرة، مما يمكن أن يكون لذلك تأثير مالي ملحوظ.
- تغيير في السياسات الداخلية : قد تضطر هذه الشركات لإجراء تغييرات جذرية في سياساتها وعملياتها للتوافق مع القوانين الجديدة، مما يتطلب موارد ووقت إضافيين.
- تأثير على الابتكار والتطوير: القيود التنظيمية قد تحد من قدرة هذه الشركات على الابتكار وتطوير منتجات جديدة، خصوصًا إذا كانت هذه المنتجات تعتمد على تحليل واستخدام البيانات بطرق معقدة.
- التأثير على الثقة وسمعة الشركة: الامتثال للقوانين يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على سمعة الشركة وثقة المستخدمين، بينما يمكن أن يؤدي العدم الامتثال إلى تداعيات سلبية.
- التعامل مع قوانين مختلفة عبر الدول: نظرًا لأن هذه الشركات تعمل على مستوى عالمي، فإنها تحتاج إلى التعامل مع قوانين متنوعة ومختلفة في كل بلد، مما يضيف تعقيدًا إلى عملياتها.
هذه التحديات تتطلب من شركات التكنولوجيا الكبرى التكيف والتحول لضمان استمراريتها ونجاحها في بيئة تنظيمية متغيرة.
وفيما يخص الإجراءات المتخذة من جانب الولايات المتحدة، يشدد على أن قرار الولايات المتحدة وأوروبا بتطبيق لوائح تنظيمية صارمة على الشركات التكنولوجية في هذا التوقيت يعكس عدة عوامل:
- رد فعل على نموذج السوق الأميركي: في الولايات المتحدة، كان النموذج التنظيمي المدفوع بالسوق ناجحًا في البداية، لكنه أدى إلى نمو شركات تكنولوجية عملاقة، والتي أصبحت مؤثرة جدًا على الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية؛ وقد أثار هذا قلق القادة السياسيين حيث استمرت هذه المنصات في إساءة استخدام سلطتها في السوق، انتهاك خصوصية المستخدمين، ونشر خطاب الكراهية، التضليل، ومحتوى ضار آخر؛ ونتيجة لذلك، ظهرت حركة مضادة للحد من هذه الشركات.
- نهج الحقوق الأوروبي: الاتحاد الأوروبي، من جهته، لم يكن معروفًا بتطوير التقنيات الرقمية الرائدة، ولكنه كان رائدًا في إنتاج اللوائح التنظيمية التي تحكم هذه التقنيات؛ الاتحاد الأوروبي له تأثير دولي كبير من خلال لوائحه الرقمية مثل GDPR، التي انتشرت حول العالم وأدت إلى تغيير ممارسات الأعمال العالمية لشركات التكنولوجيا الكبرى؛ كما أن الاتحاد الأوروبي يعد رائدًا في تنظيم الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يؤثر هذا التنظيم أيضًا على مستوى عالمي.
تحول عالمي
هذه العوامل تعكس تحولًا عالميًا نحو توجه أكثر صرامة في تنظيم الشركات التكنولوجية، بهدف حماية حقوق المستخدمين، ضمان المنافسة العادلة، والحد من الأثر السلبي لهذه الشركات على المجتمع والسياسة.
ويلفت إلى أنه على مدار السنوات الماضية، لوحظ أن العديد من الحكومات حول العالم بدأت تتبنى نماذج تنظيمية مشابهة لتلك المستخدمة في الولايات المتحدة وأوروبا بخصوص تنظيم الشركات التكنولوجية.
- تحول عن النموذج الأميركي: الولايات المتحدة كانت تروج لأجندة حرية الإنترنت في الخارج، داعية الدول لتبني نموذجها التنظيمي المدفوع بالسوق؛ ومع ذلك، خلال العقد الماضي، تراجع هذا النهج مع زيادة اللوائح التنظيمية والرقابة على الإنترنت في جميع أنحاء العالم؛ وقد أدى ذلك إلى ظهور حركة مضادة لتقييد هذه الشركات، حيث بدأت الحكومات الأجنبية في السعي لإلغاء الترتيبات الخاصة التي خلقتها هذه العمالقة التكنولوجية تحت مظلة أجندة حرية الإنترنت الأميركية.
- تأثير الاتحاد الأوروبي: الاتحاد، وعلى الرغم من أنه ليس معروفًا بتطوير التكنولوجيات الرقمية الرائدة، إلا أنه معروف بإنتاج لوائح تنظم تلك التكنولوجيات؛ وله تأثير دولي كبير من خلال لوائحه الرقمية التي انتشرت حول العالم، عبر قوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، يشكل الاتحاد الأوروبي ممارسات الأعمال العالمية لشركات التكنولوجيا الكبرى، التي غالبًا ما تمتد هذه اللوائح الأوروبية عبر عملياتها التجارية العالمية في محاولة لتوحيد منتجاتها وخدماتها عالميًا - ظاهرة تعرف بـ "تأثير بروكسل".
نتيجة لذلك، من المحتمل أن تواصل الدول الأخرى حول العالم تبني هذه النماذج التنظيمية، خاصةً مع التوجه نحو تعزيز الحماية الرقمية وتنظيم الشركات التكنولوجية بطريقة تحمي حقوق المستخدمين وتضمن المنافسة العادلة.
كيفية التغلب على التحديات
ورداً على سؤال حول كيفية تغلب هذه الشركات على هذه الأزمات، أفاد أستاذ علم الحاسوب وخبير تكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي، بأنه للتغلب على الأزمات التي تواجهها جراء التنظيمات الجديدة، يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى، مثل غوغل وميتا ومنصة إكس ومايكروسوفت، اتباع عدة استراتيجيات:
- الامتثال والتكيف مع اللوائح: الشركات بحاجة إلى الامتثال للقوانين والتنظيمات الجديدة من خلال تغيير سياساتها وممارساتها؛ هذا يشمل تحديث سياسات الخصوصية، تحسين طرق جمع ومعالجة البيانات، وضمان الشفافية مع المستخدمين.
- تعزيز الأمن السيبراني: تحسين الإجراءات الأمنية لحماية بيانات المستخدمين وتجنب الغرامات والعقوبات الناجمة عن اختراقات البيانات.
- الابتكار داخل القيود التنظيمية: تحفيز الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة تتوافق مع اللوائح التنظيمية الجديدة.
- التركيز على الأسواق الناشئة: التوسع في أسواق جديدة قد يكون أقل تقييدًا من حيث التنظيمات.
- تحسين العلاقات مع الحكومات والجهات التنظيمية: تعزيز التواصل والتعاون مع الجهات التنظيمية والحكومات لضمان فهم أفضل لمتطلباتهم وتوجيهاتهم.
- تنويع مصادر الدخل: البحث عن مصادر دخل بديلة خارج النماذج التجارية التقليدية التي قد تتأثر بالتنظيمات الجديدة.
- تعزيز الثقة والمصداقية مع المستخدمين: العمل على تحسين الثقة مع المستخدمين من خلال إظهار الالتزام بحماية خصوصيتهم وبياناتهم.
- الاستثمار في التكنولوجيات الناشئة: الاستثمار في تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا بلوك تشين التي يمكن أن توفر حلولاً جديدة وفعالة تتماشى مع اللوائح الجديدة.
من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى أن تتجاوز الأزمات التي تواجهها وتواصل النمو في بيئة تنظيمية متغيرة.
سمعة شركات التكنولوجيا
مارغاريدا سيلفا، الباحثة في المنظمة غير الحكومية الهولندية، "مركز أبحاث الشركات المتعددة الجنسيات" قالت إن سمعة شركات التكنولوجيا ارتبطت دائما بالمشاكل التنظيمية.
وترى أن "عدم دفع الغرامات يتناسب مع الطريقة التي رأينا بها شركات التكنولوجيا الكبرى تتحدى إلى حد كبير أي تطبيق للقواعد ضدها".
وأضافت "حتى لو خسرت الشركة في نهاية المطاف، فإنها بحلول هذه المرحلة ستكون قد جرّت الإدارة إلى الإنفاق لسنوات".
وأوضحت سيلفا أن هذا ما يميز قطاع التكنولوجيا عن قطاعات أخرى مثل التمويل، حيث لا يزال هناك حافز للدفع بهدف طمأنة الجمهور والمستثمرين.
أزمات أخرى محتملة
هذا ما أكده أيضاً أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، وقال إنه مع تطبيق هذه القوانين سوف تظهر أزمات سياسية في عدة أشكال، على سبيل المثال جميعات حقوق الإنسان ستقوم بانتقاد هذه القوانين، كما أن الدول التي تقف في صف هذه الشركات ستأخذ موقفًا معادياً لهذه القوانين، وهذا ما سيتبعه حالة من المناكفات بين كل الأطراف.
وتوقع الناطور أن يرتفع معدل الدعاوى القضائية بين مستخدمي هذه التطبيقات سواء كانت جميعات أو حتى جهات حكومية والدول المتبنية لهذه القوانين، خصوصًا وأن هذه التكنولوجيا أصبحت عنصراً رئيسيًا في حياتنا جميعًا سواء كانت مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى الذكاء الاصطناعي، وبالتالي ستكون هناك تعويضات تدفع في نهاية الأمر من طرف إلى الأخر.
وأضح أن هذه القوانين ستشعل أيضًا المنافسة بين كل الشركات التكنولوجية الراغبة في اقتناص حصة أكبر من السوق، ضاربًا المثل بأنه قد يتم تقسيم غوغل إلى عدة شركات صغيرة. كما لفت إلى أن حدة هذه الأزمة ستختلف من شركة إلى أخرى وذلك بناء على حجم السوق الأوروبية والأميركية في قائمة عملاء هذه الشركات، خصوصًا وأن هناك شركات لا يمثل السوق الأميركية والأوروبية حجمًا كبيرًا من عملائها.
واستطرد: هذه الشركات بالفعل تطور حاليًا خططًا للتكيف مع هذه القوانين، فضلًا عن سعيها إلى التعاون مع الجهات الحكومية المطبقة لهذه القوانين حتى تكون عادلة وفعالة.
كما توقع الناطور أن تجبر هذه الإجراءات التنظمية شركات كبرى مثل غوغل وأبل على منح المستخدمين مزيد من التحكم في بيناتهم، فضلًا عن ضبط محتوى الإنترنت بفرض قيود على المحتوى المثير للجدل أو الإشاعات، مستدلاً بقانون الخدمات الرقمية في أوروبا الذي أجبر ميتا على إزالة المحتوى المثير للجدل، لافتًا إلى أن هذه الإجراءات قد تضيف مزيدًا من الأعباء على الشركات التكنولوجية.
وواصل: "على سبيل المثال قانون مكافحة الاحتكار الأوروبي أجبر "أبل" على إعادة تصميم تطبيقاتها هذا ما سيكبد الشركة تكاليف أكبر لجعلها تتوافق مع المعايير".
استعداد للأزمات
وفي إطار ما سبق، أوضح خبير تكنولوجيا المعلومات العضو المنتدب لشركة "آي دي تي" للاستشارات والنظم، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الولايات المتحدة وأوروبا منذ فترة ليست بالقليلة، سنت مجموعة من القوانين تحد من تأثير هذه الشركات على الجمهور بأي شكل كان، ضاربًا المثل بشركة "ميكروسوفت"، فعندما شعرت الولايات المتحدة أن هذه الشركة أصبحت محتكرة لقطاعها التكنولوجي بشكل واضح، قام النظام القضائي هناك بملاحقتها.
وتابع: "نجم عن ذلك انقسام شركة "ميكروسوفت" إلى عدة شركات وهو ما يظهر مدى استعداد هذه الشركات لأي طارىء في الدول التي تعمل بها"، متوقعًا أنه حال إقبال أميركا وأوروبا على تفعيل هذه القوانين بشكل أوسع سيتقلص حجم نشاط هذه الشركات بشكل واضح، وهذا ما سينعكس على نتائج أعمال هذه الشركات خلال 2024.
ويشدد سعيد أن هذه القوانين هدفها الأساسي تحسين جودة البيانات المتداولة بين رواد هذه المواقع، لكنها في نفس الوقت لن تقضي على المحتوى الكاذب أو سيطرة هذه الشركات بتطبيقاتها التي أصبحت تمتلك شعبية قوية بين دول العالم بل وتؤثر في الرأي العام العالمي.