هل تواصل أسهم التكنولوجيا الزخم في 2024؟
القبة نيوز - واصلت أسهم قطاع التكنولوجيا التحوّل الواسع الذي تشهده خلال العام 2023، وذلك بدعمٍ من الطفرة التي تحققها شركات الذكاء الاصطناعي بشكل لافت، وفي ظل المنافسة المحمومة بين الشركات على تطوير تقنيات وتطبيقات جديدة.. فهل تستطيع أسهم التكنولوجيا مواصلة الزخم في العام الجديد 2024؟
تتوقف التوقعات المرتبطة بأداء القطاع -الذي حققت شركاته نتائج أعمال إيجابية في 2023 إلى حد كبير- على عديد من العوامل الرئيسية؛ من بينها العوامل المتعلقة بالشركات نفسها وطبيعة التطورات التي يشهدها القطاع والمنافسة فيه، علاوة على العوامل الخارجية ذات الصلة بالإجراءات التنظيمية وكذلك العوامل ذات الارتباط بالتطورات الاقتصادية العامة، في الوقت الذي تعتقد فيه الأسواق بأن العام المقبل سوف يشكل نقطة تحوّل فيما يتعلق بالسياسات النقدية. وذلك بخلاف أثر العوامل الجيوسياسية المؤثرة بدورها على تلك السياسات.
تنظر الأسواق بمزيدٍ من التفاؤل إلى الأداء المستقبلي لأسهم التكنولوجيا في العام المقبل. وبعد الطفرة التي شهدتها في 2023، ففي النصف الأول فقط من العام حقق مؤشر ناسداك مكاسب بنسبة 40 بالمئة، كذلك حقق ستاندرد آند بورزمكاسب نصف سنوية بنسبة 16.2 بالمئة.
وكان قطاع التكنولوجيا قد شهد تصحيحاً قوياً منذ نهاية العام 2021، كما شهد مؤشر ناسداك انخفاضاً لافتاً في العام 2022 ومن ثم شهد مع بداية العام 2023 تعافياً قوياً لكنه لم يصل بعد إلى القمة التي وصلها في ديسمبر 2021.
عوامل أساسية
يقول المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، خبير تكنولوجيا المعلومات، الدكتور أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ثمة ثلاثة عوامل رئيسية أسهمت في ازدهار أسهم التكنولوجيا في العام 2023، على النحو التالي:
- التقدم في الذكاء الاصطناعي: يعد الذكاء الاصطناعي أحد أهم اتجاهات التكنولوجيا اليوم، مع إمكانات هائلة لتحويل عديد من قطاعات الاقتصاد. وأدى هذا التقدم في الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الطلب على أسهم الشركات العاملة في هذا القطاع، مثل شركات البرمجيات والأجهزة والحوسبة السحابية.
- تداعيات الجائحة المستمرة: أدت الجائحة إلى زيادة الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية، ما أدى بدوره إلى نمو إيرادات الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا. كما أدى إلى زيادة الاستثمار في التكنولوجيا، حيث رأى المستثمرون أن هذا المجال هو الأكثر مرونة في مواجهة الأزمات.
- أسعار الفائدة: سياسة أسعار الفائدة التي اتبعتها البنوك المركزية العالمية جعلت الاستثمار في الأسهم، وخاصة الأسهم ذات النمو المرتفع مثل شركات التكنولوجيا، أكثر جاذبية.
أما بالنسبة لاحتمالية استمرار أسهم شركات التكنولوجيا في أدائها الجيد في العام الجديد 2024، فيعتقد بانافع أن ذلك يعتمد على عدة عوامل، منها "استمرار التقدم في الذكاء الاصطناعي"، ذلك أنه إذا استمر التقدم في الذكاء الاصطناعي (تقديم الشركات تقنيات جديدة وخطط واعدة)، فمن المرجح أن تستمر الشركات العاملة في هذا القطاع في الأداء الجيد.
كذلك من بين العوامل أيضاً استمرار نمو الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية، فإذا ما استمر الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية في النمو، فمن المرجح أن تستمر شركات التكنولوجيا في الأداء الجيد. علاوة على
لا توجد تغييرات كبيرة في السياسة المالية أو النقدية: إذا لم تكن هناك تغييرات كبيرة في السياسة المالية أو النقدية، فمن المرجح أن تستمر أسهم التكنولوجيا في الأداء الجيد.
لكنه يوضح بشكل عام أن ثمة مجموعة من العقبات الهيكلية التي قد تواجهها شركات التكنولوجيا، أعتقد أن هناك العديد من العوائق المحتملة، من بينها:
- زيادة المنافسة: مع تزايد عدد الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا، فمن المرجح أن تزداد المنافسة في هذا القطاع، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأرباح.
- التقلبات في الاقتصاد العالمي: من الممكن أن تؤدي التقلبات في الاقتصاد العالمي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية، مما قد يؤثر سلباً على أداء الشركات العاملة في هذا القطاع.
- التنظيم الحكومي: قد تفرض الحكومات قيودًا على الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا، مما قد يؤثر سلبًا على أدائها (في إشارة إلى الضوابط التي تقرها أوروبا بشكل خاص).
وبشكل عام، يعتقد المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، بأن أسهم التكنولوجيا لديها القدرة على مواصلة الأداء الجيد في العام 2024، ولكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تؤثر على أدائها، مثل التقدم المستمر في الذكاء الاصطناعي، ونمو الطلب على المنتجات والخدمات الرقمية، واستقرار السياسة المالية والنقدية.
في وول ستريت، التي تحقق مؤشراتها نتائج قوية بعد اجتماع الفيدرالي الأخير والذي كشف خلاله عن انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة، والاتجاه إلى خفضها في العام المقبل (ثلاث مرّات)، سجل مؤشر ناسداك ارتفاعات فوق مستوى الـ 14900 نقطة، وهو المستوى الذي بلغه ببداية تعاملات الأسبوع الجاري، وللمرة الأولى منذ قرابة عامين، كذلك مؤشر S&P 500 الذي يقترب من أعلى مستوى له منذ يناير 2022.
وحققت غالبية شركات التكنولوجيا أرباحاً قياسية خلال السنة، مدعومة بالتطور الذي تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وطبقاً لبيانات LSEG، فإنه "بالنسبة لموسم أرباح الربع الثالث، تتمتع التكنولوجيا وخدمات الاتصالات بأعلى معدلات التفوق بين قطاعات S&P 500 الـ 11، حيث تأتي 90٪ من تقارير التكنولوجيا أعلى من تقديرات أرباح المحللين و89٪ فيما يخص قطاع الاتصالات".
وكانت مايكروسوفت من بين الشركات ذات الأسماء الكبيرة المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 والتي حققت نتائج فاقت التوقعات، مع نمو أعمالها في مجال الحوسبة السحابية وأجهزة الكمبيوتر مع توقع العملاء لاستخدام عروض الذكاء الاصطناعي.
نتائج الأعمال
من جانبه، يقول رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "آي دي تي" للاستشارات والنظم محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن طفرة الذكاء الاصطناعي منذ نهاية العام 2022 وخلال العام 2023 كان لها تأثير كبير على نتائج أعمال الشركات في العام 2023، ويُتوقع أن يستمر هذا التأثير بشكل واسع في العام المقبل 2024، ولا سيما في ضوء التطورات الجديدة، ومن بينها إعلان شركة غوغل عن إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم Gemini AI وغيرها من التطورات.
ويشير إلى أن عالم الذكاء الاصطناعي حافل بالتطورات الواسعة، والتي من شأنها أن تنعكس على نتائج أعمال الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا في وول ستريت بشكل كبير خلال السنة، لافتاً في الوقت نفسه إلى جملة التطورات التي شهدها العام الماضي في الشركات التكنولوجية ومن بينها ما شهدته شركة "أوبن آيه آي" والجدل الدائر بعد إقالة الرئيس التنفيذي سام ألتمان ثم عودته، وكذلك الخلاف مع مايكروسوفت وغيرها من التطورات.
لكنه يشير إلى أن أداء الأسهم في قطاع التكنولوجيا -وعلى الرغم من الطفرة المتوقعة في نتائج الأعمال- يواجه جملة من التحديات، على رأسها ما يتعلق بأداء الاقتصاد الأميركي الذي قد يواجه حالة من "الركود" وبما ينعكس على أداء المؤشرات التي ربما تشهد استقراراً أو تراجعاً في بعض الأحيان بالنسبة لأسهم التكنولوجيا لا سيما في النصف الأول من العام.
وتحدث مسؤولون في الفيدرالي الأميركي عن مهمة "الهبوط الناعم" ضمن مساعيهم لإنهاء دورة التشديد النقدي التي اتبعها البنك منذ شهر مارس من العام 2022.
وثبت الفيدرالي الأميركي الفائدة في آخر اجتماعاته في العام 2023، ملمحاً إلى خفضها ثلاثة مرّات في العام المقبل 2024.
فيما حذر عديد من الاقتصاديين الأميركيين من "التسرع" في خفض الفائدة، لما لذلك من انعكاسات ربما تحمل تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي.
الركود الاقتصادي
وفي سياق متصل، قال الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات في لندن، طارق الرفاعي، إنه مع ارتفاع أسعار الفائدة، ترتفع أيضا أسعار الأسهم، والعكس صحيح "فعندما تنخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، نرى أداءً ضعيفاً للأسهم، وكما شاهدنا خلال فترة كورونا، فهذا يعني أنه إذا كانت أسواق المال تتوقع أن البنك الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى سوف يخفضون أسعار الفائدة في العام المقبل، فهذا سلبي بالنسبة لأداء الأسهم، رغم ما تعتقده الأسواق بأن خفض أسعار الفائدة سيكون إيجابيا".
ويفسر ذلك قائلاً: " تاريخياً، كلما خفض البنك المركزي سعر الفائدة، فهذا معناه أن هناك ركوداً اقتصادياً أو أزمة؛ بالتالي فالبنك المركزي لن يخفض أسعار الفائدة أبدا، إذا كان الاقتصاد الأميريكي قوياً".
ويضيف الرفاعي:
- من الممكن أن نرى فترة إيجابية لأسواق المال خلال نهاية السنة، ولكن مع بداية العام المقبل 2024 خاصة أن في هذه السنة تجرى الانتخابات الأميريكية.
- نتوقع أن نرى تقلبات عالية جدا في أسواق المال بسبب عدم اليقين بشأن من سيكون الرئيس القادم.
- عدم اليقين هذا يؤثر بصورة سلبية على أسواق المال ،كما أنه يسبب توترات أو ارتفاع في المخاطر من قبل المستثمرين.
ويتابع: السوق الأميركية بأكملها كانت تعتمد اعتماداً كلياً علي قطاع التكنولوجيا خلال عامي 2022 و 2023 ، كما يتوقع عدم استمرار هذا الوضع نظرا لخفض سعر الفائدة في العام المقبل وارتفاع المخاطر وعدم اليقين بسبب الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية.
ويشدد الرفاعي على أن التفاؤل من قبل المستثمرين، يعد من أهم العوامل التي قادت وول ستريت لتحقيق مستويات قياسية ، بسبب بعض القطاعات التي حققت أرباحاً جيدة وعلى رأسها القطاع التكنولوجي.
وكان المستثمرون قلقين بشأن أرباح الولايات المتحدة في الربع الثالث بعد انخفاض أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.8 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثاني وبعد الارتفاع الحاد الأخير في عوائد سندات الخزانة الأميركية، لكن قادت أسهم التكنولوجيا الأسواق.