متلازمة الفقد والاكتفاء
بسام ابو النصر
القبة نيوز- ربما تكون الكلمتان متضادتين لأول وهلة ولكنهما في البعد العاطفي والاجتماعي ليستا كذلك فهما مفردتان تدلان على فعل مستمر ينتهي فجأة، ففقد الأوطان تدل على احتلالها في ساعات وربما أيام أثناء الحرب أو الهجر أو التنازل، ولكن يسبق ذلك حياة وأستمرار وسعادة أو ربما غير ذلك وحسب الأجواء المتاحة وما يدفع للفقد يكون أختياريا أو أجباريا والمسألة فيها طرفين على الأقل، والاكتفاء هو الاستغناء عما يأتي في النفس والجسم والعقل وربما يأتي خلال تجاوز خطوط المشاعر الحمراء حيث يكون تجاوزها هو استغناء عما قبلها فنقبل اليها طائعين وفرحين ونشتعل سعادة وألق وتحن نحس بدفء هذا الشعور، وهذا ايضا يكون حدث قصير لما قبله من توتر وتوجس وبحث ويدخل عباءة الاطمئنان والسكينة، والفقد كفعل يسبق الاكتفاء او يكون بعده ففي الجانب العاطفي والأنساني يكون الاكتفاء بحياة من نحبهم وهذا لا يستمر كثيراً سواء أنتهى بالموت المادي أو المعنوي وربما لا يتكرر الاكتفاء ولا يستمر بعدها وتصير الذاكرة هي الموجه لمشاعرنا لاحقا وكانها حالة جديدة من الاكتفاء، وهذا ينطبق على العلاقات بجميع أنواعها.
وسنسوق أيضاً الفقد للأوطان كفقد عاطفي حين يكون الوطن طارداً ويجبر الناس على الهجرة وهنا كلا الطرفين فاقد للاخر وكان يسبق ذلك حالة من الاكتفاء والتوأمة والسكينة، وقد ساهم الخوف والذعر على فقدهما معاً في اتجاهين متعاكسين.
وفي البعد السياسي يأتي الفقد للأوطان والمناصب والمراتب والحرية والمكانة السياسيةعلى شكل اغتيال معنوي للشخصيات الاعتبارية والعامة، وهناك شخصيات ليست بذات القيمة التي يتوقعها الناس فيتم النيل منها في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي انعكاساً للسلبيات التي ظهرت منها فيصير الفقد ايجابيا فهو فقد للتخلص من ركام سلبي سببه الفساد والترهل والفقد هنا سلبياً، واذا كان الفقد نفسه سلبياً فقد كان فقد الطغاة والبغاة شيئا ايجابياً، ويكمن الاكتفاء في هذا السياق بسوية المنظومة القيمية للمجتمع، فالانتهازية والتسلط وحب الذات العامة والبراغماتية والديماغوغية صفات ناتجة عن عدم القناعة بما يدر على هؤلاء من أمور مادية ومعنوية ما يجعل الفقد السلبي في هذا الاطار ضرورياً قبيل فقد الوطن أو جزء من مقدراته.
وربما سأزيد هنا أن هناك جلسات تحدث في الحدائق الخلفية في كل الأوطان تساهم في مساحات أكبر للفقد نتيجة مساحات أكبر من الاكتفاء.
أما في البعد الاقتصادي فالفقد يكون لصناديق المال ولمجالات الربح والأسهم والبنوك وللقيم التي تخص العملة وهو فقد لمداخيل الدولة ومصادر انتاجها وهذا يوحي بشيء من انهيا ما، وما كان ليكون لولا نقص الاكتفاء فالناس غير واعين لقيم الترشيد والانتاج، وبدوا أكثر انحيازاً للاستهلاك، وصار رعايا الدولة عالة عليها بطلبهم للوظائف والمعونات والأعطيات والهدايا والمنح وصار كل قطاع يحاول أن يقدم احتجاجاته للحصول على مكاسب وكأنها عملية ابتزاز من جسم الدولة ومدخراتها، ويتعارض هذا الفهم مع بعض الحقوق للنقابات والمؤسسات التي تحث منتسبيها على الاحتجاج للحصول على حقوق جديدة ولكني أسجل هذا على أنه عدم اكتفاء سيزيد من الفقد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
لقد كان الاختلال الذي أدى الى خلل في الاكتفاء هو السبب الرئيس للفقد وقد أدركت بعض الهيئات والمؤسسات والمنظمات والنقابات والمجتمعات الى وضع سياسة تنسجم مع هذه الفلسفة لتحولها الى استراتيجيات قابلة للتخطيط والتنفيذ، فالفقد سيأتي حتما بكل ما يترتب عليه من اثار نفسية على الأشخاص واثار مدمرة على المجتمعات اذا كان هناك خلل ما في الاكتفاء وما يترتب عليه بحتمية اعادة النظر بالمناهج ووسائل التعليم وارساء قيم المواطنة والديموقراطية والعدل واعلاء قيم الايمان.
(الدستور)
وسنسوق أيضاً الفقد للأوطان كفقد عاطفي حين يكون الوطن طارداً ويجبر الناس على الهجرة وهنا كلا الطرفين فاقد للاخر وكان يسبق ذلك حالة من الاكتفاء والتوأمة والسكينة، وقد ساهم الخوف والذعر على فقدهما معاً في اتجاهين متعاكسين.
وفي البعد السياسي يأتي الفقد للأوطان والمناصب والمراتب والحرية والمكانة السياسيةعلى شكل اغتيال معنوي للشخصيات الاعتبارية والعامة، وهناك شخصيات ليست بذات القيمة التي يتوقعها الناس فيتم النيل منها في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي انعكاساً للسلبيات التي ظهرت منها فيصير الفقد ايجابيا فهو فقد للتخلص من ركام سلبي سببه الفساد والترهل والفقد هنا سلبياً، واذا كان الفقد نفسه سلبياً فقد كان فقد الطغاة والبغاة شيئا ايجابياً، ويكمن الاكتفاء في هذا السياق بسوية المنظومة القيمية للمجتمع، فالانتهازية والتسلط وحب الذات العامة والبراغماتية والديماغوغية صفات ناتجة عن عدم القناعة بما يدر على هؤلاء من أمور مادية ومعنوية ما يجعل الفقد السلبي في هذا الاطار ضرورياً قبيل فقد الوطن أو جزء من مقدراته.
وربما سأزيد هنا أن هناك جلسات تحدث في الحدائق الخلفية في كل الأوطان تساهم في مساحات أكبر للفقد نتيجة مساحات أكبر من الاكتفاء.
أما في البعد الاقتصادي فالفقد يكون لصناديق المال ولمجالات الربح والأسهم والبنوك وللقيم التي تخص العملة وهو فقد لمداخيل الدولة ومصادر انتاجها وهذا يوحي بشيء من انهيا ما، وما كان ليكون لولا نقص الاكتفاء فالناس غير واعين لقيم الترشيد والانتاج، وبدوا أكثر انحيازاً للاستهلاك، وصار رعايا الدولة عالة عليها بطلبهم للوظائف والمعونات والأعطيات والهدايا والمنح وصار كل قطاع يحاول أن يقدم احتجاجاته للحصول على مكاسب وكأنها عملية ابتزاز من جسم الدولة ومدخراتها، ويتعارض هذا الفهم مع بعض الحقوق للنقابات والمؤسسات التي تحث منتسبيها على الاحتجاج للحصول على حقوق جديدة ولكني أسجل هذا على أنه عدم اكتفاء سيزيد من الفقد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
لقد كان الاختلال الذي أدى الى خلل في الاكتفاء هو السبب الرئيس للفقد وقد أدركت بعض الهيئات والمؤسسات والمنظمات والنقابات والمجتمعات الى وضع سياسة تنسجم مع هذه الفلسفة لتحولها الى استراتيجيات قابلة للتخطيط والتنفيذ، فالفقد سيأتي حتما بكل ما يترتب عليه من اثار نفسية على الأشخاص واثار مدمرة على المجتمعات اذا كان هناك خلل ما في الاكتفاء وما يترتب عليه بحتمية اعادة النظر بالمناهج ووسائل التعليم وارساء قيم المواطنة والديموقراطية والعدل واعلاء قيم الايمان.
(الدستور)