مجد عبد اللطيف العرود يكتب ..ثورة الذكاء الاصطناعي: إلى أين؟

في السنوات الأخيرة شهد العالم طفرة غير مسبوقة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) أحدثت تحولًا جذريًا في جميع جوانب الحياة ، لم تعد هذه التقنية حكرًا على المختبرات أو الشركات العملاقة بل أصبحت حاضرة في هواتفنا ومنازلنا ومؤسساتنا وحتى في قراراتنا اليومية ومع هذه القفزة النوعية يتجدد السؤال الذي يؤرق العقول: إلى أين تقودنا ثورة الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي يقدم إمكانيات هائلة لتحسين جودة الحياة فقد أصبح أداة لا غنى عنها في تشخيص الأمراض وتحليل البيانات الطبية وتطوير أدوية جديدة وتقديم تعليم مخصص وفعّال بل وحتى في حماية البيئة من خلال التنبؤ بالكوارث الطبيعية وتحسين إدارة الموارد
ومع ذلك يقف العالم أمام تحديات عميقة: التهديد الذي تواجهه بعض المهن التقليدية بالاندثار وتعاظم هيمنة الشركات التكنولوجية الكبرى وتصاعد القلق من استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات عسكرية أو في التلاعب بالرأي العام من خلال الأخبار الزائفة والخوارزميات
لم يعد معيار النجاح في سوق العمل قائمًا على الشهادات فحسب بل أصبح مرتبطًا بالقدرة على التكيف مع التكنولوجيا والتفكير التحليلي والابتكار والذكاء
الاصطناعي يغيّر طبيعة الوظائف فيتراجع الطلب على المهام الروتينية ويزداد على المهارات الإبداعية والإنسانية هذا التحول يتطلب من الأفراد والمؤسسات إعادة التفكير في التعليم والتدريب المهني
الذكاء الصناعي ليس فقط مسألة تقنية بل أخلاقية بامتياز كيف نضمن ألا يتم التمييز بين الأفراد عبر الخوارزميات؟ من يراقب أنظمة الذكاء الاصطناعي عندما تُتخذ قرارات مصيرية؟ أسئلة كثيرة تحث الحكومات والمنظمات العالمية على سن تشريعات واضحة تضع حدودًا دقيقة لاستخدام هذه التقنية وتحمي خصوصية الإنسان وكرامته
الثورة التي نشهدها ليست نهاية الطريق بل بدايته فكما غيّر الإنترنت شكل العالم في العقود الماضية فإن الذكاء الاصطناعي قد يعيد صياغة الإنسان نفسه في طريقة تفكيره وعمله وتفاعله مع الآخر
لكن الفرق أن هذه المرة نحن نملك القدرة على التوجيه من البداية قبل أن تسبقنا
التكنولوجيا
الذكاء الاصطناعي ليس كائنًا مستقلًا بل هو انعكاس لإنساننا المعاصر أفكاره، قيمه، وأهدافه إن أحسنا استخدامه سيكون شريكًا في بناء عالم أكثر عدلًا ورفاهًا وإن أسأنا توجيهه فقد يتحول إلى أداة تفاقم الفجوات وتزيد الاضطراب
المستقبل لا يُنتظر بل يُصنع والذكاء الاصطناعي سيكون حجر الأساس فيه.