في يومها العالمي .. العلوم والتكنولوجيا غدت أداة للإبادة لا للتنمية
القبة نيوز- ي حين تحتفل البشرية بـ "اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية" يعاني الناس في فلسطين خاصة غزة وفي لبنان أيما معاناة من تكنولوجيات العلوم وتطبيقاتها الشريرة التي سخرت لقتل الإنسان وحرق الشجر وهدم كل ما يتصل بالحياة بطرفة عين لتنحرف غاية الابتكار العلمي من كونه أداة فاعلة للتنمية والتعايش الى وسيلة للتدمير وبناء الكراهية.
ويقول معنيون ومراقبون إن إقليمنا يحتاج في ظل ما يواجهه من أزمات، لبناء استراتيجية تستشرف مبكرا مهددات التعايش السلمي ومراكز إنذار مبكر من المخاطر والأزمات ضمن تفكير علمي يعتمد على قواعد بيانات للمنطقة، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية في دعم جهود السلام والتنمية في المنطقة وتحسين إدارة الموارد كالماء والغذاء والبيئة والمناخ واللاجئين، باعتبارها محركات السلام والتنمية وبناء مجتمعات قادرة على التعايش السلمي، خاصة في ظل تزايد الصراعات والأزمات التي تشهدها المنطقة.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، قال، "يعتبر العلم مفتاح الهناء والشقاء الإنساني في الوقت نفسه، فإما أن تكون مخرجاته وأبحاثه واكتشافاته لصالح رفاهية وطمأنة البشرية، وإما أن تحكمها المصلحة والأنانية، ما يؤدي إلى دمار المجتمعات وتعريضها للدمار.
وأكد أن العالم بأمس الحاجة اليوم لعلوم السلام والخير، بعيداً عن علوم تغذية الصراعات واختراع الأسلحة المدمرة والأسلحة البيولوجية، مشيرا الى أن السؤال المهم حول علومنا العصرية هو: "هل تتطور لخدمة السلام والتنمية أم أنها وقود لإشعال الحروب؟".
وأشار الى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قررت إعلان العاشر من تشرين الثاني كل عام ليكون احتفالاً بـ (اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية)؛ بهدف تعزيز الوعي العالمي بدور العلم في بناء مجتمعات تنعم بالسلم والتقدم، وتأكيد الالتزام الدولي الأخلاقي باستخدام العلم لما فيه فائدة المجتمع وتقدمه.
ولفت الى بؤر الصراع والحروب، خاصة في قطاع غزة حيث يتعرض الفلسطينيون للإبادة والتجويع والتهجير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، خاصة مع تعريض المؤسسات العلمية والتعليمية للإغلاق والاقتحام والتفتيش والتخريب وطمس الهوية وتزوير التاريخ وتغيير الملامح الآثارية والتاريخية، داعيا العالم، ممثلاً بمنظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات القانونية والشرعية الدولية، الى حماية المؤسسات التعليمية والبحثية في فلسطين والقدس من التدمير الإسرائيلي الممنهج، بما في ذلك قتل وأسر واعتقال وتصفية العلماء والطلبة.
وأكد أنه في وقت يحتاج فيه العالم إلى الإنصات لصوت العلم والمثقفين والمفكرين وابتكار تكنولوجيا السلام، تستمر منذ أكثر من عام مجزرة إبادة مخيفة في غزة ومدن فلسطين المحتلة ولبنان، داعيا الى بناء استراتيجية تستشرف مبكرا مهددات التعايش السلمي وتقوم على جودة التعليم وضبط معاييره ومخرجاته، وبما يسهم في تزويد سوق العمل التنموي بحاجته الفعلية من حيث الكم والنوع.
الباحث والمفكر والمحلل السياسي الدكتور إبراهيم بدران بين أن العلوم بطبيعتها تُعتبر حيادية، لأن جوهر العلم يتمثل في السعي نحو الحقيقة، مشيرا إلى أن السؤال الأساسي يكمن في كيفية استخدام هذه العلوم، ومن يملك القدرة على استخدامها، ولأي أغراض تُخصص في وقت يجي أن توضف من أجل السلام.
وأوضح أن جميع الاكتشافات والاختراعات يمكن توجيهها للخير أو للشر، ومثال ذلك القنبلة الذرية التي تهدد مستقبل شعوب وأجيال، ومثل ذلك الكيمياء التي يمكن تسخيرها لإنتاج أسلحة فتاكة أو لتطوير علاج أو تحسين جودة المياه .
ودعا بدران إلى ضرورة التبيان للسياسيين أن مستقبل الشعوب يعتمد على التعايش السلمي والتعاون، مشدداً على أن القضية الأساس هي حق الإنسان في العيش بسلام، وأن القوي يجب ألا يعتقد أن قوته تمنحه حق السيطرة على الآخرين.
وعزا بدران سبب الأزمات في منطقة الشرق الأوسط إلى بطء النمو الاقتصادي وغياب الإنجازات العلمية الكافية، لافتا الى أن العدوانية الإسرائيلية تعود لاستغلال تفوقها العلمي كأداة لصناعة الأسلحة.
العين السابق الدكتور إبراهيم البدور أشار إلى أنه في ظل الظروف العالمية المعقدة، يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية مع تحديات جسيمة تواجه البشرية، مبينا أن العلوم والتكنولوجيا التي ابتكرها الإنسان أصبحت تُستغل لغايات مدمرة حيث يتم استخدام البارود والطائرات والتقنيات العلمية الأخرى بدل أن تسهم في ازدهار البشرية.
وكانت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي اكدت في رسالة بمناسبة "اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية" أهمية العلوم في تعزيز السلام، كونها تلعب دوراً محورياً في البحث عن استجابات لأزمات مثل تغير المناخ والأوبئة ونقص الموارد، وأيضا التخفيف من الأسباب الجذرية للعديد من النزاعات، مشيرة الى أن العلوم لغة مشتركة يجب أن تعزز الانسجام بدلاً من الانقسام.