العجلوني يكتب : حزب الانصار الاردني وجه سياسي جديد
ابراهيم سليمان العجلوني
لا توجد عملية سياسية بدون سياسية الوعي بالتفاعلات السياسية والوعي السياسي ليس مهمًا للسياسيين فقط ، ولكن أيضًا لجميع أفراد المجتمع ، ويرجع ذلك إلى العلاقة الجدلية بين العلوم السياسية والعلوم الاجتماعية الأخرى، المواطن العادي يحتاج الوعي السياسي لفهم البيئة السياسية الداخلية والخارجية بعيدا عن العاطفة والفلسفة والشعارات والإنحياز، لأن النهج التحليلي الذاتي يؤهله للتعامل والتكيف مع ما يحدث في بلده، وتزداد أهمية الوعي السياسي عند الانتقال من حالة الفرد إلى حالة المؤسسات، وهنا أعني "الأحزاب السياسية" ، لأنها مؤسسات تمثل الأهداف الحقيقية للعمل السياسي من مصالح وتطلعات القوى الاجتماعية والاقتصادية المختلفة في الحياة السياسية ، ويجب أن تحتضن العملية السياسية برمتها، فمن الضروري امتلاك قدر كبير من المعرفة السياسية.
وتزداد أهمية الوعي السياسي في أوقات الأزمات التي تواجهها الدول، والتي يبدأ الناس في المطالبة بها إلى "الإصلاح" واعتقد أن حالتنا الاردنية هي خير مثال للحاجة للوعي السياسي والوصول للحالة السياسية المؤسسية (الاحزاب) في ظل ما نعانيه داخليا واقليميا ودوليا والذي اشتد أخيراَ مع إعلان صفقة القرن أو خطة السلام الأمريكية
عدد الاحزاب الاردنية 49 حزبا، تختلف بحجمها وتأثيرها، المهم تأثرها في الوعي السياسي وهذا افضل وقت أن تكون ذا تأثير على الساحة في ظل الظروف الحالية بعد اعلان صفقة القرن، ولكن الظاهر أن الاحزاب تصر على أن تكون حبرا على ورق باستثناء مجموعة بسيطة منها لا تزيد عن ستة احزاب وطبعا استثني حزب جبهة العمل الاسلامي، وعلى الرغم من أن الأحزاب في الأردن مرت بمراحل مختلفة ، فلا يوجد نجاح أو نتائج ملموسة لوصول الأحزاب إلى المراكز الأمامية ومراكز صنع القرار من أجل تطوير التجربة الديمقراطية وتحقيق المواطنة الفعالة والمساواة وعدالة الفرص، وتحتاج إلى مزيد من العمل، للوصول لبديهيات الاهداف الحزبية وهو الوصول لقمة هرم الولاية العامة وتشكيل الحكومات أو لها يد بتشكيل وعمل الحكومات، وللاسف فإن بعض الاحزاب ليس لها مقرات والبعض والذي يصل لعشرة احزاب لها مقرمشترك.
لقد اصبح لافتا للجميع ظهور وتصدر حزب الانصار الاردني الذي يترأسه عوني الرجوب للواجهة الحزبية بشقيه الوعي السياسي والحالة الحزبية فبمجرد اعلان صفقة القرن قام حزب الانصار بدعوة الاحزاب الى الاجتماع في مقره واعلان تصريح مضاد وهي حالة لابد من الوقوف عليها وايضا قيام الحزب وانتقاله لاكثر من محافظة لالقاء محاضرات؛ حيث قام امينه العام الرجوب بالقائها كان جلها الوعي السياسي لان الحالة الاردنية بحاجة للانتقال من حالة الفرد الى الجماعة من خلال الاحزاب.
وما أثار انتباهي ايضا هو تفرغ الامين العام للعمل الحزبي، رغم أن لديه اعمال ثقافيه وتجاريه .كما لفت انتباهي عدد الشباب المنتسبين والداعمين للحزب وأعتقد جازما أن هذا الحزب ينتظره مستقبل ، واصبح متقدم اعلاميا وكدور في الوعي السياسي ينافس الاسلاميين مع فارق العمر الحزبي بينهما وهو بحاجة للدعم من الدولة بشكل مباشر وغيره اذا اثبتوا نفس الوجود لتوسيع القاعدة الحزبية الموثرة فالقيمة بالانجاز وليس بهذا العدد الكبير للاحزاب.
آن الاوان أن يكون للعمل الحزبي دور فاعل في بناء الحياة الاقتصادية والسياسية من خلال خطط اصلاحية لتلبي احتياجات ومطالبات الشعب ولا اقبل أن يقول أي احد أن الاحزاب هي من يجب أن تقوم بهذا لانها ما زالت تعاني من عدم وجود البنية التحتية للحياة السياسية الناظمة وفي مقدمتها قانون الانتخاب، وقوانين الحريات العامة المكفولة بالدستور ولتي للاسف قد تراجعت بسبب تشريعات على رأسها قانون الجرائم الالكترونية الذي وجه ضد حق التعبير مع الاصل أنه ضد تضرر المواطنين من الطرق التكنولوجية الحديثة. ومن هنا فإن الاحزاب أول من تأثر بهذا القانون بالاضافة لصلاحيات الحكام الاداريين والتي تخضع للميزاجية.
الاحزاب بحاجة لان تكون قوية اقتصاديا لتتمكن من الانفاق القوي على انشطتها ومن اولوياتها أن يكون لها مقرات وأن يتم التعامل مع الاحزاب كرواد الاعمال ليكون لهم موارد مالية ضمن مشاريع اقتصادية تدر دخلا ثابتا بجانب الدعم المالي الحكومي الذي يجب أن يرتبط بأداء الاحزاب ومنسجما مع عدد الاعضاء فلا يمكن بأي حسبة اقتصادية أو مالية أن يكفي اشتراكات الاعضاء بهذه الالتزمات، كما أن العدد الكبير للاحزاب لابد من إعادة النظر به ضمن رؤيا ومعايير تنظيمية واقتصادية، حيث يمكن لهذه الاحزاب أن تكون المحرك للاقتصاد الاردنية.
يمر الاردن بوضع لا يحسد عليه وقد ذكرت في مقالة سابقة عن خططنا واعدادنا ضد صفقة القرن وكان ردي هو التوجه للداخل بالموارد البشرية وانني اجزم أن من أولويات المواجهة هو دعم الاحزاب الاردنية وخاصة النشيطة وفي مقدمتها
العمل الاسلامي والانصار الاردني (مع إختلاف الفكر والايدولوجية لكل منهما) لدورهم المؤثر وليبقوا كرأي عام للشعب الاردني الرافض للصفقة واثارها الاقتصادية والسياسية... الخ من خلال تعديل قانون الانتخاب يشمل تمثيلاَ للاحزاب وأن تاخذ هذه الاحزاب ادورا اقتصادية وسياسية متوافقة مع الدولة والشعب لتبدأ في إنعاش الحالة الاقتصادية، وحتى لا نكون كما وصف الرئيس الامريكي ماذا سيحصل ماذا سيحصل وقد أجاب لاشي لا شيء لا شيء، فالاصل الاحزاب وهي الراعية لحرية الراي بحيث تشكل دعما للدولة التي تعتمد على المساعدات، وتستطيع هذه الاحزاب ايضا استيعاب الشباب وتنميتهم سياسيا من خلال الوعي السياسي واقتصاديا من خلال تشغيلهم في مشاريع تسهم في حل مشكلة البطالة ودعم الاحزاب اقتصاديا من خلال توجيه بعض المبادرات والمشاريع المدعومة نحو الاحزاب للوصول لهدفين مهمين وعي سياسي ونمو اقتصادي، وفي هذا المجال دور المرأة وأن من أولويات تمكينها هو دعمها للانضمام للاحزاب ولو كان ذلك من خلال حزمة اجتماعية ومن خلال تحمل الدولة لرسوم انتساب المرأة ولو بنسب محددة في الاحزاب ووضعها من ضمن معايير دعم الاحزاب ووضع كوتا خاصة في المكاتب السياسية للاحزاب للشباب والمرأة، أن هكذا دعم سيكون ذو رسالة داخلية للشباب والمرأة بالانخراط بالعمل السياسي خاصة وأن الخوف من العمل السياسي مازال متأصلا في المواطن الاردني من أجيال مضت.
يوم الجمعة تم الدعوة لمسيرة باتجاه السفارة الامريكية تعبيرا عن الرفض الشعبي لصفقة القرن ولكن للاسف لم يشارك الا ثلاث احزاب هي
حزب الانصار الاردني (الذي يتصدر الحالة الحزبية الاردنية)،
حزب الشورى الاردني، حزب جبهة العمل الاسلامي
ولم يحضر هذه الوقفة اي حزب يساري او وسط يساري وهذا أمر يدعو للتساؤل لماذا هذا التمثيل الهزيل لهكذا وقفة في هكذا وقت وهذا السؤال طبعاَ موجه للحكومة اولا وثم الاحزاب، حمى الله الاردن وشعبه العظيم.