facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

تعلمنا الفرائض، وما تعلمنا الإيمان!

تعلمنا الفرائض، وما تعلمنا الإيمان!

شحادة أبو بق

تعلمنا في مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا ومجتمعاتنا فرائض الدين ، وكثير منا يؤديها كعبادات ، نصوم ونصلي ونحج إن إستطعنا ونزكي إن وجبت علينا الزكاة وننطق بالشهادتين ، وهذه جميعها ممارسات فعلية ولفظية ، لكنهم أغفلوا كثيرا تعليمنا معنى الإيمان وكيف نكون مؤمنين تسكن قلوبنا وجوارحنا حالة " حب " لله جل في علاه ، وحالة " وجل " من عقابه سبحانه ، كي نؤدي العبادات بخشوع صادق لا متكلف ، في لقاء عظيم متكرر مع عظيم لا عظيم في هذا الوجود سواه ، أمرنا كله بيده وحده .


فرق تام بين أن تكون مسلما في الهوية فقط ، وبين أن تكون مسلما مؤمنا حق الإيمان ، " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله ، وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ، وعلى ربهم يتوكلون " . صدق الله العظيم .

هذا هو الأيمان الحق والإسلام الحق ، وبغير ذلك ، نحن نؤدي طقوسا إن جاز الوصف ، ليس في ثناياها ذرة من إيمان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فكم منا من يخالطه الوجل عند ذكر الله جل جلاله ! ، وكم منا من تزيده تلاوة أيات الله إيمانا ! .

بصراحة تامة لا مراء فيها ، لو كنا مؤمنين حق الإيمان يسكن قلوبنا حب خالقنا سبحانه ، لعبدناه كما يجب ، ولكنا مسلمين كما هو الإسلام حقا ، ولكنا خير قدوة للعالم كله ، ولكنا أكثر من يسهم في إسعاد البشرية وتقديم إكتشافاتنا وإختراعاتنا وصناعاتنا ونظرياتنا العلمية والإبداعية لها ، ولكنا قادة للعالم لا تابعين ، ولما ضاع لنا حق ولما تجرأ علينا بشر مهما بلغ من قوة .

يقول كتابنا العظيم مخاطبا محمدا صلى الله عليه وسلم ، " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ، ويقول رسولنا الكريم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، فأين نحن اليوم من كل هذا ! ، هل نسير على خطى الرسول رحمة ومكارم أخلاق ونقدّم الأنموذج الأعظم فضلا للبشرية كي تقتدي بنا وتعظم ديننا ومكانتنا وحضورنا بين الأمم ! ، هو تساؤل برسم الإجابة ليس إلا .

يقول الشيخ العالم الألباني رحمه الله " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم ، تقم لكم على الأرض " . هذا هو القول الفصل ، فلو سكنت قلوبنا محبة الله ومخافته سبحانه ، ولو إقتدينا بالرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه عليه، وقد كانت أول كلمة خاطبه الوحي بها " إقرأ " ، أدبا وخلقا وعلما وعملا وقدوة ورحمة وجهاد نفوس وصدقا وأمانة وإحترام حياة ومواعيد وتكافلا وتعاونا ونصرة حق ونبذ ظلم وإخلاصا في العمل وتحابا وصفحا وعفوا وتسامحا وبعدا عن النميمة والنفاق وسوء الأخلاق ، وتقربا من كل ما هو نبيل جميل في هذا الوجود ، نعم لو إلتزمنا بكل هذا وأكثر ، لكنا كاسلافنا سادة الكوكب ، ولكانت حضارتنا الراهنة أعظم حضارة على الأرض .

لكننا اليوم ولسوء حظنا ولن أقول سلوكنا ، في ذيل سلم الأمم ، فنحن تائهون بلا هوية ولا مكانة ، تتداعى علينا الأمم وعلى بلادنا وخيراتها العظمى كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، ويتجرأ علينا سائر رويبضات الكون وهمله ولا يرف لهم جفن ، حتى بلغ الأمر بهم تقطيع أوصال ديارنا كما يريدون ، لا بل والتجرؤ حتى على موضع سجودنا لله جل في عليائه ، بعد إذ جعلنا من عقيدتنا وديننا العظيم نحن وإياهم معا ، موضع شبهات وما يسمونه إرهابا وتطرفا ، تماما كما قال " ترمب " في مطلع خطابه الإحتفالي بإهداء فلسطين وقدسها الشريف ليهود الأرض ، عندما تطرق إلى ما وصفه بالإرهاب والتطرف الأسلامي ، وكأن الإسلام العظيم دين الله للبشرية كافة هو كما تشدق وقال ! ، متناسيا بالمناسبة ممارسات القتل اليومية في بلاده بفعل التطرف والثمالة والفجور .

الإسلام يعني الأيمان ، والإيمان درجة عالية جدا من حب الله وخشيته سبحانه ، وبالتالي طاعته والعمل بأوامره ونواهيه . فيا من تحبون الله ، إبحثوا عن سبيل لغرس الإيمان في قلوب الناس ، قبل أن تخطبوا بهم داعين للصلاة والصوم والحج والزكاة والشهادتين والجهاد وخلافه ، ليصير المسلم المؤمن عندها " قدوة صالحة " لكل ساكني الكوكب ، عندها سيحبكم الله ، ومن فاز بمحبته سبحانه ، حاز الدنيا وما فيها ، وضمن حسن المنقلب وظفر بالدار الآخرة في أحسن حال ، ولا شك في ذلك أبدا . والله من وراء قصدي .


تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير