facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

ملاحظات حول مشروع قانون الضريبة

ملاحظات حول مشروع قانون الضريبة

الدكتور خليل ابوسليم

القبة نيوز-عندما خرج المواطنون معتصمين إلى الرابع في رمضان المنصرم، لم يكن ذلك بسبب قانون الضريبة المشئوم بقدر ما كان الهدف هو إسقاط حكومة معروف عن رئيسها تعاليه على المواطنين وتعامله معهم بطريقة فوقية، ناهيك عن افتقاره إلى مهارات التواصل وقدرته المحدودة على إيصال أفكاره إلى المواطنين بسلاسة، ويضاف إلى ذلك كله قيامه بالاستغناء عن عدد من الرموز الوطنية التي كان ينظر إليها الناس وما زالوا بكثير من الاحترام والتقدير نظرا لتمتعهم بالنزاهة والأمانة التي باتت مفقودة عند بعض أصحاب القرار. رحلت الحكومة سيئة الذكر، وجاءت حكومتكم الرشيدة، التي كان يعاب عليها بعضا من الإرث الذي حملته معها من الحكومة السابقة، وهم ما اصطلح على تسميتهم بوزراء التأزيم، لذلك لم يتغير الحال كثيرا إذا ما علمنا أن القانون الخلافي أيضا حملته حكومتكم الموقرة، وتعمل جاهدة على تزريق ذلك الخازوق للمواطنين بسلاسة ويسر. وللأمانة فانه يسجل لكم شخصيا دون غيركم تواصلكم الحميد من جمهور المواطنين بكافة الوسائل المتاحة، وهذا يخفف نوعا ما ويسهل من تزريق ذلك الخازوق. لكن الذي استوقفني من خلال دفاعكم عن القانون هو ادعاؤكم بان القانون الجديد سوف يؤدي إلى تحفيز النمو والاستثمار وبالتالي التخفيف من الفقر والبطالة!!! كيف يتم ذلك؟؟؟ في الحقيقة لا اعرف كيف توصلتم إلى هذا الاستنتاج، إلا إذا كان لديكم نظرية اقتصادية جديدة ترغبون بتطبيقها وتلمس نتائجها على ارض الواقع. جميع النظريات الاقتصادية تشير إلى أن زيادة الضرائب سوف تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين- وهي بالنسبة للمواطن الأردني معدومة أصلا-، وهذا سيعمل على تكدس السلع والبضائع في الأسواق نظرا لتآكل الدخول بطريقتين، مباشرة وغير مباشرة، مما يعني إغلاق العديد من المصانع والشركات الإنتاجية والخدمية وهروب الاستثمار خارج الحدود، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، الأمر الذي يفاقم ويعمق من المشاكل الاجتماعية المصاحبة وفي مقدمتها الجريمة والانحراف، ناهيك عن الانخفاض الحاد في الناتج المحلي الإجمالي الذي نسعى بكل الطرق لزيادته، فأين هو النمو وتحفيز الاستثمار المنشود؟؟؟ سلفكم السابق طلب من المواطنين ذات لقاء بالتقليل من الاستهلاك من اجل التوفير للجنود المرابطين على الحدود ولتعزيز الناتج المحلي!!!، وهو لا يعلم أن تخفيض الضرائب سوف يؤدي إلى انخفاض الأسعار وهذا سيعزز من القوة الشرائية للمستهلكين وبالتالي زيادة الاستهلاك التي تتطلب مزيدا من الإنتاج والاستثمار ومزيدا من فرص العمل وبالتالي الحد من مشكلتي الفقر والبطالة، وبالمحصلة النهائية زيادة الناتج المحلي الإجمالي. نتفق مع دولتكم أننا بحاجة إلى تطوير وتعديل قانون الضريبة، كما نتفق مع دولتكم أن معظم الموظفين والمتقاعدين لن يتأثروا بالقانون الجديد بطريقة مباشرة، لكنهم بالتأكيد سوف يتأثرون به بطريقة غير مباشرة، نتيجة لانعكاس اثر الضريبة على أسعار جميع السلع والخدمات الضرورية للمواطنين، في ظل جشع معظم التجار ومقدمي الخدمات. إذن، نحن أمام أحجية مستعصية على الحل وتتطلب مزيدا من التفكير للخروج من عنق الزجاجة الذي حشرنا فيه أسلافكم ومرت دهورا وهم يعدون بأننا سوف نخرج من ذلك العنق إلى الفضاء الرحب. نعلم وندرك جيدا الضغوط التي يمارسها عليكم صندوق النقد الدولي، لكن إذا رغب دولتكم بتمرير قانون الضريبة، فلا بد لكم من القيام بخطوات رئيسية أوجز بعضا منها كما يلي: أولا: لا بد من إجراء تعديل وزاري على حكومتكم تشمل بعض الحقائب التي على حامليها العديد من الملاحظات، فحكومتك اليوم بحاجة إلى شخوص قادرة على التعاطي مع الشارع ولديها القدرة على التواصل والإقناع، ولا بد أن يرافق ذلك إعادة الاعتبار إلى بعض الرموز المشهود لها بالأمانة والنزاهة والتي تم إبعادها في عهد سلفكم السابق. ثانيا: هناك العديد من ملفات الفساد الواضح عوارها والتي لابد من معالجتها بشكل جدي دون مماطلة أو تسويف واسترداد ما يمكن استرداده من أموال منهوبة، وهذا يتطلب إجراء محاكمات للبعض وعمل تسويات مالية للبعض الآخر، ولن أشير إلى تلك الملفات فقد باتت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ولعل قضية الدخان الماثلة أمامكم واحدة من تلك الملفات. ثالثا: البدء بتنظيف مرافق وأجهزة الدولة من المارقين على القوانين والمرتشين ولصوص المال العام، واخص بالذكر بعض الدوائر الحساسة والمهمة في الاقتصاد مثل ضريبة الدخل، الجمارك، الأراضي والمساحة، العطاءات الحكومية وغيرها من الدوائر المختلفة. رابعا: الإسراع بتطبيق نظام الفوترة لكل ما يتم تعاطيه من سلع وخدمات داخل الاقتصاد الوطني، ومكافحة التهرب الضريبي الذي يمارسه كبار التجار والموردين والمقاولين، إضافة إلى الخدمات التي تقدمها النقابات المهنية بمختلف مسمياتها.  خامسا: تشديد الرقابة على موردي ومنتجي السلع والخدمات، وعدم السماح برفع الأسعار بعد رفع الضريبة لان هامش الربح مرتفع جدا للعديد من السلع والخدمات. بقي أن أشير إلى أن هناك عديد الإجراءات التي يمكن القيام بها من اجل الرقابة الفاعلة وخصوصا تلك المتعلقة بالجهات الفاعلة والمساندة للتهرب الضريبي والتي لا يمكن حصرها في هذه العجالة، فهلا فعلتها دولة الرئيس؟؟؟

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير