حضارة أصيلة وموروث فريد .. تثير حراكهما وزارة الثقافة السعودية
القبة نيوز - تزخر المملكة العربية السعودية بالمكونات الثقافية والحضارية الأصيلة، المتشعبة في رحاب أراضيها والسارية في آداب وعادات مجتمعها، حيث تمتلئ جهاتها الأربع الفسيحة؛ بالتراث الغني والتقاليد العريقة والكنوز الثقافية، وفي تنوعاتها الخلابة من الصحاري الذهبية، وموانئ اللؤلؤ، والحقول الخضراء، والأودية الغائرة؛ تتدفق فيضانات ثقافية بالفنون والآداب والأفكار والعلوم.
ووفقا لبيان صحفي صادر عن اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، اليوم السبت، ضمن التقرير الثقافي الدوري للدول الأعضاء في الاتحاد، أعدته وكالة الأنباء السعودية، امتزج هذا التنوع الثقافي في نسيج موحد، تفاخر به أبناء الوطن منذ عهود قديمة، إذ أخذت وزارة الثقافة زمام المسؤولية منذ نشأتها قبل خمسة أعوام، بإنارة ثقافة الموطن الأصيل ومحضن الحضارات، وتتبعت جذوره الراسخة في التاريخ، مفعّلةً عناصر الثقافة السعودية ومدونةً فصلاً جديداً لها يناسب مستواها الرفيع وأجزاءها الشامخة.
وقد تأسست وزارة الثقافة السعودية في 17 رمضان 1439هـ الموافق 2 حزيران 2018م، بموجب أمر ملكي، تولى حقيبتها سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وما لبثت أن أرست هذه الجهة الفتية قواعد رؤيتها وتوجهاتها، في محفل أقامته في آذار 2019م؛ انطلاقاً من حرصها على حفظ التراث التاريخي للمملكة، وبناء مستقبل ثقافي غنيّ، مميطة اللثام عن أهدافها المركّزة، وهي: الثقافة بوصفها نمطَ حياة، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية.
وكشفت الوزارة، عن استراتيجيتها، لإعطاء صوت جديد للثقافة السعودية، وتعزيز هويتها وحفظ إرثها تماشياً مع محاور رؤية المملكة 2030، حيث شهد ذاك المحفل تدشين حزمة من المبادرات، احتوت على: مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي يسهم في تعزيز دور اللغة العربية إقليميًا وعالميًا، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهو أول مهرجان سينمائي دولي في السعودية؛ يدعم قطاع الأفلام ويثري المحتوى المحلي السينمائي، إلى جانب عدد من المبادرات، كبينالي الدرعية، وأكاديميات الفنون، والمهرجانات الثقافية.
وتسعى الوزارة إلى الإسهام بما يساوي 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مسارعةً خطاها للعمل على صقل القدرات الثقافية، وتكريس الثقافة في مفاصل الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين، وتوفير البرامج التعليمية والورش التدريبية، وتهيئة المعاهد وتجهيز المبادرات، وتنظيم الأنشطة والمهرجانات، مع الحفاظ على الهوية والأصالة.
وبرهنت الوزارة على سلكها دروب الإبداع والابتكار؛ واستحدثت الأفكار البديعة والخلاقة، ومن ذلك أنها بدأت في تزيين الأعوام من خلال تسميتها، ووشحت عام 2021م باسم "عام الخط العربي"، باعتبار هذا الفن -الخط العربي- موروثًا حضاريًا نشأ وترعرع في الجزيرة العربية، وأضاءت الوزارة ما يترفه به من ماضٍ مجيد وجماليات وتركيبات هندسية فريدة، وطَرقت به أبواب قطاعات أخرى تحقيقاً لقيم التكامل والتعاون، وراحت تدبج به قمصان لاعبي الدوري السعودي طوال الموسم الرياضي، وزينت به طائرات شركة الخطوط السعودية وطيران ناس، وشيّدت معارض عنه، منها: "الكتابة والخط" و"مكتبة الملك عبدالعزيز للخط العربي".
وفاح عبير البُن من عام 2022م المسمّى بـ "عام القهوة السعودية" امتثالاً للعلاقة الوطيدة بين القهوة والإرث الثقافي السعودي، وما يجمعهما من تاريخ تجسّد في العادات والتقاليد، والضيافة والكرم، والمظاهر الإنسانية والجمالية والفنية، مسلطاً الضوء على البُن الخولاني السعودي؛ وهو منتج سعودي أصيل ومن أهم المحاصيل الزراعية وأكثرها جودة في جنوب المملكة بمنطقة جازان، وفي سياق هذا العام أُوجدت مسابقات وفعاليات لأفراد المجتمع سجلت مستوى عاليًا من المشاركة المجتمعية.
وأطلّ العام الحالي 2023م، بمسمّى "عام الشعر العربي" بوصف الشعر العربي ركيزة حضارية في الثقافة العربية، وينظر إليه على أنه وعاء الحكمة والمعرفة، وديوان العرب وفنّهم الإبداعي العبقري المتأصل في هوية الجزيرة العربية، ولأهميته الجلية؛ أعدت الوزارة مبادرات وأنشطة مثل مبادرة "منح أبحاث الشعر العربي" لمساعدة الباحثين في سبر مجالات الشعر وخصائصه الأسلوبيّة والمضمونيّة.
وبمرور الوقت لاح على الحياة الثقافية في المملكة؛ تغيرات إيجابية هي نتاج العمل التراكمي الدؤوب، وارتفع مستوى النشاط الثقافي المستدام في البلاد، واغتنم مزاولو الفنون والثقافة الفرصة المواتية لارتقاء المنصات، مفصحين عن مواهبهم وكفاءتهم، بعدما سُهلت لهم إجراءات إصدار الرخص والتصاريح عبر منصة "أبدع".
واتسعت رقعة هذه المنافع وغمرت شرائح المجتمع، حيث وُجهت لطلاب مدارس التعليم العام "مسابقة المهارات الثقافية" وتُعد الأولى من نوعها، وتيسرت إمكانية دراسة مجموعة من التخصصات الثقافية في برنامج "الابتعاث الثقافي"، فيما عُبّد الطريق لمن لديه الرغبة من الفنانين لتطوير مشاريعهم البحثية الإبداعية في برنامج "الإقامة الفنية".
وتضاعفت الخيارات والتجارب الثقافية لأفراد المجتمع وزوار المملكة، التي تُعرّف وتحيي في آن واحد؛ ممارسات المجتمع وسلوكياته في قوالب إبداعية جذابة.
ومما ولّدته الوزارة في سبيل ذلك مهرجان "طائف الورد" الذي تناول اتصال هذا النوع من الورد - في مدينة الطائف غرب السعودية- مع ثقافة المجتمع، بينما استحضرت في مهرجان "في ضيافة الطائي" سيرة حاتم الطائي أشهر شعراء وأسخياء العرب، ومن فاح شذى سيرته من شمال المملكة بمدينة حائل.
واعتادت في الأعياد والمناسبات الدينية، والمحافل الوطنية؛ على تنظيم الفعاليات واستجلاب المظاهر الاجتماعية، إلى أن أصبحت المملكة مركزاً ثقافياً جذاباً تنبض مناطقه ومدنه وطرقاته بالثقافة والفنون، وتمكث في فلكه المحافل والأنشطة والمنابر الثقافية، وهذا ما شدّ محبي الاطلاع للمجيء إليها، والتجول في ذاكرتها الفياضة واستقاء المعارف من منابعها.
وواكبت من ناحيتها الوزارة التنامي الحثيث، وروَت رغبات النزلاء الذين قادتهم الرغبة في الاكتشاف، وهي لم تغفل في الأصل حين وضعت حجر أساسها عن توطيد العلاقات وبناء الجسور مع الحضارات الأخرى.
ومن دأبها في توثيق الروابط مع الشعوب؛ مشاركتها في الاجتماع الوزاري لوزراء الثقافة لمجموعة قمة العشرين، امتداداً لمبادرة المملكة بعقد الاجتماع المشترك الأول لوزراء الثقافة في مجموعة العشرين على هامش الرئاسة السعودية عام 2020 بالرياض.
ولأول مرة نَظمت الوزارة مهرجان الأوبرا الدولي في العاصمة السعودية، وأحيا لياليه أبرز الفنانين.
ورصدت وزارة الثقافة الحراك الثقافي، من خلال إصدار تقارير "الحالة الثقافية في المملكة"، كونها منتجات معرفية ترصد الحراك الثقافي المحلي داخل وخارج المملكة، وتعتبر نقطة أساس معرفية تُحدَّث دوريا، تستند على أبحاث ودراسات معتمدة.
وأخرجت النسخة الأولى من " تقرير الحالة الثقافية في المملكة 2019م" لسبر اتجاهات القطاع الثقافي، ووضع مرجع رسمي يؤرشف التطورات الثقافية.
وفي النسخة الثانية "تقرير الحالة الثقافية في المملكة 2020: رقمنة الثقافة" وصفت وحللت الوزارة الحراك الثقافي في القطاعات الثقافية الفرعية، مع رصد التحولات الرقمية المنعكسة على طبيعة الأنشطة والفعاليات، مرتكزة على سبعة محاور أساسية جاء فيها: الإبداع والإنتاج، الحضور والانتشار، رقمنة الثقافة، البنية التحتية والاقتصاد الإبداعي.