فرحة العُمر من القلب
د. محمد طالب عبيدات
القبة نيوز- تتباين درجات الفرح وفق المناسبة، فالأفراح تتّسم بتغيير النمط السائد بالحياة الروتينية صوب السعادة والبهجة، ومناسبات الأفراح تشمل الخطوبة والزواج والشهادة والتحصيل الدراسي والمنصب والشيْخَة والولادة وغيره، لكنني أجزم بأن أكثرها تأثيراً على القلب هي مناسبات الفرح بفلذات الأكباد للخطوبة والزواج حيث الشعور الذي ينتاب الإنسان يكون ممزوجاً بشريط الذكرات طول الحياة والتطلعات للإبن أو الإبنة، ونحن أحوج ما نكون لذلك هذه الأيام في زمن إختلط به الحابل بالنابل وكثرت فيه التحديات والصعاب والأزمات والويلات، وفي زمن بات فيه الحليم حيران.
فرحة العُمر تاريخية وفريدة إذ يحلم بها الناس حتى لحظة الذروة والإحتفال بها، فتخرج المشاعر سيّالة دون ضبط، وتتدفق العواطف كالمياه الساقطة من على الجبال، وتتزاحم الذكريات والأحلام المستقبلية دونما مساحات، وفرحة العُمر حالة من القلب دونما تجمّل أو تمثيل، فهي تمثّل مرحلة لا بد المرور بها لغايات بناء أسرة نووية على أمل الإمتداد والتكاثر لحمل إسم الوالد كسُنّة دنيوية طاهرة صوب سُنّة الحياة والأخلاق الحميدة، وفرحة العُمر تضعك في موقف ترى فيه حولك مَنْ أحبّوك من قلوبهم وإمتلكوا روحية العطاء تجاهك، فلهم كل الشكر من سويداء القلب لوِقفتهم ومشاركتهم وتواصلهم، فلولاهم لن تكون الأحلام حقيقة.
فرحة العُمر تُشعرك بالكَبَر والنمو للمضي قُدماً صوب الشيخوخة وحبّ التناسل كسنة ربّانية، وتجعلك تشتاق وتحنّ للأحفاد لمداعبتهم وإضفاء جو الفرح والسعادة لهم، ورؤية نفسك فيهم للبقاء في هذه الدنيا التي نؤمن بأننا يوماً ما سنفارقها جميعاً، وفرحة العُمر تُنسيك الهموم والتحديات والمشاكل وكل السلبيات والذكريات المشؤومة، وتجعلك إيجابي وفَرِح ومتفائل للحياة لتمتلك روحية العطاء وتتطلّع للأمام صوب التغيير والإمتداد والتواصل والبذرة الصالحة، وفرحة العُمر تُخرج مكامن السعادة والتعبير الإيجابي من القلب وتُثبّط الغضب والحُزن وتُعزّز الكَرَم وحُبّ الناس ومحبّتهم، كما أنها تُريح النفس البشرية وتُعزز الأمن والإستقرار النفسي.
فرحة العُمر تتويج لمسيرة عمل وعطاء وتربية ونماء لتُشكّل محطة مراجعة مع النفس أو الداخل على سبيل التغذية الراجعة، وهذا بالطبع سيعطي مردوداً إيجابياً للجيل القادم، وفرحة العُمر تُريك الفسيفساء الإجتماعية للوطن، وتُشعرك بأن هذا الوطن ينعم بالأمن والأمان ليجتمع الناس من الريف والمدن والبوادي والمخيمات في وحدة وطنية مُثلى دون خوف أو تردّد لتُشعرهم بأن هذا الوطن عصيّ على كل محاولات الفتنة أو النقائص أو الشائعات وأنه في صعود دائم، وهذه فرصة مواتية لأشكر بإسمي وعشيرتي العبيدات ومن سويداء قلبي رجالات الوطن الأشم من كل العشائر والمناطق وألوان الطيف والجغرافيا والديمغرافيا الذين شاركوا في جاهة خطوبة إبني الدكتور بهاء محمد طالب عبيدات وخطيبته الدكتورة لينا سالم الطراونة، الخطوبة التي حفرت فرحة العُمر في قلبي ورسمتها على مُحيّاي، كما وأشكر أهلي وعزوتي وأصدقائي وجيراني وأنسبائي على فيض مشاعرهم التي عزّزت فرحة العُمر عندي وأهلي مُقدّرة ومشكورة وهي دين في رقبتي إلى يوم الدين، وعقبال أبناؤكم وأحفادكم وأحبابكم، كما أشكر أنسباءنا الطراونة على حُسن وحفاوة الإستقبال، وأشكر كل من ساهم بشعوره عن بُعد بالفرح لنا، وكل أطقم مدينة الحسين للشباب الصرح الذي نعتز به والإعلاميين والفنانين ومسؤولي اللوجستيات وكل الناس، وأرجو إعتبار ذلك شكر خاص لكل من يقرأ هذه المقالة.
وفرحة العُمر ربما تأتي مرة واحدة أو أكثر، وفق حالة الفرح لدى الناس أو قابلية ذلك عند الشخوص لتكرارها، لكن المهم أن نعيشها ونلمسها على الواقع لنعبّر عنها كي تتحوّل حياتنا لسعادة وفرح دائم دونما أي إنتقاص، فالعُمر واحد والساعات التي تمر تذهب ولن تعود والمطلوب إستغلال حالات الفرح لنعيش حياة رغدة هانئة وسعيدة.
وأخيراً، فإننا جميعاً نحتاج لفرحة العُمر لترسم الإبتسامة على مُحيّانا وفي قلوبنا في الوقت الذي تشتدّ الأزمات والتحديات من حولنا، فاللحظات تاريخية ولا تُنسى، وعلينا الأخذ بالأسباب لجعل الأحلام حقائق راسخة، وهي فرصة لرؤية رصيد محبتنا وإحترامنا عند الناس، لتبقى ديارنا عامة بالأفراح والسعادة.
* وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق