facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

بعد رحيل الفنان ياسر المصري جزء من المشهد مفقود .

بعد رحيل الفنان ياسر المصري جزء من المشهد مفقود .
إسلام حيدر يكتب بعد المشهد ـ بعد رحيل الفنان ياسر المصري جزء من المشهد مفقود .

إسلام حيدر.

القبة نيوز- لطالما كان الوقوف أمام الكاميرا في صحراء قاحلة أمرًا صعبًا، ولطالما كان ارتداء الزي البدوي والتحدث بلهجة البدو أمرًا في غاية التعقيد؛ فكليات الفنون في كل العالم لم تقدم نظرية واحدة عن مشهد فني لرجل يرتدي زي الصحراء، لكن هناك فنان هو النظرية والتطبيق، هو المشهد والنص، فنان يجمع كل ذلك، الفنان الراحل ياسر المصري الذي صدمنا رحيله. غادرنا على حين غرة غادرنا وترك في قلوبنا الألم وحزن، الفنان الذي هو مثل باقي زملائه لم يتلق أي تكريم يليق به أثناء حياته.

أعاد الفنان الراحل ياسر المصري وزملاؤه ألق الثقة للدراما البدوية الأردنية من خلال مسلسل الشاعر نمر بن عدوان الذي يمثل في اعتقادنا الجيل الثالث من الدراما البدوية، لم تكن شخصية الشاعر نمر بن عدوان شخصيةً عاديةً، بل شخصية مرت بكافة مراحل تكوينها من مرحلة الشباب إلى الشيخوخة، شخصية طرأ عليها الفرح والحزن والنصر والهزيمة، كل ذلك صهره الراحل ياسر المصري في شخصية واحدة نالت رضا النقاد والجمهور، وهنا لابد من القول إن الفنان الذي يؤدي دور الشخصية البدوية قد يكون الفنان الوحيد في العالم الذي يكون تحت المسألة من قبل المجتمع، فلا يكفي أن يصفق النقاد له، بل لا بد أن يتقبل المجتمع أداؤه من حيث اللهجة والتمثيل، فالدور في الدراما البدوية له علاقة بالشخصية الوطنية في المجتمع الأردني والخليجي، والفنان الراحل ياسر المصري أوفى حق الشخصية الوطنية وأداها بأدق تفاصيلها.

قلت بالبدء إن الفنان الراحل ياسر المصري أعاد الثقة للمنتج والشاشات والجمهور العربي بالدراما البدوية التي غابت عن الشاشة منذ عقود والحقيقة أن الفنان ياسر المصري أضاف على أداء الدراما البدوية؛ حيث أخرجها من حالة النمطية إلى حالة سحر وواقعية، فهناك عدة مشاهد في مسلسل نمر بن عدوان اختلط فيها سحر الصحراء بجمال الأداء والنص لتخرج للمشاهد الذي يجلس في عالم مؤثث بالكامل من مسلتزمات القرن الواحد والعشرين الذي جعله يفكر في أصالة الحياة في البادية، وحتى أنه في مشاهد عديدة تعلم منها الوفاء والحب، وهنا تبرز أهمية الدراما البدوية التي جاءت لتؤكد على أنها ليست للترفيه واحتساء القهوة، بل إنها جزءً رئيس لإعادة صناعة ذوق المشاهد العربي الذي عصفت به بعض المسلسلات المدبلجة التي جاءت خالية من أية قيم وأخلاق.

تحدثت في بداية المقال عن روعة الفنان الراحل ياسر المصري، وقلت إنه في حد ذاته هو النظرية، ولا أبالغ في ذلك؛ فالحس الإنساني الذي استطاع أن يصنعه في أدواره ترك بصمة في تاريخ الدراما البدوية أضافت إلى ذلك أن قدرته على أداء نفس الشخصية في عدة من المسلسلات، لكن بأسلوب مختلف مما يجعله فنان متجدد يراعي الظروف النفسية للشخصية في الدراما البدوية التي تولي أهمية فهم الحالة النفسية وأبعادها فهي المكون الأساسي لفهم الشخصية والفنان الراحل ياسر المصري كان يقرأ الحالة النفسية للشخصية ويعكسها على أدائه لتتكون لوحة فنية مكتملة العناصر، مع القول إن فهم الأبعاد النفسية للشخصية في الدراما البدوية يلزمها معاينتها على الواقع من خلال المجتمع، وهذا ما كان يميز الراحل ياسر المصري.

لا يمكن أن نختم الحديث عن الفنان ياسر المصري دون القول إن جزءً من المشهد مفقود في الساحة الفنية؛ فالراحل ترك أعمالًا فنية من أبرز المسلسلات البدوية مثل خلف بن دعيجا نمر بن عدوان الوعد ملحمة الحب والرحيل تبقى تلك الأعمال دلالة على أن الفنان الراحل ياسر المصري لم يكن فنانًا عاديًا، بل فنان إعادة قراءة الدراما البدوية وأضاف إليها، إلى جنات الخلود.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )