facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الأردن.. بين صفقة القرن وضغط اللجوء السوري.. وتخلي حلفاءه التقليديين

الأردن.. بين صفقة القرن وضغط اللجوء السوري.. وتخلي حلفاءه التقليديين

 أسامة محمد الزبون

القبة نيوز- في خضم المعارك السياسية والثورات العربية والنزعات السياسية والعقائدية تقبع الأردن في استقرار وصف بأنه الاستقرار العنيد, فعلى الرغم من التهديدات التي تحيط بالحدود الأردنية من كل جانب, وعلى الرغم من الضعف النسبي التي تتسم به المملكة الأردنية والمتمثل بشح الموارد المائية والزراعية والصناعية ومصادر الطاقة, إلا أن الأردن بقي صخرة منيعة تجاه التحديات التي تعصف بالأجواء العربية, ويبقى هذا الاستقرار لغزاً محيراً للقاصي والداني. ولو أمعنا النظر قليلاً لوجدنا أن هناك خطراً بات محدقاً بسماء الأردن ويقترب ليطرق أبواب المملكة شيئاً فشيء, من هنا بدأت القضيه.

تغيرت مسميات الحدود الجغرافية للأردن حتى أصبح ما يحد الأردن من الشمال هو الثورة السورية والصراع في لبنان, ومن الجنوب عاصفة الحزم وأزمة العلاقات الدبلوماسية ضد قطر, ومن الشرق الصراع الطائفي العراقي ومن الغرب الأطماع الإسرائيلية بمختلف أشكالها. في هذه السنوات العجاف عاش الأردن حالة حصار سياسية واقتصادية واجتماعية دون عقوبات دولية, وإنما بتدخلات إقليمية ودولية حملت شعاراً في الخفاء مفاده عدم وصول تلك الشعوب إلى معاني الحرية وأدى مستويات العدالة الاجتماعية, وفي انشغال الدول العربية في شؤونها الداخلية وصراعاتها الطائفية وتوتر علاقاتها السياسية والدبلوماسية فيما بينها, ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية على الساحة العربية لتعطي ما لا تملك لمن لا يستحق وأطلق الرئيس الأمريكي العنان لخطاباته التي سميت بصفقة القرن وإعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي, وكان تجاهل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي واضحاً للقومية العربية والإسلامية وبشكل أكثر تحديداً للأردن وهي الوصية القانونية على المقدسات الإسلامية في القدس. كانت الآمال الأردنية حاضرة بمساندة الدول العربية وخصوصاً ذات الجوار الجغرافي لها وفي التصدي لهذه الصفقة التي لم تنصف العرب والمسلمين جميعاً ولم تقم لهم أي وزن, إلا أن المفاجأة أيضاً كانت حاضرة, فقد تخلى حلفاء الأردن التقليديون عنها ليصطفوا صَّفاً واحداً مع القرار الأمريكي وتلبية النداء الإسرائيلي لتنفيذ هذه الصفقة المجحفة بحق العرب والمسلمين جميعاً ولسان حال الأردن يقول إلى متى تتخلى عنا الأنظمة العربية في محنتنا الداخلية والخارجية, فها هي صدمة جديدة في معاناة الأردن, ثم جاءت الصدمة التالية أشد قسوة في قطع الإمدادات والمساعدات العربية والدولية للأردن كوسيلة ضغط على السياسة الأردنية للقبول بصفقة القرن التي عمقت جراح الأردن.

ومن جانب آخر عانى الأردن في الأشهر القليلة الماضية من فسادٍ إداري وتنموي اتصفت به أركان ومؤسسات الحكومة الأردنية أدت إلى خروج آلاف المواطنين إلى الشارع مطالبين الحكومة بالتنحي جانباً وعدم إبرام أي قانون من شأنه تجريد المواطن الأردني من ماله وكرامته ودعوتهم لعدم المساس بجيوب الشعب وفتات الفقراء في وقت كثرت به الجباية وتفاقمت به أعداد الفاسدين ومظاهر الفساد. هذه كانت البداية رغم الدعم الخليجي المشروط بشروط أدركها الشعب الأردني قبل خروجها من أفواه الأشقاء العرب, فالأردن والأردنيون باتوا يعانوا ويحاربوا في جبهاتٍ ثلاث, الداخلية والإقليمية والدولية, ولا معين لهم سوا الله عز وجل. ولكن بقي الأردن صامداً يحاول لملمة جراحه هنا وهناك.

ولما شنت القوات السورية والروسية والإيرانية وقوات من حزب الله اللبناني المناصر للنظام السوري والميليشيات الشيعية, حرباً واسع النطاق على الجنوب السوري وعلى محاذاة الحدود الأردنية الشهر الماضي, ووصفت غارات هذه الحرب الأشد والأكثر ضراوة منذ قيام الثورة السورية عام 2011, الأمر الذي أدى بسكان مدينة درعا أو ما بقي منها بالزحف قدماً للحدود الأردنية مطالبين الحكومة الأردنية بفتح الحدود الشمالية لهم وحمايتهم من خطر الموت الذي أصبح وشيكاً, فقد تحمل الأردن ما يزيد عن مليون ونصف المليون لاجئ سوري منذ بداية الثورة وطالما فتحت الأردن أبوابها للإخوة العرب بداية من الأشقاء الفلسطينيين مروراً بالعراقيين والصوماليون, ثم الليبيون ومنهم إلى البعض من اليمنيين عوضاً عن وجود أكثر من مليون مصري من الوافدين العاملين في الأردن وأخيراً السوريون منذ بداية الأزمة, ولكن في هذه اللحظة امتنعت الأردن عن فتح حدودها للاجئين السوريين منذ بداية شهر تموز من العام الجاري.

ما السبب في ذلك؟ هل للأردن نظرة مستقبلية أو هو تنبؤ في كارثة مستقبلية جرّاء فتح الحدود للاجئين السوريين؟ أم هو الضغط الأمريكي الروسي لتتحمل الأردن بضعة مئات من آلاف اللاجئين الجدد لتغرق الأردن أكثر فأكثر في تحمل أعباء جديدة؟ يأتي الرد سريعاً بعد امتناع الأردن عن فتح حدودها كالمعتاد منذ عقود, فسرعان ما انتشرت الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الإخبارية بأن المعارضة والشعب السوري أبرم الصلح ما بينه وبين النظام الحاكم, انطلقت الأفراح من عدة قرى في الجنوب السوري على رأسها قرية داعل في محافظة درعا حول هذا الإصلاح والصلح ما بين الطرفين الذي يبدو أنه كان مخطط له.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: لما جرت الحكومة السورية والقوات الروسية حملة عسكرية واسعة النطاق قبيل الصلح مع المعارضة ودفع مئات الآلاف من اللاجئين للحدود الأردنية؟ وفي حال تم فتح الحدود الأردنية فهل كان الصلح سيد الموقف كما هو الحال الآن؟

أم هي مسرحية كبرى للضغط على الأردن بشكل أو بآخر للقبول بصفقة القرن؟ وهل تخلي معظم دول الخليج عن دعم الأردن بعد إبرام صفقة القرن وقبل الحملة العسكرية على الجنوب السوري أي ارتباط؟

يبدو أن السياسية خيوطها مترابطة وجميعها تصب لمصلحة الجانب الإسرائيلي في المقام الأول. ويبقى الأردن وسط السياسات التي تحاول جاهدة الضغط على العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين للقبول بصفقة القرن, وفي هذا المقام أيضاً بات الأردن والأردنيون أكثر نضجاً ووعياً في مجريات الحياة السياسية على المستوى الوطني والإقليمي وكذلك الدولي.

ولكن.. يبقى السؤال: إلى متى يبقى الأردن مُهَدَداً بشكل أو بآخر ويعاني من خذلان المقربين وحلفاءه التقليدين بل المجتمع الدولي بأسره؟

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )