الكويت وقطر ..شكرا شكرا
أسعد العزوني
القبة نيوز - لا يعرف الإنسان من يقف معه ومن يقف ضده في أوقات الرخاء واليسرة ،تماما كما هو الحال أثناء ساعات النهار التي تبعث فيه الشمس نورها يسطع حيثما أراد الله ،لكن الإنسان في الليل يكون بحاجة للضوء كي يرى الأشياء ويتعرف عليها على حقيقتها ،وهكذا بالنسبة للمواقف ،فعندما يكون أحدنا في ضيق يصبح جهازه الحسي أكثر إستجابة لأي مؤثر ،ويكون قادرا على التمييز بين الغث والسمين ،لأن الإشارات الصادرة إليه لا تضل طريقها .
أقول هذا الكلام بمناسبة ما جرى في الأردن من حراك بسبب الوضع الإقتصادي وتبعية الأردن لبعض دول الخليج، التي باعته بثمن بخس وتحالفت رسميا مع مستدمرة إسرائيل ،وتعمل معها على تنفيذ مؤامرة صفقة القرن التي تشطب القضية الفلسطينية والأردن الرسمي على حد سواء.
قال الإمام الغزالي رحمه الله :جزى الله الشدائد كل خير Xعرفت بها عدوي من صديقي،وهذا ما ينطبق على الوضع الإقتصادي السيء الذي يضغط على الأردن بالتآمر مع تحالف صفقة القرن ،فقد حسم الأمر وعرفنا في الأردن من هو معنا وتهمه مصلتنا ويرغب بإستقرارنا،ومن هم ليسوا معنا ويعملون على إثارة الفوضى والقلاقل في بلدنا .
فرزت الإحتجاجات الأخيرة في الأردن أصدقاءنا وأشقاءنا الفعليين من أعدائنا الذين كانوا مقنعين بقناع الأشقاء ،وخلعوا هذا القناع ،ولكن الله كان لهم بالمرصاد فخاب أملهم بزعزعة الأمن والإستقرار في الأردن ،ولم يستوعبوا لوحات ومشاهد الإحتجاجات والرسائل الراقية التي تم بثها للبعيد قبل القريب.
ما لم يعرفه الغالبية من أبناء الشعب الأردني هو أن من هب لنجدة الأردن هم أشقاؤنا في الكويت وقطر رغم سحابة الصيف المنقشعة بإذن الله التي تظلل المشهد ،ولكن الأصالة العربية في هذين البلدين أبت إلا أن تسجل موقفا يعز نظيره ،وان يكون لهما سبق الخير في نجدة الأردن ،رغم"هياط"الأخ الأكبر،الذي يشخر في سبات عميق في الحضن الصهيوني. شكرا للكاتب البريطاني ديفيد هيرست الذي كشف لنا الحقيقة المرة ،فقد كتب مؤخرا مقالا مزلزلا ،وضع النقاط فيه على الحروف ،وأعطى كل ذي حق حقه،وقال أن دولة الكويت الشقيقة تفاعلت مبكرا مع الأزمة ،إذ أن جلالة الملك عبد الله الثاني إتصل بأخيه سمو الأمير صباح الأحمد قبيل إندلاع الإحتجاجات حول الوضع الإقتصادي، الذي تسبب فيه "الأخ الأكبر"وحلفاؤه من المراهقة السياسية بحصار الأردن ماليا ،وأوفدت الكويت وزير دولة فيها إلى الأردن إبان الإحتجاجات ،وتعهد بإسم سمو الشيخ صباح الحمد بتقديم مليار دولار دعما للأردن ،ولم نسمع حتى اللحظة بان دولة الكويت وضعت شروطا أو إملاءات او قامت بضغوط على الأردن ،ويبدو أن الأشقاء في الكويت عملوا وفق مبدأ "السترة تضاعف الأجر".
وما تفضل علينا الكاتب البريطاني هيرست به هو أن سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ،إتصل بجلالة الملك عبد الله الثاني إبان الأحداث وعرض عليه مساعدة مالية كبيرة غير مشروطة للأردن ،وقد طلب الملك عدم الإعلان عن ذلك إنتظارا لموقف "الأخ الأكبر"الذي نقد ترامب قبل عام نصف تريليون دولار ،لكنه كان يحاصر الأردن ماليا منذ سنة من ذلك التاريخ. يرجح الكاتب هيرست أن الملك سلمان علم بأمر مكالمة سمو الأمير تميم مع جلالة الملك عبد الله ،وهذا ما دعاه للإعلان عن مؤتمر مكة لدعم الأردن بعد ساعات على تلك المكالمة التي أرعبته لأنها تؤشر على تحول كان يجب حصوله منذ زمن ،وهذا يعني أن التحرك السعودي في مجال دعم الأردن لم يسجل سبق الأصالة والمبادرة ، بل جاء تبعا لموقف قطري يستحق التقدير ، علما أن الأردن إستجاب لبعض الضغط السعودي وخفض تمثيله الدبلوماسي مع دولة قطر وطلب من سفيرها آنذاك مغادرة البلاد،وحبذا لو اننا لم نتخذ مثل هذا القرار.
تمخض الجبل فولد فأرا ،وهذا أقل ما يمكن قوله بالنسبة لمؤتمر مكة الذي تبين أن الكويت تعهدت فيه بدعم الأردن بمليار دولار ،وهذا يعني أن الإمارات والسعودية تبرعتا بشروط للأردن بمبلغ مليار ونصف المليار دولار فقط وعلى شكل ودائع مؤقتة ومشروطة .
قبل أيام أقدمت دولة قطر الشقيقة على مبادرة أمر بها سمو الأمير تميم وهي تقديم نصف مليار دولار لدعم الأردن مع توفير 10 آلاف وظيفة للشباب الأردنيين في قطر ،في الوقت الذي يتعرض العاملون الأردنيون إلى الترحيل من السعودية قسرا ،علما أن ترامب عندما لهف من السعودية مبلغ نصف تريليون دولار عاد إلى الشعب الأمريكي وقال لهم أنه احضر لهم فرص عمل كبيرة وكثيرة. وبحسب هيرست فإن السعودية شعرت أن البساط قد تم سحبه من تحت أقدامها ،وانها خسرت قيادة الخليج،وأن قيادته بدأت تؤول إلى كل من الكويت وقطر لمواقفها الخليجية والعربية والإسلامية المشرفة، بعكس مواقف السعودية التي تحالفت علانية مع مستدمرة إسرائيل بحجة الخوف من إيران،وها هي السعودية تبدو عاجزة ومنبوذة خليجيا وعربيا وإسلاميا وحتى دوليا ،وهي تعمل على تمزيق وحدة الصف في كل من الخليج والعالم العربي والعالم الإسلامي،وآخر أمر مستغرب قامت به هو تصويتها ضد المغرب في منافسات إستضافة كأس العالم 2026 ،وتحاصر قطر والأردن وتتنازل عن القدس للصهاينة.
بقي القول أن العاصمة عمّان مشتاقة لصاحبي السمو الأميرين الشيخ صباح الأحمد والشيخ تميم بن حمد آل ثاني ،أصحاب الفضل والأيادي البيضاء على كل العرب بمن فيهم الأردنيين الذين يقدرون من يقف معهم ،وينبذون من يعمل على تقويض الأمن في بلدهم ويضغط على مليكهم ويساومه على الثوابت.