الضمان الاجتماعي: هل تضع الحكومة حدا للنقاش؟
فهد الخيطان
الأكيد أن لغياب رئيس الوزراء هاني الملقي في إجازة مرضية اضطرارية تأثيره على أداء الحكومة، وما لاحظناه من ارتباك في إدارة ملفات داخلية حساسة، فرخت أزمات مع الشارع كانت الجبهة الداخلية في غنى عنها.
الحكومة لا تنقصها المتاعب مع الشارع حتى يفتح ملف جديد بحجم ملف الضمان الاجتماعي بدون أدنى مبرر.
لا نية عند الحكومة لطلب تعديل قانون الضمان الاجتماعي. هذا ما أكدته مصادر رسمية لصحيفة "الغد" قبل يومين. لماذا إذن تركنا الناس يلوكون لأيام طويلة بإشاعات تعديل وشيك على القانون يطاول التقاعد المبكر وغيره من مواد القانون؟
الأخطر من ذلك الجدل القانوني وحرب الفتاوى بشأن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.
السجال بهذا الموضوع يعود لخمس سنوات سابقة كما تظهر الوثائق، لكن إعادة فتحه بهذا التوقيت يفتقر للحكمة والعقلانية.
مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي لم يكن في يوم من الأيام عقبة أمام استثمار مليارات الصندوق في مشاريع مجدية، لكن بالنسبة للشركاء المعنيين بأموال الضمان كانت المؤسسة بمثابة مظلة توفر الشرعية المطلوبة لقرارات إدارة الصندوق.
وليس لدى المرء شك بأن رئيس الوزراء والطاقم الوزاري المعني يعلم علم اليقين ما تعنيه مدخرات الضمان الاجتماعي بالنسبة لعموم الأردنيين المتشككين دوما بنوايا الحكومات.
كان ينبغي وضع هذا الاعتبار على الطاولة قبل فتح النقاش مجددا حول أموال الصندوق الاستثماري وإدارة العملية بذكاء واحتراف، لتجنب الاتهامات العشوائية.
لا يعني ذلك الاستسلام أمام التيار الاتهامي في البلاد الذي يصور المسؤولين على أنهم مجموعة من اللصوص يتحضرون لسرقة أموال الشعب. لكن علينا أن نأخذ في الاعتبار التجارب المريرة للأردنيين مع إدارات سابقة تعاملت مع ملفات حيوية كالضمان الاجتماعي بخفة وضمير منعدم.
توقيت النقاش غير موفق أبدا؛الحكومة تكافح لتدبير شؤون الموازنة العامة وتخوض جدلا عنيفا مع صندوق النقد الدولي، وتخشى من عواقب اقتصادية، في الأثناء ينفتح الحديث عن تحرير القرار الاستثماري من سلطة مجلس إدارة الضمان الاجتماعي.كل ذلك أوحى لجمهور واسع من المواطنين بأن الحكومة تنوي حل مشكلتها المالية على حساب مدخراتهم.
هذا ملخص ما حصل في الأسابيع الثلاثة الأخيرة وما استقر من انطباعات في وجدان الأغلبية.
كان يمكن لمبتدئ في العمل السياسي أن يتوقع هذه الخلاصة قبل أن يقدم على مناقشة الملف وفتحه. بيد أن المؤسف حقا فيما جرى هو ذلك الافتقار المريع للحس العام في دوائر صناعة القرار التنفيذي وعدم تقدير الآثار السلبية المترتبة على مخزون الثقة من الشعبية الهابط حد الجفاف.
في الأيام الماضية لم يكن موضوع للتداول في أوساط المواطنين سوى ملف الضمان الاجتماعي. عشرات الأسئلة تنهال علينا كصحفيين في كل مناسبة يرافقها سيل من الاتهامات المزعجة حد كسر الخطوط الحمراء.
ينبغي على الحكومة التحرك بسرعة لطي الملف بإعلان صريح وقاطع بأن لا تغيير على آلية اتخاذ القرار في صندوق استثمار الضمان الاجتماعي. ولابأس أيضا من التفكير جديا باقتراح النائب عبد الكريم الدغمي تعديل إحدى مواد القانون بما يضمن اقتران القرار الاستثماري بموافقة مجلس إدارة المؤسسة.