facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

بالقانون هذه المرة.. هل يسعى بشار الأسد لتغيير ديموغرافي بسوريا؟

بالقانون هذه المرة.. هل يسعى بشار الأسد لتغيير ديموغرافي بسوريا؟

القبة نيوز - أثار القانون رقم 10، الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ أيام، بشأن التنظيم العمراني للمناطق العشوائية في سوريا، أثار حالةً من القلق والذعر، على نحو خاصٍّ في الأوساط المعارضة، لاسيما أنه جاء في وقت يتم فيه تهجير سكان الكثير من المناطق الخارجة عن سيطرة المعارضة إلى شمالي البلاد.

ورأى سوريون أن القانون الجديد يحمل محاولةً لتغيير ديمغرافي، وتجريداً لملايين من اللاجئين المطلوبين أمنياً من أملاكهم، فيما انتقد آخرون توقيت صدور القانون، لكنهم دعوا إلى عدم المبالغة في تصوير تداعياته وتأثيره.

وكان موقع مجلس الشعب السوري، قد نشر يوم 3 أبريل/نيسان 2018، نصَّ القانون رقم 10 لعام 2018، الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد، القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر، ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، المعرفة بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011، وذلك بمرسوم بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة، وتعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012.

واعتبر حسين مخلوف، وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام السوري، أن القانون رقم 10 “مكرمة” من الأسد، و”فرصة لمعالجة مشكلات السكن العشوائي والمخالفات، وتطويرها، من خلال إحداث دراسات ونظم عمرانية، مع مراعاة الحفاظ على حقوق الجميع، بما فيها حقوق الشاغلين”.

مشكلة في توقيت إصدار القانون

وما إن انتشر القانون، حتى حذَّرت شخصياتٌ حقوقية معارضة للنظام من آثاره، فتحدَّث الحقوقي البارز ميشال شماس على فيسبوك قائلاً، إن القانون “يفتح الباب على مصراعيه أمام تغيير ديمغرافي وتشريع مصادرة ممتلكات ملايين المهجرين والنازحين”. يهدف بشكل أساسي إلى “منع عودة النازحين والمهجَّرين واللاجئين إلى بيوتهم”، على حد وصفه.

 واعتبر المحامي المعروف بدفاعه عن المعتقلين السياسيين لدى النظام السوري، أنه لو صدر هذا القانون قبل 10 سنوات، لما كان أثار أية مشكلة باستثناء بعض الملاحظات على عدد من المواد التي تحتاج إلى تعديل، مضيفاً أن ما يثير الريبة والشبهة والشك، وسوء النية لدى من أصدر هذا القانون، هو إصداره وتطبيقه في هذا التوقيت بالذات، حيث تعيش البلاد أزمة طاحنة لا يعرف حتى الآن كيف ستنتهي وإلى أي مدى ستصل إليه”، وأن إصدار وتطبيق قوانين مثل هذه تحتاج إلى أجواء هادئة ومستقرة، وعودة جميع المهجرين إلى بيوتهم ومناطقهم.

" data-width="500">

وفسَّر شماس القانون بأنه يطلب من المالكين الحضور أمام لجنة وإبراز مستنداتهم، مشيراً إلى إمكانية عدم تمكن الكثير من السوريين أو أقاربهم من الحضور أو التقدم بالمستندات، بسبب الملاحقة الأمنية، موضحاً أنه في حال توكيل شخص مُهجر لمحامٍ بالحضور عنه، فإن الوكالة الخارجية تتطلب تصديق الجهات الأمنية.

وبيَّن أن الفقرة “ب” من المادة 2 من هذا القانون، تنصُّ على حضور أحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة، أو بوكالة مِن صاحب الحق، منبهاً إلى أنه في ظلِّ وجوب الحضور خلال مدة معينة، ووجود مناطق لا يتواجد فيها أحد من السكان، ستكون قيود السجل العقاري فقط هي المعتمدة، ما يطرح إمكانية سقوط أسماء سهواً أو قصداً، على حد تقديره.

من جانبه نشر القاضي السابق، حسين حمادة حمادة، شرحاً تفصيلياً للمرسوم رقم 66 لعام 2012، والقانون رقم 10 لعام 2018، الذي قال إنه حصيلة دراسته لهما مع مجموعة من “الحقوقيين الثوريين”.

وأوضح أن المرسوم صدر من رئيس الجمهورية وتضمَّن إحداث منطقتين تنظيميتين هما المزة وكفرسوسة، بينما القانون رقم 10 صدر عن مجلس الشعب، وتَرَك لوزير الإدارة المحلية والبيئة اقتراح أي منطقة تنظيمية على مستوى سوريا، ليشملها التنظيم، شرط وجود مخططات عامة وتفصيلية مصدقة، ودراسة جدوى اقتصادية معتمدة، لافتاً إلى أن المرسوم 66 أجاز للأقرباء من أي درجة كانوا أن يراجعوا عن مدعي الملكية غير الثابتة في السجل العقاري، لتعيين “محل إقامة مختار”، مصطحبين معهم وثائق الملكية، بينما القانون الجديد حصر ذلك بالأقرباء من الدرجة حتى الرابعة دون وكالة، أو ممن لديه وكالة تخوله المراجعة الإدارية.

وانتقد هو أيضاً كلاً من المرسوم والقانون، لوضعهما مهلة شهر للمراجعة، واعتبارهما هذه المهلة مدة سقوط للمطالبة بأصل الحق، والاكتفاء بعدها بمطالبة المتضرر بالتعويض فقط، لأنه “يعرِّض أصحاب الحقوق لضياع حقوقهم العقارية في هذه الظروف المضطربة”، على حد وصفه.

وخلص القاضي السابق المعارض للنظام، إلى أن هذا المرسوم والقانون رغم أنهما صحيحان في المضمون، إلا أنهما خاطئان في الظروف، والمرحلة التي تتسم بسيطرة “قوى أجنبية شريرة تهدف لامتلاك سوريا”، على المناطق المعلن تنظيمها، ما يجعل الأسباب الموجبة لهذين القانونين، غير ما هو معلن عنه.

هل على جميع ملّاك العقارات مراجعة السلطات وإثبات حقوقهم؟

وحاول محامون سوريون، في ظلِّ خشية الكثيرين من فقدان ممتلكاتهم، توضيح ماهية الأشخاص الذين يتوجب عليهم مراجعة سلطات النظام، وإثبات ملكيتهم للعقار، فدعا القاضي حمادة إلى التمييز بين حالتين؛ الأولى: مَن كان مالكاً بقيود السجل العقاري، أو لديه إشارة دعوى على صحيفة السجل العقاري، فهو المستفيد الأكبر من هذه العملية، إذ إنه يحصل على مقسم أو مقاسم توازي عدد أسهم ملكيته، ولا يمكن تجاهل ملكيته الثابتة في السجل العقاري، مع ملاحظة أن السجلات العقارية على مستوى الوطن مؤتمتة منذ عام 2001.

إلا أنه حذَّر من إمكانية حدوث تواطؤ، عن طريق انتحال شخصية المالك قيداً، ونقل الملكية بموجب قرار قضائي، أو وكالة كاتب بالعدل، مزورين، أو بالتواطئ مع أمين السجل العقاري، مؤكداً أن هذه الحالات تحصل في مراحل الاستقرار، وتكثر في مراحل الاضطراب، كتلك السائدة حالياً.

أما الحالة الثانية، بحسب حمادة، فهي “مَن كان مالكاً بموجب وكالة أو عقد بيع عادي، فعليه إثبات هذه الملكية ضمن منازعة قضائية، من خلال توكيل محامٍ أو بدونه، وهذا متاح ضمن شروط خاصة، وكل مَن لم يقم بهذه المنازعة يفقد حقه في الحصول على ملكيته، ويبقى أمامه الحق بالمطالبة بالتعويض على من احتال عليه، ونقل ملكيته العقارية بطريقة التزوير”.

وبكلام أوضح، قال إن من يحتاج للمراجعة هم أصحاب الحقوق غير المدونة في السجل العقاري، وهم المقصودون بضرورة المراجعة لاتخاذ موطن في الوحدة الإدارية، أو تقديم الوثائق غير الرسمية للجهات الإدارية.

من جانبه بيَّن المحامي عارف الشعال، الذي نشر قائمةً بآليات تطبيق القانون المذكور على حسابه بفيسبوك، أنه بعد صدور المرسوم بتنظيم منطقة ما، يجب انتظار المحافظة، أو البلدية التابع لها العقار، حتى تعلن عن وجوب قيام أصحاب الحقوق بالتصريح عن حقوقهم، وهي ستقوم بذلك خلال فترة وجيزة من صدور المرسوم بتنظيم المنطقة.

وذكر أنه خلال شهر واحد فقط من هذا الإعلان، يجب على كل من يدعي حقاً بعقار ضمن هذه المنطقة، كأن يملك بحكم محكمة أو وكالة أو عقد، أن يتقدم للمحافظة أو البلدية بتصريح عن حقوقه بالعقار، وإذا كان مسافراً أو مطلوباً أمنياً ولا يمكنه القدوم للتصريح، فيمكن أن يقوم بذلك نيابة عنه أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة (أي أقاربه حتى أبناء العم والعمة والخال والخالة)، وليس شرطاً أن يكون وكيلاً عنه بشكل رسمي، ويكفي أن يبرز بيان عائلي يثبت درجة قرابته له.

وأكد على أن “المالك المسجل العقار باسمه في السجل العقاري، أو ما يماثله من سجل مؤقت، أو مؤسسة إسكان، أو جمعية سكنية، أو غيرها، لا حاجة له للتصريح بأي حق، لأن حقوقه مصانة بقوة التسجيل”.

إلا أن حمادة نبَّه على أية حال الجميع من أصحاب الحقوق العينية العقارية في المناطق التي تسمى مناطق تنظيمية -سواء منهم أصحاب الحقوق المسجلة في السجل العقاري أو غير المسجلة وسواء في منطقتي كفر سوسة والمزة أو المناطق التنظيمية التي يصدر بها مرسوم لاحق- بضرورة التواصل عبر أقربائهم، أو عبر محامين، وتقديم مستنداتهم التي تشير إلى حقوقهم، ومراقبة الجداول الاسمية التي تُعلَن بلوحة الإعلانات، أو الجريدة الرسمية، من أجل الحفاظ على حقوقهم من الضياع.

تغيير ديمغرافي بالقانون؟

واختلفت الآراء حول اعتبار القانون تغييراً سكانياً بفعل القانون، إذ قال القاضي السابق حمادة، في بث مباشر على فيسبوك، إنه لا يرى أن هذا القانون يأتي في سياق التغيير الديمغرافي، رغم أن إرادة النظام السوري منصرفة في هذا الاتجاه، مستدركاً بالقول، قد يكون على مستوى المزة وكفرسوسة، ولكن ليس على مستوى سوريا، مشيراً إلى أن النظام ينظر للمجتمع السوري إلى أنه مكون من فئتين، من هم معه ومن هم ضده، ويقوم علناً بمساعدة الأمم المتحدة بترحيل المعارضين له بالحافلات الخضراء.

وأكد أن هناك خطورةً نابعة من هذين؛ المرسوم والقانون على الملكيات، لكنه دعا إلى عدم إعطاء هذا الخطر أكبر من حجمه، لافتاً إلى أن التغيير الديمغرافي لا يتم بهذه الطريقة.

من ناحيته، قال الباحث أيمن الدسوقي، من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، على حسابه بموقع تويتر، إن القانون سيُستخدم لتجريد قسري لممتلكات المدنيين، ما يعني “تطهيراً اجتماعياً” للمناطق المستعادة من قبل “الحكومة السورية”. وأضاف أن القانون المذكور إلى جانب تشريعات أخرى، يمكن الوحدات الإدارية من تكوين شركاتها القابضة للتعامل مع المشاريع العقارية، كـ”شركة دمشق الشام القابضة“، لافتاً إلى إعلان محافظات حمص وحلب وريف دمشق عن شركات قابضة مماثلة قريباً.

وأوضح أن رجال الأعمال الموالين للنظام سيستفيدون من عقد الشراكة مع هذه الشركات القابضة، كشأن رامي مخلوف، ومازن الترزي، ووسام قطان، الذين وقَّعوا عدة عقود مع شركة دمشق الشام القابضة.

 ووصفت عضوة الهيئة التفاوضية السورية المعارضة، أليس مفرج، القانونَ رقم 10 على حسابها بموقع تويتر، بأنه “بمثابة تعفيش علني للعقارات والأراضي، لإعادة الإعمار بمرحلة التعافي المبكر، وصولاً لسوريا المفيدة”.

وقالت مفرج، التي سبق أن خسرت منزلها بسبب عملها المعارض، كما يبدو: “تمنيت لو قاموا بقصف منزلي وعفشوه رماداً، على ألَّا يستفيد من سقفه القتلة، حين صادروه في جرمانا بتهمة دعم الإرهاب”.

المصدر عربي بوست
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )