نضال انور المجالي يكتب …كفى انتقاداً للماضي.. فلنبحث عن الأمل والنقد البنّاء
لقد بات الانتقاد المستمر للماضي، والتركيز المفرط على "عنق الزجاجة" من التحديات الموروثة، ظاهرة تستنزف طاقتنا وتعيق رؤيتنا للمستقبل. في خضم السجالات اليومية، يبدو أن البعض يجد راحة في استدعاء الأخطاء القديمة بدلاً من الانخراط بجدية في صناعة الغد. لقد كفانا انتقاد الماضي، فالأمة تحتاج اليوم إلى نظرة تتجاوز المرآة الخلفية، تبحث عن الأمل كوقود للمسيرة، وتجعل من الفعل الإيجابي أولويتها القصوى.
إن حالة "الزهق" أو الإرهاق التي يشعر بها المواطن من تكرار انتقاد المشكلات ذاتها دون تقديم حلول عملية هي شعور مبرر. الحديث عن التحديات المألوفة كـ "عنق الزجاجة" لم يعد ينتج حراكاً، بل أصبح مجرد إعادة تدوير للطاقة السلبية. هذا المشهد، الذي يغلب عليه السعي المحموم وراء الشعبوية الرخيصة، يبتعد بنا عن جوهر التغيير الحقيقي.
كفانا بحث عن شعبوية. فالرهان على استغلال عواطف الجماهير أو اصطياد نقاط الضعف السطحية لم يعد مجدياً. الشعب يعلم ما خلف الكواليس؛ يدرك جيداً الفرق بين الناقد الباحث عن الإصلاح والمدّعي الباحث عن الشهرة أو المكاسب السياسية السريعة. لقد تجاوز وعي الجماهير قدرة المزايدين على التلاعب.
ما نحتاجه بشدة اليوم هو التحول من ثقافة النقد الهدّام إلى ثقافة النقد البنّاء. النقد البنّاء ليس مجرد ذكر للخطأ، بل هو منظومة متكاملة تبدأ بتشخيص دقيق للمشكلة، وتنتقل إلى اقتراح حلول قابلة للتطبيق، وتنتهي بالمساءلة الإيجابية عن النتائج. إنه النقد الذي يضيف قيمة، ويضيء الطريق، بدلاً من النقد الذي يحرق الجسور ويترك وراءه رماد الإحباط.
علينا أن نؤمن بأن المستقبل هو نتاج ما نزرعه اليوم، وليس امتداداً حتمياً لأخطاء الأمس. فلنتحد جميعاً، مسؤولين ومواطنين، مثقفين وإعلاميين، للتركيز على نقطة الانطلاق الجديدة. فلنحول طاقة النقد السلبية إلى قوة دافعة للتغيير الإيجابي، ولنبحث عن الأمل في إنجازاتنا الصغيرة قبل الكبيرة. بهذا التوجه، نكون قد أعلنا نهاية عهد "التذمر" وبداية عصر "الإنجاز" البنّاء.
حفظ الله الاردن والهاشمين















