المجالي يكتب : وصفي التل... أربعة وخمسون عامًا وروح الوطن باقية
بقلم - نضال المجالي
غدًا، تحل الذكرى الرابعة والخمسون لرحيل قامة وطنية باسقة، ورمز خالد من رموز الأردن، الشهيد الرمز "وصفي التل"، الرجل الذي وإن غاب جسده عن المشهد السياسي في صباح يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1971، فقد بقي حضوره حيًا نابضًا في وجدان كل أردني وأردنية، شعارًا للعزيمة والنزاهة والتفاني في خدمة الوطن.
إن الحديث عن وصفي التل ليس مجرد استحضار لسيرة رئيس وزراء راحل، بل هو استذكار لمدرسة في الحكم والإدارة، ولأنموذج فريد للقيادة التي آمنت بالشعب والأرض. كان "أبو مصطفى" - كما كان يحلو للجميع مناداته - ابن الأرض بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ فقد عاش بسيطًا، زاهدًا في مظاهر السلطة، وقريبًا من الناس وقضاياهم، يحمل هموم الفلاح والعسكري والبدوي على حد سواء.
لقد ترك وصفي التل بصمات لا تُمحى في تاريخ الأردن الحديث، بدءًا من رؤيته العميقة في بناء الجيش العربي، مرورًا بإيمانه المطلق بوحدة المصير الوطني والقومي، وصولًا إلى إصراره على استقلال القرار الأردني وسيادته. كانت سياسته الداخلية ترتكز على العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والبيروقراطية، مكرسًا مبدأ أن "الدولة يجب أن تكون خادمًا للمواطن وليس العكس".
إن المكانة التي يتمتع بها وصفي التل حتى اليوم، بعد أكثر من خمسة عقود على استشهاده، هي دليل على أن القادة الذين يخلصون لشعبهم ووطنهم لا يرحلون أبدًا. لقد تحول اسمه إلى أيقونة للنزاهة والشجاعة، وإلى مِعيار يُقاس به الإخلاص والانتماء.
في هذه الذكرى، لا يسعنا إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل أن يتغمد الشهيد الرمز وصفي التل بواسع رحمته، وأن يرفعه في أعلى درجات الجنان مع الصديقين والشهداء. كما نسأله سبحانه أن يحفظ أردننا الحبيب، تحت ظل قيادته الهاشمية المظفرة، وأن يديم على وطننا الأمن والعزة والتقدم، سائرًا على درب الآباء المؤسسين والأبطال المخلصين.
رحم الله وصفي التل، وبارك في الأردن، وحمى شعبه. والهاشمين















