facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

نضال المجالي يكتب : ضمير المحامي ميزان العدل الذي لا يميل

نضال المجالي يكتب : ضمير المحامي ميزان العدل الذي لا يميل
بقلم - الكاتب نضال انور المجالي

إن المنظومة القضائية هي العمود الفقري لأي دولة ترنو إلى سيادة القانون وترسيخ دعائم العدل. وفي قلب هذه المنظومة يقف المحامي، ليس مجرد وكيل أو ممثل قانوني، بل هو شريك أساسي في إقامة العدل وحارس لبوابة الحق. لكن هذا الدور الجليل لا يمكن أن يؤتى ثماره ما لم يكن محاطاً بسياج متين من الأخلاق المهنية التي لا تتزعزع.

لقد لخصت المقولة الخالدة جوهر هذه المهنة: "شرف المهنة أغلى من ثمن الوكالة" هذه ليست مجرد عبارة رنانة، بل هي ميثاق يحدد بوصلة المحامي في كل قضية. فإذا كانت غاية العدالة هي الوصول إلى الحقيقة، فإن غاية المحامي يجب أن تكون إعلاء هذه الحقيقة، حتى لو كان الثمن هو التضحية بمنفعة مادية زائلة.

المسؤولية المشتركة: النقابات والمؤسسات التعليمية

إن المسؤولية تقع على عاتق النقابات القانونية والمؤسسات التعليمية لتعزيز هذه الأخلاق المهنية وجعلها الميزان الذي لا يميل. يجب أن تتحول كليات الحقوق من مجرد مصانع لتخريج الكوادر القانونية إلى حواضن للضمير القانوني، تزرع في الطالب قبل أن يتخرج أن العدالة هي أساس المُلك، والضمير هو أساس العدالة.

دور النقابة لا يتوقف عند تنظيم المهنة، بل يمتد ليصبح سلطة رقابية أخلاقية. فمن واجبها أن تُفعّل آليات المساءلة التأديبية بحزم وشفافية، وأن تجعل التمسك بالشرف المهني معياراً للترقية والتقدير، وليس مجرد شرط شكلي للانضمام. يجب أن تكون القدوة هي المعيار، وأن يُدرك الجميع أن أي انحراف عن هذا المسار يمثل طعناً في جسد العدالة كله.

الضمير: أساس استقامة القضاء

لا يمكن أن يستقيم حال القضاء ما لم يكن ضمير محاميه حياً ونقياً. المحامي الذي يبيع الحقوق، ويزور الوقائع، ويتلاعب بالإجراءات طمعاً في حفنة زائلة من المال، هو في حقيقته معول هدم في صرح العدالة. إن الانتماء الحقيقي للمحامي يجب أن يكون للحق أولاً وأخيراً، لا للعميل أو لحجم أتعابه.

إن القوة الحقيقية للمحامي تكمن في نزاهته وشجاعته الأخلاقية التي تدفعه لرفض أية وكالة يشتم منها رائحة الباطل، أو أي مسلك يخدش شرف المهنة، حتى لو كلفه ذلك خسارة مادية. لأن المحامي في النهاية هو ضمير المجتمع المتجسد أمام منصة القضاء، وعندما يغيب هذا الضمير، يتحول القانون إلى أداة تشرعن الباطل، وتُقنن الظلم، وهنا تكمن الطامة الكبرى.

لذلك، يجب أن تكون هذه العبارة منقوشة في وجدان كل محامٍ: "العدالة ليست سلعة تُباع وتُشترى، بل هي رسالة مقدسة لا تُقيّم بثمن". إن استدامة النظام القانوني والاجتماعي تقع على عاتق هذا الالتزام الأخلاقي الصلب.

حفظ الله الاردن والهاشمين

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير