طارق أبو الراغب يكتب … الفرصة الأخيرة

تتجه الأنظار غداً إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث ستنعقد قمة استثنائية ثلاثية الأبعاد: قمة عربية، وقمة إسلامية، وقمة خليجية في آن واحد، في توقيت حساس لا يقبل التأجيل ولا يحتمل التردد. هذه القمة لا تشبه سابقاتها من حيث الظرف ولا من حيث حجم التحديات، فهي تأتي بعد 48 ساعة من غطرسة إسرائيلية غير مسبوقة، حين تعرضت خمس عواصم عربية لهجمات مباشرة وعمليات اغتيال منظمة نفذتها حكومة نتنياهو ووزراؤه المتطرفون، وكأنهم يختبرون صبر الأمة جمعاء.
لماذا الدوحة؟ ولماذا الآن؟
اختيار الدوحة ليس مجرد صدفة، فلطالما كانت قطر منصة سياسية ودبلوماسية للنقاشات العربية والإسلامية، وهي اليوم تستضيف هذه القمم الثلاث في وقت لم يعد فيه التهديد مقتصراً على حدود فلسطين، بل تمدد ليطال دولاً عربية ذات سيادة، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي، وللمجتمع الدولي، ولمنظومة الأمن القومي العربي والإسلامي.
سقف التوقعات والخيبة المتكررة
من المؤسف أن الشعوب العربية اعتادت أن تسمع من مثل هذه القمم بيانات ختامية لا تتجاوز عبارات الإدانة والشجب والاستنكار. غير أن هذا النمط لم يعد مقبولاً، بل أصبح يضر بسمعة هذه الاجتماعات ويهز ثقة الشعوب بها، لأنها في نظر المواطن العربي والمسلم مجرد مسرحيات سياسية بلا أثر عملي. هذه المرة، الشعوب تنتظر أفعالاً لا أقوالاً، وقرارات عملية لا مجرد تصريحات إعلامية.
ماذا يعني الفشل هذه المرة؟
إن خرجت هذه القمة كسابقاتها، دون إجراءات فعلية تعكس الإرادة السياسية والجماعية، فهذا لن يكون مجرد فشل دبلوماسي عابر، بل سيكون بمثابة تهشيم لصورة العمل العربي والإسلامي المشترك، وإقراراً ضمنياً بعجز الأمة أمام العدوان المتصاعد. عندها، ستترسخ القناعة لدى الشعوب أن مؤسسات القمم فقدت قيمتها، وأن العواصم العربية والإسلامية أصبحت مكشوفة أمام العدوان دون غطاء.
الفرصة الأخيرة
إنها بالفعل الفرصة الأخيرة، ليس للمؤتمرين في الدوحة فحسب، بل للعمل العربي والإسلامي المشترك بأسره. المطلوب هذه المرة أن تكون هناك مخرجات عملية:
قرارات سياسية واضحة قابلة للتنفيذ.
إجراءات اقتصادية ودبلوماسية ضاغطة.
موقف جماعي يردع الاحتلال ويعيد الهيبة للأمة.
إذا لم تتحقق هذه المخرجات، فلن يكون الفشل عجزاً فقط، بل سيكون بمثابة تبرئة مجانية للعدوان وتشجيعاً لإسرائيل على التمادي.