facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

نضال أنور المجالي يكتب: إلى كل متخاذلٍ ومُنكرٍ للعون: الأردنُ يغيثُ غزة... وأنتم تطعنون

نضال أنور المجالي يكتب: إلى كل متخاذلٍ ومُنكرٍ للعون: الأردنُ يغيثُ غزة... وأنتم تطعنون
يا من تتشدّقون باسم شعبٍ يُدميه الجرح، ويا من تدّعون الغيرة على قضيةٍ مقدسة، بأي وقاحةٍ تتنكرون لأيادٍ مُمدودةٍ بالخير في أحلك الساعات؟ وبأي منطقٍ ساقطٍ تصفون تضحيات الأشقاء بـ "المسرحيات الهزلية" والموت ينهش أهل غزة أمام أعينكم؟
بينما غزة تئن تحت وطأة حصارٍ ظالمٍ وجوعٍ يفتك بالصغار والكبار، وفي صمتٍ دوليٍ مُخزٍ يمزّق الضمائر، يقف الأردن، كعادته، شامخًا بكرامته وإنسانيته، باذلاً الغالي والنفيس لمدّ يد العون. ولكن الطعنة الأشد إيلامًا تأتي ممن يُفترض أنهم صوت الشعب المُعذب، يطلقون سهام التشكيك والاتهام، ويُصنّفون جهود الإنقاذ والإغاثة كـ "مسرحيات هزلية".
هل يمكن أن يكون تصريحًا لقائدٍ في حماس، السيد خليل الحية، بوصف "الإنزال الجوي" بـ "المسرحية الهزلية"، مجرد زلة لسان؟ والله إنها طعنةٌ غادرةٌ في خاصرة التضحية، وتنكرٌ سافرٌ لجهودٍ بُذلت في ظروفٍ عصيبةٍ لمصلحة شعبنا في غزة. هل نسي القائل أن طائرات أردنية، تحمل في بطن كل منها روح طيارٍ شجاعٍ مستعدٍ للفداء، حلقت في سماء الخطر، مُتحديةً قذائف الموت، لا لغرضٍ سوى إيصال لقمة العيش والدواء لرضيعٍ يئن من الجوع، وشيخٍ يعاني من المرض، وامرأةٍ تتألم في صمت؟ هل أصبحت الإنسانية في قاموس البعض "هزلية" عندما تأتي من الأشقاء، وفي أحلك الظروف وأصعبها؟
تضحية الأردن ليست بحاجة لشهادتكم
الأردن، بتاريخه الذي يشهد له القاصي والداني، ومبادئه الراسخة التي لم تتبدل، لم ينتظر يومًا شهادةً من أحدٍ ليقوم بواجبه الإنساني والأخلاقي تجاه إخوته. لم يبحث عن أضواء، ولم يبتغِ شكرًا أو ثناءً. مبدؤه الأسمى هو المساعدة والإنسانية، وقضيته المركزية هي نصرة الحق الفلسطيني في كل محفلٍ دولي. لقد كانت الإنزالات الجوية، وما زالت، خيارًا اضطراريًا في ظل حصارٍ خانقٍ على غزة، وقيودٍ ظالمةٍ فُرضت على دخول المساعدات برًا. هذه الإنزالات، رغم تكلفتها الباهظة ومخاطرها الجمة، كانت ولا تزال شريان حياةٍ يمد غزة بما يسد رمقها، في وقتٍ تقاعست فيه قلوبٌ كثيرةٌ عن واجبها وتخاذلت أيادٍ عن مدّ العون.
إن الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الوفي الذي يُقدّر التضحية والعطاء، لم ولن يساوم يومًا على كرامة الشعب الفلسطيني أو يتخلى عنه. إن مد يد العون لغزة ليس خيارًا نتردد فيه، بل هو قدرٌ ومسؤوليةٌ تاريخيةٌ حملناها على عاتقنا منذ فجر القضية. ومن يتجرأ على التشكيك في هذه الجهود، أو وصفها بما لا يليق بها، فإنه لا يسيء للأردن فحسب، بل يسيء للقضية التي يدّعي الدفاع عنها، ويضرب عرض الحائط بكل قيم التضامن والتعاون التي نحن أحوج ما نكون إليها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا.
غزة تستحق الأفعال لا المزايدات الرخيصة
ليعلم الجميع أن غزة ليست مسرحًا تعرض عليه التمثيليات، وأن آلامها ليست سلعةً للمزايدات أو التشكيك الرخيص. الأردن، بمواقفه الثابتة والمشرفة التي تشهد عليها سجلات التاريخ، يُعلي الإغاثة فوق كل تشكيكٍ أو اتهام، والإنسانية فوق أي اعتباراتٍ أخرى. فلتصمت الألسنة التي لا تعرف سوى الجحود والتنكر للعطاء، ولتُعلي الأصوات التي تُقدر العطاء وتُثمن التضحية، لأن غزة تستحق منا جميعًا أكثر من مجرد الكلمات والتصريحات الرنانة، تستحق منا كل فعلٍ نبيل، وكل جهدٍ مخلص، بعيدًا عن أي تشكيكٍ يفرق ولا يجمع، ويهدم ولا يبني.
حفظ الله الأردن وفلسطين والهاشميين
المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير