الحرب الشاملة بين المصطلح والواقع
القبة نيوز - بقلم : لافي العمارين
في خضم التطورات المتلاحقة في اقليم الشرق الأوسط وتدحرج كرة لهيب غزة لتتسع دائرة اشتعال الاقليم شيئا فشيئا، أضحى مصطلح الحرب الشاملة يترامى الى مسامعنا على شكل تحذيرات وغدا قادة المنطقة وشعوبها تستصرخ العالم لمنع نشوب هذه الحرب، الغريب في الامر أن دول اقليم الشرق الاوسط تصعد من لهجة وقف التصعيد وكأن ما يحدث منذ عام تقريبا ليست حرب وربط البعض مصطلح الحرب الشاملة بدخول أكثر من دولة ساحة الحرب عسكريا ، أن قصر النظر لهذا المفهوم وأن كان يمنح الشعوب أمل الاستقرار ما لم تكن هناك عمليات عسكرية بين دول المنطقة ولكنه يبكيها مستقبلا 0
عُرفت الحرب الشاملة أكاديميا بأنها " استراتيجية يستخدم فيها أحد طرفي الحرب أو كلاهما أي وسيلة ضرورية ليفوز بالحرب مهما كانت طبيعة هذه الوسيلة أو تلك الممارسات حتى لو كانت منافية للأخلاق، كما أن هذه الحرب لا تعترف بوجود تمييز بين الجنود المقاتلين والمدنيين والهدف منها هو تدمير الخصم وموارده حتى لا يتمكن من مواصلة الحرب او البقاء " وبهذا التعريف الاكاديمي تبحث دول المنطقة عن ذاتها لتجد نفسها تخوض هذه الحرب آنياً وليست مستقبلا لتبحث عن وقف التصعيد، فما العمليات العسكرية الا مرحلة أخيرة تعتمد مبدأ القوة لأنهاء هذه الحرب لاحد أطراف الصراع
أن ما يحدث في غزة وما تبعها من احداث لا زالت مستمرة ما هي الا في سياق الحرب الشاملة التي لا تبقي ولا تذر، فمفهوم الحرب الشاملة يتجاوز العمل العسكري الى الحالة الاقتصادية للمنطقة وحالة عدم الاستقرار وتعدد التحالفات والتكتلات من حيث الاهداف والغايات، هل نقول أن استباحة المسجد الاقصى وقتل المدنيين الابرياء والاطفال وتهجير السكان الامنين وقطع الامدادات والمساعدات عن أهل غزة ليست حرب شاملة؟ هل يعقل أن نعتبر تصدي الاردن لمحاولات التهريب بكافة أنواعها بما تحمله من ضرب أمن واستقرار ليست حرب شاملة ؟ أليست تجاوز ايران على حدود غيرها والتدخل فيما لا يعنيها ليست حرب شاملة ؟
أن ما يحدث في الشرق الاوسط هو عينه ما يطلق علية الحرب الشاملة في أطار اقليمي عملياتيآ واطار دولي سياسيا، فما يصدر عن مجلس الامن من قرارات وعن الامم المتحدة وضرب اسرائيل به بعرض الحائط ما هو الا في السياق الاستراتيجي ، وما يحدث في مضيق باب المندب وعرقلة الحركة التجارية العالمية وما نتج عنه من تداعيات اقتصادية ما هو الا احد اوجه استراتيجيات الحرب الشاملة ، وما استقواء الميليشيات على الحكومات الا في سياق هذا المفهوم لأن ليست هناك ميليشا داخل دولة بدون يد خارجية لها مآرب وتوجهات معادية
واذا ما اعتبرنا بأن ما يحدث هو عينه الحرب الشاملة فلابد لها من اطراف ، واذا ما سلمنا جدلا بأن اسرائيل هي الطرف المستعلي في الارض ، فماذا عن أيران ؟ قد يكون دورها الوظيفي في هذه الحرب زيادة النار حطبا ولابد من ذلك فهي أيضا تملك مشروعاً ، بقي أن نقول ماذا نملك نحن العرب في هذه الحرب ؟ وما مكانتنا الاستراتيجية فيها ؟ بالتأكيد أن الاردن ومصر هما ركن أساسي منها لابل طرف فاعل يبذل كل امكاناته ، ولا يمكن انكار الدور الخليجي في الدعم السياسي على الصعيد الدولي ، لكن المتتبع للأحداث المتدحرجة وفي زيادة من سرعتها ينتظر الكثير استراتيجيا من دول الجامعة العربية ، والفهم الاستراتيجي لمفهوم الحرب الشاملة التي تتطلب منا الخروج منها منتصرين بأذن الله وتجاوز مفهوم وقف التصعيد مع العمل به لأنه جزء من أنهاء هذه الحرب