" الإرهاب في خدمة الأجندة الصهيونية "
القبة نيوز - مهند أبو فلاح
في منتصف شهر تشرين أول / اكتوبر من العام ١٩٩١ أدلى ماركوس وولف رئيس جهاز استخبارات المانيا الشرقية الاسبق بحديث صحفي لمراسل وكالة فرانس برس من مقر اقامته في مدينة موسكو و اعلن من خلاله انه قد أكتشف خلال فترة عمله كرئيس لهذا الجهاز المعروف بإسم إشتازي و على مدار ثمانية و عشرين عاما امتدت من العام ١٩٥٩ و حتى العام ١٩٨٧
ان الموساد الصهيوني و وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ( السي . آي . إيه ) هما أكبر مجندان للإرهابيين على مستوى منطقة الشرق الاوسط !!!!
أهمية التصريح الذي ادلى به الرجل الثعلب كما كان يلقب وولف تنبع من عدة اعتبارات فهو رئيس ثاني اقوى جهاز استخبارات في المعسكر الإشتراكي بعد جهاز المخابرات السوفيتية ( الكي . جي . بي ) و الذي كان يرسل اكفأ ضباطه للعمل في الشطر الشرقي من ألمانيا قبل انهيار جدار برلين من امثال فلاديميير بوتين الرئيس الروسي الحالي الذي صعد الى قمة السلطة بسرعة البرق !!!!! بعدما كان مجرد ضابط صغير في مدينة لايبزيغ الالمانية ، كما ان ماركوس وولف نفسه المتحدر من أب يهودي تبين لاحقا انه كان عميلا مزدوجا ليعمل لحساب جهاز الاستخبارات الصهيوني ( الموساد ) من موقعه رئيسا لجهاز استخبارات المانيا الشرقية !!!!!!
الملاحظ ايضا ان التصريح الذي ادلى به ماركوس وولف جاء قبل انعقاد مؤتمر مدريد للتسوية في ٣٠ تشرين أول / اكتوبر من العام ١٩٩١ بأسبوعين فقط مما يلقي ظلالا قاتمة من الشك حول نوايا هذا الشخص المدلي به لكن مصادر استخباراتية عدة أخرى عربية و اجنبية أدلت بأقوال مماثلة ، من ابرزها تلك التي قام بجمعها الصحفي البريطاني المرموق باتريك سيل في كتابه المترجم الى العربية و الذي حمل عنوان " أبو نضال بندقية للإيجار " الصادر في العام ١٩٩١ و الذي تحدث من خلاله عن صبري البنا الملقب بأبي نضال زعيم تنظيم ما يسمى بحركة فتح المجلس الثوري .
ينقل سيل احد أخطر تلك الاقوال التي اوردها في كتابه آنف الذكر و تحديدا في صفحة ٢١٦ و التي ينسبها الى ضابط متقاعد رفيع المستوى في المخابرات الاردنية قوله : - " أنبش بداخل منظمة أبو نضال ، و لسوف تجد الموساد " كما ينقل سيل عن مصادر استخباراتية غربية ما يعزز هذا التصريح الصادر عن المسؤول الاردني ، فينقل عن خبير الماني متخصص في مجال مكافحة الارهاب قوله : - " إن إسرائيل تحتاج الى السيطرة على رجال مثل ابو نضال ، انها يجب ان تحيده ، و من الافضل ان تستخدمه إذا أمكن ، و كل جهاز استخبارات يعمل نفس الشيء إذا أمكنه ” .
علاوة على ما تقدم فأن سيل يستشهد بأقوال من وصفه بخبير حكومي فرنسي متخصص في مجال الارهاب الدولي على صعيد منطقة الشرق الاوسط اذ يقول : - " إذا لم يكن أبو نضال نفسه عميلا إسرائيليا فإن اثنين او ثلاثة من كبار معاونيه هم كذلك بالتأكيد ، و لا يمكن لشيء آخر ان يفسر بعض عملياته ، لكنه اضاف ان طرق الاتصال مغطاة بدقة ، و يصعب الوقوف على الدليل " .
العمليات التي يصعب تفسيرها لمنظمة الهالك المقبور أبو نضال الا في سياق عمالته و خدمته لاجندة اسياده الصهاينة اكثر من ان تعد او تحصى لكن تبرز منها على سبيل الذكر لا الحصر عمليتا اغتيال استخدمتا في دفع التسوية مع قطرين عربيين مجاورين لفلسطين المحتلة الا و هما مصر و الاردن ، اما العملية الاولى فهي اغتيال يوسف السباعي وزير الثقافة المصري الاسبق في ١٨ شباط / فبراير ١٩٧٨ بعد اشهر قليلة من زيارة الرئيس المصري الاسبق محمد انور السادات الى القدس المحتلة و قبل اقل من ثمانية اشهر من ابرامه لمعاهدة كامب دايفيد مع الكيان الصهيوني ، و اما الحادثة الثانية فهي اغتيال المستشار في السفارة الاردنية في العاصمة اللبنانية بيروت نائب عمران المعايطة في ٢٩ كانون ثاني / يناير ١٩٩٤ بعد اشهر قليلة من ابرام الاردن اتفاقية اعلان مباديء مع الكيان الصهيوني في العاصمة الامريكية واشنطن في ١٤ ايلول ١٩٩٣ و قبل تسعة اشهر فقط من ابرام معاهدة وادي عربة في ٢٦ تشرين اول / أكتوبر من العام ١٩٩٤.
إن توقيت هاتين العمليتين يؤشر بوضوح الى تلك الجهة التي ارادت التأثير على اتجاهات الرأي العام في كلا القطرين العربيين من اجل الوصول الى اتفاقيات تسوية لا تخدم الا مصالح الكيان الغاصب ، و ان التأثير سلبا على صانع القرار السياسي كان هو الغاية المحركة لتنظيم ابو نضال للاقدام على هاتين الفعلتين بما يتوافق مع اجندة الموساد الصهيوني الخبيثة و الذي اختار اداة فلسطينية لتنفيذ هاتين العمليتين لاحداث ردة فعل عكسية مقصودة لدى دوائر صنع القرار في القاهرة و عمان و ايجاد رأي عام مؤيد للتسوية مع الكيان الصهيوني ، فكانت تلك الجريمتان بمثابة عمليتا سفاح غير شرعيتان نتج عنهما اتفاقا كامب دايفيد و ووادي عربة .
على ضوء ما تقدم فإن الواجب القومي المقدس لشعبنا العربي الحر الابي يملي عليه تصعيد كفاحه و نضاله من اجل التخلص من اتفاقيات الذل و العار التي كبلنا بها الصهاينة الاشرار على طريق تحرير فلسطين العروبة من دنس الصهاينة الغاصبين بعد ادراكنا العميق ان حكام تل أبيب هم صناع الارهاب و اسياده على اختلاف مسمياته و صوره و اشكاله .