facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

احتواء أزمة الإضرابات على أسعار المحروقات

احتواء أزمة الإضرابات على أسعار المحروقات
القبة نيوز - حسن محمد الزبن

الحكومة التي تنفق بطريقة تتجاوز وتتعدى قدراتها وإمكاناتها، في ظل ولو مساحة ضئيلة من إخفاقات التنبؤ المالي، أو بما لا ينسجم مع النمو الاقتصادي، والمتوقع أن يصل إلى (2.6) % لعام 2023م، يؤكد أن قصورا ما في تطبيق السياسات المالية لم يراع ما هو مخطط له، فتجد عدم قدرة في الحد من تراكم الدين العام من إجمالي الناتج المحلي؛ فالتعثر الاقتصادي يكمن في طريقة إدارة الدين، ولا بدّ من المحاولة مع الجهاتالمتنفذة وصاحبة القرار في صندوق النقد، والبنك الدولي، بالعمل نحو إجراءات تفاوضية يمكن من خلالها إسقاط بعض الدين على الدولة، أو تأجيله كما فعلت الصين مع دول جنوب أفريقيا مثلا، أو السعي لتسهيلات مبادلة الدين أو تحويل ودائع بعض الدول إلى استثمارات في الأردن، أو إعادة هيكلة الدين في ظروف مناسبة بعيدا عن المؤشرات والمناخ الذي يقول إن الدولة في وضع صعب اقتصاديا.

والحكومة معنية بإجراءات أساسية في تطبيق رسم السياسات دون تأخير، لتعزيز نمو الإنتاج باستثمار أمثل للموارد، واستغلالها وتحسين طرق تخصيصها، وإيجاد بدائل وطرق جديدة في المنافسة في الأسواق العالمية، وتحسين الكفاءة الضريبية، وتوسيع قاعدتها لمستويات أعلى لخدمة النمو على المدى البعيد، وكان بإمكانها التركيز على الأنشطة الضارة بالنمو والصحة العامة كما تفعل السياسات الرشيدة، برفع سقف نسبة الضريبة على كل ما يتعلق بمنتجات التبغ (الدخان) من سجائر، معسل، أرجيلة، سجائر الإلكترونية، وأي مواد يصدر عنها انبعاثات كربونية، يضاف لها منتجات المشروبات الروحية بأنواعها، يُقابل ذلك تخفيض أسعار المشتقات النفطية، ومراعاة المواطن في أسعار المنتجات الغذائية التي تشكل أعلى نسبة من استهلاكه اليومي، وضرورة أن لا تتوقف الحكومة في السعي لإعادة هيكلة الدين العام، بمزيد من التعاون مع أصدقاء الدولة في المجتمع الدولي من خلال مبادرات ومنح تُعجل في التخفيف من الأعباء التي تعانيها الدولة.

فإضراب المحروقات لا يمكن تجاهله، فقد مرّ أسبوع كامل حتى وصلت الجهات الحكومية في وزارة النقل ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون السياسية والبرلمانية مع نقابة أصحاب الحافلات وأعضائها، ومدير عام هيئة تنظيم النقل البري لبحث مبادرة من الحكومة للجلوس ومناقشة حيثيات الإضراب، الذي لو تفاقم وارتفع سقف التصعيد فيه، لعمت الفوضى في الشارع، وأدى إلى انقطاع لسلاسل التوريد التي بغيابها تضر حتما كافة القطاعات، أهمها القطاع الصحي الذي إذا تناقص المخزون لديه من المستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية، سيؤثر على الخدمة المقدمة في الرعاية الصحية والعلاجية في كافة مستشفيات المملكة، والمراكز الصحية، عدا عن الضرر في القطاع الصناعي، والتعليمي، والخدمي، وقطاع النقل لدرجة تعطيل الحياة العامة، ومزيد من إجراءات التصعيد وتوسعة دائرة الإضراب بتوعد جهات أخرى للانضمام والتضامن مع الإضراب، وهذا لو حصل فله ارتداداته على المواطن والحكومة معا.

الأمر كان في غاية التعقيد، والحكومة تعلم مدى احتقان الشارع قبل اندلاع الأزمة والمباشرة بالإضراب من قبل سائقي الشاحنات والحافلات والصهاريج، واليوم الثامن منه كان متوقعا أن ينضم التكسي الأصفر والتطبيقات التي صعدت بالانضمام للإضراب، أعتقد لو لم تعجل الحكومة باحتواء الأزمة لاستمر الوضع باتجاه التصعيد حتما، ولأصبح الشارع بأكمله في صدام مع الحكومة، وهذا ما كان يتم تداوله بين الناس، وكان على الحكومة بوقت مبكر جدا للأزمة إدراكا منها بأهمية قطاع النقل الذي يعد عصب حياة وشريان تنموي للدولة، أن بدأت بالتفاوض والاشتباك والتعامل مع الأزمة بإيجابية ورؤية وطنية، فالدولة لا تحتمل التوقف عن عجلة البناء والتقدم.

وإسقاط الحكومة أو إقالتها ليس هو الحل في مثل هذه الظروف، ولن يخدم المواطن، ولا حتى من بدؤوا الإضراب، وسبق ذلك تجربة عاشها الأردنيون بتفاصيلها أعقاب اعتصامات الدوار الرابع المعروفة، فموضوع رحيل الحكومة والترحيب بحكومة جديدة يخلق مناخ مؤجل للأزمة التي لن تحل في ظروف وأجواء بروتوكولية إعفاء حكومة من مهامها، وتكليف حكومة أخرى بديلة مكانها، وستبقى المشكلة قائمة فترة أطول، مع أن هذا ما دعا إليه بعض النواب لحجب الثقة عن الحكومة، لكن هنا الأمر مختلف للحكومة لأنها تتعامل مع مؤسسة دستورية كمجلس النواب تحكمه القوانين والنظام الداخلي، ومرجعيته الدستور فيما يمضي إليه كتعامل معها، وردود الفعل محسومة لكلا الطرفين، أما في الحالة التي يعيشها الشارع فلا يمكن بأي حال من الأحوال التكهن أو التنبؤ بما سيؤول إليه الإضراب أن أستمر مدة أطول، في ظل عدم وجود مرجعية تشكل قيادة للإضراب، واعتراف وعدم اعتراف بأي الجهات تنوب عن أصحاب الشاحنات ومالكيها، والموضوع تدخل فيه حسابات عديدة، ولا يمكن وصفه بإضراب منظم بقدر ما هو ردة فعل لسياسة الحكومة برفع المشتقات النفطية الذي بدأ وأخذ يكبر ويتصاعد ويمتد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر اتصالات هاتفية بين أصحاب الشاحنات والمفوضين للحديث باسمهم في محافظات المملكة.
فكان لا بدّ من ضرورة المباشرة بالتنفيس عن الاحتقان في الشارع، وإزالة كل ظواهر الغضب والسخط في ساحات وميادين الإضراب في كافة المناطق أفضل بكثير من الاستقالة أو الإقالة لأن احتواء الأزمة لا يعني الانصياع أو تقديم تنازلات ما دام الحل يخدم ويحافظ على الأمن الوطني من أي انفلات، والسيطرة على الفوضى التي نحن جميعا بغنى عنها.

وندعو الله أن يتكلل اجتماع اليوم في غرفة صناعة عمان بالنجاح، وأن يكتمل احتواء الأزمة بالكامل بتناول مطالب أصحاب وسائقي الشاحنات والبرادات، والوصول إلى توافق يخدم حقوقهم وإعطاءهم امتيازات تنصفهم أسوة بالحلول التي وضعت لمركبات التاكسي الأصفر وحافلات السيارات العمومي التي تعمل على الخطوط الطويلة والقصيرة والمتوسطة.
وخاب فأل من يضمرون الشر للأردن، أو يراهنون على خرابه،
وحمى الله الوطن والمواطن،

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )