facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

رابين من الوديعة إلى الاغتيال "

رابين من الوديعة إلى الاغتيال


مهند أبو فلاح 

حلت في الرابع من تشرين ثاني نوفمبر الحالي الذكرى السنوية السابعة و العشرين على اغتيال رئيس وزراء العدو الصهيوني إسحاق رابين و الذي  وقع في العام ١٩٩٥ على يد متطرف يميني صهيوني يدعى ايجال عمير وتزامنت هذه الذكرى في هذا العام مع الانتخابات التي أجريت في الكيان الغاصب و التي أسفرت عن صعود اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم هناك مرة أخرى ، لذلك فإن الأمر يستحق أن تسلط الأضواء من جديد على واقعة اغتيال رابين بعيدا عن مسار التسوية المتعلق باتفاقية أوسلو التي أبرمها رابين نفسه مع منظمة التحرير الفلسطينية في ١٣ أيلول سبتمبر ١٩٩٣ .


" في أوائل صيف عام ١٩٩٥ كان يوري ساجي رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية آنذاك و المايسترو الفعلي للإستخبارات الاسرائيلية بأكملها قد أخبر رابين انه قد أكتشف تغييرا ملحوظا في دمشق ، فالأسد لا يزال عدوا لنا على السطح فقط ، إلا ان الطريقة الوحيدة للتغلب عليه هي ان نفعل ما لا يتوقع ، و هذا يعني ان نتخلى عن مرتفعات الجولان ، و ان نجلي عنها جميع ابناء شعبنا و هو ثمن غال ، و لكنه الطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم المناسب " فقرة مقتبسة من كتاب جواسيس جدعون التاريخ  /السري للموساد ، تأليف الصحفي البريطاني الجنسية جوردان توماس .

نادرا ما ربطت وسائل الاعلام العبرية و العربية بين اغتيال اسحاق رابين وزراء العدو الصهيوني في الرابع من تشرين ثاني / نوفمبر ١٩٩٥ و بين الوديعة التي قام بصياغتها قبل ذلك و التي عبر من خلالها عن استعداد كيانه الغاصب للانسحاب من هضبة الجولان العربية السورية المحتلة الى خطوط الرابع من حزيران ، فالشائع ان اغتيال رابين جاء كتعبير عنيف و دموي من قبل احد المستوطنين الصهاينة المتطرفين في الضفة الغربية عن رفض سياسات رابين هناك في اعقاب توقيعه على اتفاقية اوسلو ، لكن لم يتبادر الى ذهن احد ان الدوائر الامنية الحاكمة فعليا في تل أبيب من وراء الكواليس كانت تخطط لاختلاق ذريعة لوقف المفاوضات على المسار السوري .

القاريء الممعن التدبر في كتاب جوردان توماس الآنف الذكر سيكتشف بسهولة ان الاجهزة الصهيونية كانت قد خططت مسبقا لاغتيال فتحي الشقاقي امين عام حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين داخل محل اقامته في العاصمة السورية دمشق لولا معارضة رابين الذي رأى في ذلك مبررا كافيا لرئيس النظام السوري لايقاف المفاوضات مع الكيان الصهيوني و هو امر لم يكن خافيا عن حسابات الشقاقي نفسه ، اذ ينقل توماس عن أرملته السيدة فتحية الشقاقي قولها ان زوجها قد اكد لها قبيل سفره الى ليبيا في الرحلة التي تم اغتياله اثناءها خلال عودته منها مرورا بجزيرة مالطا في حوض البحر الأبيض المتوسط ان " اليهود لن يقدموا على اي فعل يثير غضب سورية " و يعقب الصحفي البريطاني على ذلك قائلا ان هذا الكلام كان صائبا في محله قبل الزيارة الاخيرة التي قام بها الشقاقي لطرابلس الغرب بثلاثة اشهر حيث رفض رابين خطة وضعها جهاز المخابرات الخارجية الاسرائيلية المعروف اختصارا بالموساد لنسف شقة الشقاقي في الضاحية الغربية لدمشق .

على اية حال لم يدر بخلد رابين في حينها ان اغتيال الشقاقي في ٢٦ تشرين اول اكتوبر ١٩٩٥ سيعقبه بعد ٩ ايام فقط اغتياله هو شخصيا ، و ان وديعته الشهيرة ستصبح مبررا لتجمد المفاوضات على المسار السوري المنبثق عن مؤتمر مدريد للتسوية عام ١٩٩١ !!!!!!!

من المفيد هنا ان نذكر بأن هضبة الجولان التي سقطت بيد الصهاينة عام ١٩٦٧ حينما كان حافظ اسد يشغل منصب وزير الدفاع و قائد سلاح الطيران في حرب حزيران يونيو هي قلب بلاد الشام من الناحية الجغرافية فهي تطل على اراضي اربعة بلدان اي سورية و الاردن و فلسطين و لبنان . 

لقد برهن مسار الاحداث لاحقا ان بقاء النظام الحاكم في دمشق على سدة الحكم و الحفاظ على حالة اللا حرب و اللا سلم بين سورية و الكيان الصهيوني يحتل مرتبة الصدارة في حسابات الدوائر الامنية الحاكمة في تل أبيب حتى و ان تظاهروا بعكس ذلك ، فقد اتخذ الصهاينة خطوتين لرفع اسهم النظام في دمشق و تسهيل عملية توريث السلطة و نقل الحكم من الاسد الاب الى الاسد الابن في سابقة فريدة من نوعها في الانظمة الجمهورية العربية عام ٢٠٠٠ حيث استبقت هذا الامر بترتيب لقاء قمة في جنيف بين حافظ و نظيره الامريكي بيل كلينتون في شهر نيسان ابريل من العام ٢٠٠٠ حيث قيل ان الاسد الاب قد رفض التنازل عن اي شبر من هضبة الجولان و هو الكلام الذي تعني ترجمته عمليا على ارض الواقع ان سورية لن تسترد شبرا واحدا من هضبة الجولان و انه سيبقى تحت سيطرة الكيان الصهيوني فعليا ، و قبل وفاة حافظ بأقل من ٣ اسابيع تم الانسحاب الصهيوني احادي الجانب من جنوب لبنان و الذي اسهم في رفع اسهم النظام الحاكم في دمشق و تعويمه شعبيا على نحو سهل عملية نقل السلطة الى خليفة حافظ نجله بشار .

أخيرا و ليس آخرا من حقنا ان نتساءل في نهاية المطاف هل دفع رابين حياته ثمنا لتجاوزه الخطوط الحمراء ؟ و هل كانت الوديعة بمثابة صك توقيع رابين على وثيقة و قرار اعدامه ؟ و أخيرا و ليس آخرا هل خططت اجهزة الاستخبارات الصهيونية سلفا لاختلاق الذريعة لتوقف المفاوضات على المسار السوري و ايجاد ذريعة للنظام الحاكم في دمشق ليبرر عدم التوصل الى تسوية تضمن استرداد اهم بقعة ارض جغرافية يسيطر عليها الكيان الصهيوني ؟؟؟!!!!
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )