د. خليف احمد الخوالده 

القبة نيوز- لم أعد أعرف الكثير مما يجري فيها، مع أنها تسكني وأنا ساكن فيها. فيها نفر تولوا زمام أُمور، ما بين قوة واقتدار وبين ضعف وارتباك وبين مصلحة وارتباط. بين فئة تعطي بلا حساب وأخرى تأخذ بلا رادع ولا خجلان.

مراكز محظية بأصحابها وأخرى في حالة غث ورثيان. خيوط وأدوات في بعض مفاصلها مع حالات من استهداف واقصاء ونماذج لفاشل ومهزوز.

الأسى خيم المباني والحزن ساد المعاني. ما بين صامت وقوال وبين كيال وفوال. تحريف كلام وانطاق صمت وزور وبهتان. دعوهم وشأنهم، فالشمس لا تُغطى بغربال وكل واحد في قرارة نفسه عرفان.

لقد تراجعت أمور وتردت أحوال وسادت حالة من تيه وتوهان. من كان يستجدي مالا لقضاء رغبة، أيصلح أن يكون في موقع بأي حال؟!. دعم هؤلاء يزيد المشهد احتقان..

لعمري بعض المواقع تخجل ممن فيها. وتتطلع ليوم الخلاص، فحملها جدُّ ثقيل.ليس لهم موقف ولا قرار، فالأصيلة تجمح إذا اعتلاها غير خيِّال.

فارغون يراوغون مع أن أمرهم مكشوف. داخلهم كله اضطراب وانفعال. يمطون كلاما يخلو من أي حلول. وكل ما لديهم اعذار وتحميل للظروف وعلى من سلفهم يتحاملون.

لقد تسللوا لمناصب خلسة، كبيرة عليهم إذ يدركون. وقالوا في غيرهم ما لا يقال وحملوهم واثقلوا دون ضمير وصورهُم بغير واقع حال. الوضع لا يحتمل الضعف ولا التذاكي ولا التمادي والاستفزاز ولا قلة الفعل والخذلان.

وزمرة قليلة يتراددون القول ويتبادلون التهم وبينهم سباق ولكل منهم نظرة ومعيار. يُقيّمون الأمور بغير ميزان ويطلقون الأحكام. الكل منهم يسعى لصالحه، أما الوطن فليس بالبال.

شرخوا الثقافة وبعثروا جوامع المبادىء والقيم وراج حقد واتهام وأسى مع احتقان. فئات تقضي على كل توجه مثمر وجميل بضحالة فكرها وقصر أفقها وسطحية فهمها وشكلية أفعالها. غاياتها الشخصية لا تخفى على أحد مهما ألبستها ثيابا. ركبت وتركب موجة أي توجهات مستقبلية. حاولت وتحاول تجييرها لمصلحتها. أُقسم أن الحال أفضل إذا تنحى مثل هؤلاء وغابوا عن المشهد تماما، فالناس تعرفهم جيدا ولهم معهم تجارب مريرة وهم حقا سبب الاحتقان.

ليس من مصلحة الدولة أن تشد على أيدي هؤلاء، فهؤلاء لهم وجهان ويعانون من هوس وانفصام. ليس لديهم أي خير ويصوروا الواقع بغير واقع حال، فتزداد الفجوة وتعم حالة مواجهة. الناس عانت وتعاني من نتاج تجاربهم الفاشلة وطروحاتهم الغبية ودوافعهم الذاتية ونظرتهم الفوقية والأنانية.ليدركوا أنهم ليسوا أوصياء على أي شيء. أساليبهم بالية تهدم لا تبني، لذا انصحهم أن يركنوا جانبا ويتركوا لأهل الفعل المجال. 

يبررون الخطأ بمزاعم واهية ويفندون الصح ويسبغونه ألوانا، كل ذلك بلا حجة ولا برهان. البلاد لا ترضى بانصاف الحلول ولا بالمداهنة ولا التسويف ولا بالكلام الهوائي غير المسؤول، فلا يهمها إلا الإنجاز. إنجاز يلمس اثاره الجميع. لا تزهو مراكزها إلا بمن يضيف، لأن العطاء عنده رسالة واهتمام لا مجرد شعار او كلام. 

الحلول لا تنتجها إلا عقول حصيفة وتسندها قلوب وصيفة. تجاوزوا المحن واصنعوا لها ما يليق، لتبقى محج الجميع فتاريخها مُشرف ومظيء. وهي موطن الكرم والجود.

البلاد رغم قسوة ظروفها، الخير باق في روابيها والسماء يعانقه طاريها. تجود خيرا رغم محن في ضواحيها. الكبرياء تلمسه في طلتها والعنفوان تلمحه في اعاليها. ولكنها تتألم من بعض حواشيها. تهاوت هيبتهم فغدا وجودهم بلا حضور.

انا لست بشاعر، ولكنها آلام وطن تفيض. انا لا اعمم بقولي هذا، ولكن الخلل وإن صغر حجمه فتاك. يسهل تداركه في البدايات ولكنه يستعصي اذا ساد، فالضعف يمتد كالخيال. حينها تغدو معالجته قَرْط صُّوُّان. نعم قَرْط صُّوُّان.

وأما هذا، فتشخيص لواقع حال وآلام وطن تفيض.. والأصيلة تجمح وتسقم. نعم تجمح وتسقم إذا اعتلى صهوتها غير خيِّال. لكنها تبقى أصيلة تزهو وتشمخ إذا اعتلاها فرسان.