facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

متلازمة الـمـنـصـب والـمـال

متلازمة الـمـنـصـب والـمـال
معاذ مهيدات

القبة نيوز- المنصب والمال أمانة ومسؤولية عظيمة، وخزي وندامة يوم القيامة لمن لم يؤد حقهما .

أتذكر أنه ذات مرة نصحني والديوقال: «يا ابني هناك مرضان إن استطعت أن توجد لجسدك وعقلك ونفسك مناعة ضدهما ولا تجعل حياتك معتمدة عليهما نجحت في مهنتك وأصبحت من أحب الناس منهم لك ومنك لهم»، هـمـا مـرضـا « المنصب والمال» . رأيت الكثير ممن كانوا يمتلكون المناصب والمال، وما حل بهم في النهاية من جراء مضرات ومضاعفات (المنصب والمال) . من الطفولة إلى الكهولة. قد يهدر الإنسان حياته بقرارات خاطئة، لأنه لم يعتد أساسا حرية الاختيار، بقدر ما اعتاد التلقين ، وتدخل الآخرين في مسارات حياته. وفوق كل هذا « المنصب والمال» هما الهم الوحيد الذي يشغل بال الكثير منا الذين يعتقدون أن الوسيلة الوحيدة لفرض احترام المجتمع لهم، أن يكونوا أصحاب منصب ومال. ويستغربون ممن يلومونهم على هذا التفكير، مؤكدين أن هذه الدنيا خلقت لمن يمتلك النفوذ والنقود، وليس بالضرورة أن أبحث عن ميولي وعن مجالات إبداعي، ما دامت الشهادة لم تعد أكثر من ورقة تلصق على الحائط.

نظرة المجتمع هي التي دفعت بنا إلى تقييم أنفسنا من خلال المركز والدخل، الأمر الذي يعد سبب تأخرنا التعليمي، وإصرارنا على الوقوف في الصفوف الأخيرة . ونستهجن من وجود أعداد هائلة من الطلبة الذين يتخرجون سنويا، سواء ممن يتوظفون أو يكملون مسيرتهم العلمية، لكن دون الاهتمام بقدراتهم على الإنتاج المطلوب والمتوقع . كيف لنا أن نرتقي ونحن نبحث عن المنصب والمال دون أن نفكر أصلا بكيفية الوصول إلى أهدافنا، فضلا عن فقداننا للنظرة المستقبلية. وعن سبب النظرة المجتمعية الخاطئة.

يؤكد علم الاجتماع هوس المجتمع بأصحاب المناصب والمواقع، وبالتالي يرى الإنسان أن من حقه أن ينتزع مكانته المجتمعية بصورة تتوافق مع الثقافة السائدة. ويؤكد العلماء أن ما سبق ذكره أدى إلى أن ترتبط الشهادة في المجتمع باعتبارات تجعل الإنسان في المجتمع في مرتبة أعلى، خصوصا إذا ارتبطت بإشغال مركز خدمي وسلطوي. أما الشهادات من دون منصب فلا قيمة لها في المجتمع.

العلاقة الطردية المفترضة بين من يشغلون المواقع المتقدمة وتحصيلهم العلمي والشهادات التي حصلوا عليها، إذا افترضنا أن معيار الكفاءة هو الوحيد في إشغال هذه المناصب. أنظمتنا المجتمعية هي من كرس المكانة، وركزت على أهمية المنصب والمال، وكأن من لم يحصل عليهما منبوذ من المجتمع، الأمر الذي جعل معظم الناس يركزون عليهما من دون معرفة قدرتهم على الإبداع والتميز، أو إشغال مناصب بجدارة ، فأصبح الناس يبحثون عن المنصب والمال بغض النظر عن الطرق الملتوية التي يحصلون من خلالها عليهما، حتى لو اضطرهم الأمر اللجوء إلى الجامعات المزيفة، ما أدى إلى مراكمة الشهادات المزورة، والمكاسب المالية والمكانات الاجتماعية، والقفز إلى مواقع القرار والسلطة من دون إمكانات تعليمية وثقافية واجتماعية.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )