facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الشرمان يكتب : الخروج من المجموعة(غادر)

الشرمان يكتب : الخروج من المجموعة(غادر)

الدكتور عديل الشرمان

القبة  نيوز- يشارك معظمنا كأعضاء في مجموعات وملتقيات عبر مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي تحت مسميات مختلفة (جهويّة، فئويّة، أقارب، أصحاب، مناطقيّة، قبليّة، قيميّة، حزبيّة، علميّة، إعلاميّة، وطنيّة، خدميّة..الخ) وبالرغم من كثرة الايجابيات فإن للسلبيات حظ وافر فيها.

الملاحظ أن الكثير من المختصين والعلماء والمفكرين والمثقفين، ومن هم في مواقع قيادية لا يشتركون في الحوارات التي تجري بشكل فاعل ومؤثر، ويكاد يكون تفاعل الكثير منهم معدوما ويقتصر في أحسن حال على باقة ورد مع عبارة صباح الخير رفعا للعتب، ويلوذون إلى الصمت والذي يرونه أبلغ من الكلام في كثير من الأحيان، لا بل أن بعضهم لا يمضي وقتا قصيرا وإذا بهم يحزمون أمتعتهم على عجل ويغادرون تاركين ساحة هذه المواقع والتطبيقات لفئة محدودة ممن يجدون متسعا كافيا من الوقت والفراغ، ولمن يجيدون فنون الحشو واللهو والتسلية والمجاملات في محلها أحياناً، وفي غير محلها أحياناً أخرى، فتخلو ساحة هذه المواقع والتطبيقات لبعض الموتورين والحاقدين، أو لمن يشعرون بالعزلة والجفاف الاجتماعي والعاطفي وقد وجدوا فيها متنفسا وملاذا لإشغال فراغهم، وسد نقصهم، وتسديد الضربات الموجعة لخصومهم.

يقابل دوامة الصمت لدى فئة المثقفين وأصحاب الرأي والفكر والخبرة دوامة أخرى من المدح والتصفيق، والسفسطة الكلامية، والمفردات الساحلة، والآراء النشاز، وهذا ما دفع بالكثير منهم إلى اخفاء أصواتهم، والتنحي والتخلي عن التفاعل وإبداء الرأي على هذه المواقع والتطبيقات خوفا من القمع والشعور بالعزلة وسط هذا التخبط الرقمي البديل.

يعتبر البعض من أعضاء المجموعات أن التفاعل من خلالها نوع من العبثية ومضيعة للوقت، وبعضهم في الحقيقة يخشون من النقد في غير موضعه، ويحسبون ألف حساب لما قد يتعرضون له من إساءات وإهانات على ألسنة فئة من روّاد هذه المواقع الذين باتوا لا يقيمون وزنا للعلم والعلماء، ولا يميزون الخبيث من الطيب، ولا يحترمون الرأي الآخر، ويستخدمون لغة منحدرة في وصفهم وحكمهم على الأمور من حولهم.

غالبا ما ينأى العلماء والمثقفون بأنفسهم عن السجال والدخول في مهاترات وثرثرات غير ذات قيمة، ونقاش يرون أنه عقيما مع فئة كبيرة من روّاد هذه المواقع، وبعضهم جرّب وحاول أن يكون عنصرا فاعلا ليجد نفسه مضطرا للمجاملة والمدح والإطراء مخالفا لما يعتقده ويصدّقه، فوجد من الأنسب أن يصمت حفاظا على ماء وجهه في لعبة تقوم قواعدها على أسس غير سليمة يمارسها هواة لا يعرفون فنونها، قبل أن يضطر للخروج منها خاسرا مهانا، وقد تعرض لأقسى أنواع التنمر.

المرعب في الإعلام الرقمي أن قادة الرأي من العلماء والمختصين والمشاهير بدأوا يختفون تدريجيا، وتضعف قوتهم وتأثيرهم، في حين وجدنا أنفسنا في علاقة تعرّض عرضية مع فئة من المشككين والمؤثرين الجدد في الرأي العام، وقد خلت الساحة لهم، وبعضهم من المنحدرين أخلاقيا وثقافيا، وممن ملأ الحقد قلوبهم مستخدمين هذا الإعلام كمنصات لتضليل الرأي العام وتزييف الوعي، وإهانة مشاعر بعض الناس، والتحريض على الفوضى وإثارة الاضطراب، لنصبح في المجمل أمام حالة مربكة وغير صحية تتطلب استخدام تكتيكات إعلامية ذكية وغير تقليدية للتصدي لها، تأخذ بعين الاعتبار احتواء وتوجيه وتعزيز قدرات الناشطين والفاعلين وتصحيح مساراتهم ضمن نهج تربوي إعلامي يستند إلى خطط معدة ومدروسة.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )