facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

أبو خضير يكتب : رجب الخير

أبو خضير يكتب : رجب الخير
د. نسيم أبو خضير



القبة نيوز- قال تعالى : (إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) .
شهر رجب من الأشهر الحُرم التي ذكرها القرآن الكريم في كتابه العزيز كما جاء في الآية الكريمة السابقة.
والأشهر الحرم ، وردت فى الآية مجملة ، ولم تحدد أسماءها ، وجاءت السُنة النبوية الشريفة فبينتها ، قال النبى صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع : « إن الزمان قد إستدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السَنةُ إثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاثةٌ متواليات ذو القَعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان».
وكلمة «رجب» مأخوذة من الترجيب بمعنى التعظيم ، وسمي شهر رجب ( رجب مضر ) نسبة إلى ( مضر ) ، وهى قبيلة كانت لا تغيره ، بل توقعه فى وقته وتزيد فى تعظيمه واحترامه ، بخلاف باقى العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون فى الشهور بحسب حالة الحرب عندهم.
وفى شهر رجب ، تحقق العديد من الإنتصارات مثل : غزوة تبوك ، وتحرير المسجد الأقصى من أيدى الصليبين على يد صلاح الدين (عام 583هـ ـ 1187م) ، و حادثة الإسراءوالمعراج.
فعلى كل مسلم أن يُعظِّم هذا الشهر ، وأن يراعى حرمته ، لما خصه الله من منزلة ، وأن يحذر من الوقوع فى المعاصى والآثام تقديرا لما له من حرمة ، ولأن المعاصى تعظم بسبب شرف الزمان الذى حرّمه الله ، ولذلك حذرنا الله من ظلم النفس فيه مع أنه - وظلم النفس يشمل المعاصي ، قال تعالي : "فلا تظلموا فيهن أنفسكم”.
روى إبن أبى حاتم فى تفسيره عَنْ قَتَادَةَ قال: إِنَّ الظُّلْمَ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ- عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا-، وَكَأَنَّ اللَّهُ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ .
لذا ينبغى على كل مسلم أن يكون فى هذا الشّهر أكثرَ ابتعاداً عن إرتكاب الذنوب .
وأن يبتعد عن ظلمِه لإخوانِه ، بالإعتداءِ عليهم وسفكِ دمائِهم ، أو أكلِ أموالِهم وحقوقِهم ، أو الولوغِ فى أعراضِهم ، ونهشِ لحومِهم ، وتتبّعِ عوراتِهم ، وإفشاءِ أسرارِهم ، وإلحاقِ الأذى بهم .
ويبتعد كذلك عن ظلمِه لنفسِه، والإساءةِ إلى شخصِه؛ بمعصيتِه لخالقِه، وخاصّة ما يتساهلُ فيه بعضُ النّاسِ من صغائرِ الذُّنوبِ ، فإنّ صغائرَ الذّنوبِ متى استرسل فيها الإنسانُ كان على وجهِه فى النّارِ مكبوبٌ ، إلاّ أن يتوب ، وإلى ربِّه يؤوب .
فقد ثبت أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِى بَطْنِ وَادٍ ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْه”.
ويُشرع فى شهر رجب من الصيام ما يشرع فى غيره من الشهور ، من صيام الإثنين والخميس ، والأيام الثلاثة البيض ، وصيام يوم ، وإفطار يوم .
وكما أنّ المعاصيَ تَعظُمُ فى الشهرِ الحرامِ ؛ فكذلك الحسناتُ والطّاعاتُ تعظُمُ وتُضاعفُ فى هذه الأيّام ؛ فالتّقرّبُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالطّاعةِ فى الشّهرِ الحرامِ أفضلُ وأحبُّ إليه سبحانه من التّعبُّدِ فى سائرِ الأيّامِ .
قال إبن عباس رضي الله عنه : «وجعل الذنب فيهنّ أعظم ، والعمل الصّالح والأجر أعظم».

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )