رؤية قانونية أخرى لتطوير عمل الموظف العام
د. نوفان العجارمة
القبة نيوز- تُعد الوظيفة العامة الشريان الحيوي لتحقيق أهداف المجتمع، والنهوض بمستواه في كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لا فرق في ذلك بين مجتمعات متقدمة وأخرى نامية، فالموظفون يشكلون الطاقة الفعالة أو القوة المحركة للإدارة العامة في مباشرة نشاطها ، والقيام بواجباتها تحقيقاً للسياسة العامة للدولة؛ فمهما بلغت الدقة في تنظيم الإدارة العامة، أو مهما بلغ الاهتمام بتزويدها بالإمكانيات المادية اللازمة، فإن نجاحها يتوقف دون شك على مدى قدرة العاملين لديها على أداء رسالتها والنهوض بمسؤوليتها، فالموظف العام عقل الدولة المفكر و ساعدها المنفذ ، ولتحقيق ذلك لابد من إعادة النظر في مفهوم وفلسفة الوظيفة العامة في الوقت الراهن في ظل تسارع المد التكنلوجي وزيادة الطلب على مرافق الدولة طلبا لخدماتها .
ويسرني ان أقدم لمتخذي القرار في دولتنا الحبيبية جملة من الأفكار حول تطوير ملف الوظيفة العامة لدينا، وهذه الأفكار هي حصيلة ممارسات عملية، فقد تشرف بالعمل بالوظيفة العامة لأكثر من عشرين عاما (من موظف مستجد وحتى وزير)، وكذلك أبحاث اكاديمية ناجمة عن تدريسي لمادة الوظيفة العامة لطلبة كلية الحقوق في الجامعة الأردنية .
لقد كان الأردن ومنذ تأسيس الدولة اسير للمفهوم الأوربي ذات الطابع الاشتراكي للوظيفة العامة وكان بعيد كل البعد عن المفهوم الأمريكي، وهذا مفهوم حتى منتصف عقد التسعينات من القرن المنصرم، حيث بدأت الدولة في الانسحاب التدريجي من إدارة وتشغيل بعض المرافق العامة متبنيه مفهوم الخصخصة لبعض قطاعات الدولة، وهذا يحتم بالضرورة إعادة النظر في تنظيم علاقة الموظف بالدولة من خلال المزاوجة ما بين المفهومين الأمريكي و الأوربي للوظيفة العامة وكما يلي :
اولاً: الأخذ بمبدأ تأقيت الوظيفة وليس ديمومتها والراتب للوظيفة وليس للموظف:
تقوم هذه الفكرة على مجموعة من الأسس تغاير في جوهرها ومضمونها تلك التي ترتكز عليها الفلسفة المعمول بها حاليا بالخدمة المدنية ، فهي من ناحية لا تعرف مبدأ دوام واستمرار الوظائف العامة واعتبارها مهنة دائمة، بل تقوم على أساس تشغيل الموظف لمدة محددة وطبقاً لشروط عقدية معينة ( في العادة سنة واحدة) ، أي أنها تنظر إلى الوظيفة العامة على أنها عملاً عارضاً ومؤقتاً تماماً كما هو الحال في القطاع الخاص ، ولذا فإن العلاقة الوظيفية إنما هي علاقة تعاقدية في الاساس، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها، انتهاج الإدارة العامة لذات المبادئ والأسس التي تتبعها المشروعات الخاصة، فلا تعرف نظاماً للترقية في كثير من الوظائف ولا تعرف نظاماً ثابتاً للأجور والرواتب، وإنما يرتبط ذلك بمدى صعوبة وتعقيد الوظيفة، كما يحق للإدارة إلغاء الوظائف التي لا ترغب فيها في أي وقت تشاء، دون التزام من جانبها بتدبير وظائف بديلة لمن ألغيت وظائفهم.
وهذه الفكرة تحقق المزايا التالية:
1. التوصيف والتحليل الدقيق لمهام واختصاصات كل وظيفة على حده: ولذا فإنه يشترط فيمن يعين لشغل هذه الوظيفة أن يتوافر فيه التخصص الدقيق الذي يمكنه من مباشرة هذه المهام والاختصاصات.
2. أن التعيين في الوظائف العامة لا يرتبط بمستوى معين من مستوياتها، إذ يجوز التعيين في أعلى المستويات الإدارية، كما يجوز أن يكون في أدنى هذه المستويات، المهم توافر الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة.
3. يرتبط الموظف طوال مدة عمله بالحكومة، بالوظيفة المعين عليها، بحيث لا تستطيع الإدارة نقله منها إلى وظيفة أخرى إلا نادرا ً.
4. أن بقاء الموظف في العمل الحكومي مرتبط ببقاء الوظيفة المعين عليها، فإذا ألغيت فقد موقعه في الإدارة.
5. أن للإدارة حق التخلص من الموظف متى شاءت متى توافرت الأسباب، وفي المقابل فإنه يجوز للموظف أن يعتزل الوظيفة في أي وقت وأيا كان السبب أو الدافع لذلك.
6. أن ما يحصل عليه الموظف من مزايا مادية مرتبط بمدى أهمية وقيمة الوظيفة المعين عليها، أي بمدى صعوبتها وتعقيدها لا بمدى ما يكون قد حصل عليه من شهادات علمية أو خبرات عملية، ومعنى ذلك أن الظروف الشخصية للموظف لا أثر لها في هذا المجال، المهم الوظيفة ذاتها بما تتضمنه من مهام وأعمال.
7. إذا أراد الموظف أن يشغل وظيفة ذات مستوى أعلى في الجهاز الإداري، فعليه أن يتقدم-شأنه شأن أي فرد آخر سواء من داخل الإدارة أو من خارجها-للمسابقات التي تعقد لهذا الغرض، فإذا نجح فإنه يعين على هذه الوظيفة تعييناً مبتدأ(جديدا)، لا أن يرقى إليها.
8. مرونة هذا النظام، فهو لا يفرض قيوداً معينة لا على الإدارة أو على الموظف بشأن الالتزامات الوظيفية، حيث يجوز لأي منهما التخلص من تلك الالتزامات دون إبداء الأسباب المبررة لذلك.
9. السهولة واليسر حيث لا يتطلب من الإدارة أن تضع أنظمة تفصيلية تحدد بموجبها سياسات الوظائف العامة من تعيين وترقية ورواتب وحوافز و نقل وانتداب و إعارة... إلخ.
10. يساعد هذا المبدأ على إدخال عناصر جديدة في مجال الخدمة المدنية وذلك بصفة مستمرة مما يساعد على رفع كفاءة هذه الخدمة خاصة في المستويات الوظيفية العليا المسؤولة عن التخطيط والتوجيه والرقابة.
ثانياً: الأخذ بمبدأ تأقيت الوظيفة وان الراتب للوظيفة وليس للموظف، يتطلب بالضرورة نظاماً تعليمياً يغلب عليه الطابع التخصصي الدقيق في كافة المجالات، وليس مجرد تخصصات تعطي ثقافة عامة في التخصصات، وذلك حتى يتم ربط مخرجات التعليم بسوق العمل
ثالثاً: الأخذ بمبدأ وصف وتصنيف الوظائف بشكل دقيق:
لابد من وصف وتحليل دقيق لاختصاصات كل وظيفة وأوجه النشاطات التي تشتغل عليها، وذلك بما يبرز خصائصها ويميزها عن غيرها من الوظائف، وعملية التحليل والتوصيف هذه تحتاج إلى الكثير من الأسس الواجبة الإتباع، وإلا أصبحت جهداً ضائعاً إلى جانب السلبيات التي تخلفها للجهاز الإداري، و يؤدي الأخذ بهذا الى النتائج التالية:
1. تحديد أسماء الوظائف بصورة دقيقة مع توحيد المصطلحات الوظيفية وتعميمها، والحد من تباين استخدامها وبالتالي تضع حداً للاختلافات التي تنجم عن معادلة شاغلي الوظائف ذات الأسماء المتشابهة لفظاً والمتباينة طبيعة ومهاماً.
2. تسهيل مهمة الاختيار والترشيح لملء الوظائف الشاغرة، وذلك بما تحدده من معايير وأسس دقيقة تضمن اختيار الأكفأ لشغلها.
3. تسهم عملية التوصيف في رسم المناهج التعليمية وتحديد مفرداتها ومتطلبات التخرج من الجامعات والمعاهد العليا التي تنشأ لسد احتياجات الأجهزة الرسمية من الموظفين والمهنيين، وتوفير العناصر المتخصصة لتنفيذ الخطط وإنجاز الأعمال على كافة المستويات.
4. يساعد التوصيف أيضاً على إنهاء المشاكل والشكاوى والتذمرات التي تثار بين الموظفين بسبب عدم تساوي رواتب وظائفهم مع غيرها من الوظائف المتقاربة والمتشابهة لها وكذلك المشاكل التي تثار بين الموظفين والإدارات من جراء تكليفهم بأعمال لا تدخل في مهام وظائفهم.
5. إن نظام توصيف الوظائف يعتبر مرجعاً لإجراء الدراسات والبحوث الميدانية والمقارنة سواء على صعيد المؤسسة الواحدة عبر سنوات تطورها أو بين المؤسسات المماثلة، ويحدد مسارات نمو وظائفها كماً ونوعاً، إضافة إلى اعتباره مرجعاً لضبط وجمع النصوص التشريعية وتعديلها أو تحديد الصلاحيات اللازم لإشغالها .
6. يُعد نظام توصيف الوظائف مرجعا للإدارة عند تحديد وتعريف الوظائف ومستوياتها في هياكلها التنظيمية، ووضع جداول تشكيلاتها وتحديد احتياجاتها وتحديد الفئات والدرجات وشروط إشغالها، واستخدام التقسيم العام للوظائف ومجموعاتها النوعية في عملية تخطيط وإدارة الموارد البشرية فيها، وتحديد الوظائف التي تمكنها من القيام بمهامها بكفاءة عالية وبالحد الأدنى من الكلف المالية.
7. تقسيم الوظائف إلى مجموعات عامة تضم كل منها الوظائف المتجانسة في نشاطاتها ، وتقسيم المجموعات العامة إلى مجموعات نوعية ، كأن تتفرع الوظائف الهندسية إلى وظائف للهندسة الكهربائية، ووظائف للهندسة الميكانيكية وأخرى للهندسة الزراعية. وهكذا تضم كل مجموعة نوعية الفئات التي تتشابه في نوع العمل ولكنها تختلف في مستوى الصعوبة بالواجبات وأهمية المسؤوليات فتكون المجموعة النوعية بمثابة السلم الطبيعي للترقيات من وظيفة في فئة إلى وظيفة في فئة أعلى منها.
8. خلق الفئات الوظيفية داخل كل مجموعة نوعية لتضم الوظائف الأكثر إنسجاماً وتقارباً في المستوى و الصعوبة والمسؤولية ومطالب التأهيل اللازمة لأدائها، على أن يراعى في خلق هذه الفئات أن لا تكون كبيرة جداً فيضيق الاختلاف بين الفئات ويتعذر التمييز بينها وألا تكون قليلة جداً فيتسع نطاق الصعوبة والمسؤولية بينها فيتعذر معاملة شاغليها ضمن فئة واحدة.
9. وينبغي عند الانتهاء من تحديد الفئات أن يتم تحديد الاسم الملائم لكل فئة بحيث ينطبق على الوظائف الداخلة فيها، وكذلك تحديد الوصف العام لها والصفات المميزة لوظائفها وشرح للمهام والواجبات والتي تدخل فيها وبالتالي تحديد المؤهلات الواجب توافرها فيمن يشغلها. وهكذا يكون لدينا بطاقة وصف وظيفي لكل فئة وبطاقة وصف وظيفي لكل مجموعة.
رابعاً: المسار التدريبي: لأخذ بمبدأ وصف وتصنيف الوظائف يؤدي بالضرورة إلى الأخذ بمبدأ المسار التدريبي جنباً الى جنب مع المسار الوظيفي: فعملية التوصيف تساعد في إعداد برامج التدريب، ذلك أن معرفة طبيعة الوظائف ومهامها يكشف عن نوع المؤهلات والمهارات اللازم توفرها، وهذا يسهل بناء مسار تدريبي يوازي المسار الوظيفي ويتوافق معه، ولابد من ان يكون المسار التدريبي متطلب إجباري لشغل وظائف الإدارة العليا والمتوسطة (على غرار ما هو معمول به في القوات المسلحة). وهذا يتطلب تفعيل معهد الإدارة العامة بحيث يتولى إعداد المرشحين لشغل وظائف معينة، وذلك بما يتفق ومهام ومتطلبات تلك الوظائف و تعد هذه الطريقة من أفضل الطرق لاختيار الموظفين العموميين لشغل المناصب القيادية ، وحتى نضمن نجاح هذه الطريقة في أداء دورهـــــا لاختيــــــار أفضـــــل المرشحين لشغل الوظائف العامة لابد من مراعاة ما يلي :
1. أن يغلب على برنامج الإعداد والتدريب الطابع التخصصي وذلك بأن تقتصر الدراسة فيها على ما يتعلق بما تتطلبه وتستلزمه الوظائف التي سيشغلها الدارسون أي الإعداد الفني علميا وعمليا.
2. أن تراعى الإدارة في قبول المرشحين لهذه البرامج حاجة الجهاز الإداري الفعلية إليهم، بحيث لا يصبح المتخرجون منها أكثر مما تستلزمه الوظائف الشاغرة بهذا الجهاز.
3. أن تخضع مناهج الدراسة بهذه المدارس والمعاهد للتطوير المستمر والمتلاحق بحيث تكون متلائمة مع المتغيرات العلمية والفنية التي تطرأ على الوظائف العامة.
4. أن يقتصر التعيين في الوظائف التي تم الإعداد لها على من يجتاز بنجاح هذه المرحلة من الإعداد الفني أو المهني أو العملي.
خامساً: الأخذ بمبدأ الاختيار كأساس لشغل الوظائف العامة:
أن اختبارات الانتقاء كأسلوب لتولية الوظائف العامة، تعتبر أكثر طرق التعيين ديمقراطية وذلك لما تحققه من مساواة وتكافؤ الفرص بين الأفراد في الاختيار، ولقيامها كذلك على أسس موضوعية قوامها الكفاءة والصلاحية، الأمر الذي يجعل منها مقياسا حقيقيا للكشف عن قدرات ومواهب المرشح وأنه أفضل من غيره لتولي مسئوليات وواجبات الوظيفة المرشح لها.
سادساً: الأخذ بمبدأ التقييم الربع سنوي لتقييم الأداء الوظيفي وتكون ننتجه التقييم هي الأساس في تجديد العقد من عدمه:
فمن خلال تقييم الأداء أو تقارير الكفاية نحقق ما يلي :
1. تستطيع الإدارة الوقوف من خلال تقارير الكفاية على مدى نجاح وفعالية نظام التعيين المتبعة في الوظيفة بمعنى أن تقارير الكفاية تعد بمثابة مؤشر يبين مدى نجاح أو فشل طرق اختبار الموظفين. فإذا أشارت هذه التقارير مثلا إلى عدم الكفاية المهنية لموظفين تم اختيارهم بطريقة معينة فهذا دليل على عدم فعالية هذه الطريقة وبالتالي يجب على الإدارة التخلي عنها واختيار الموظفين على أساس طريقة أخرى. والعكس صحيح بمعنى أن إشادة التقارير بكفاءة الموظفين دليل ضمني على صلاحية وجدية طريقة اختيارهم.
2. كما تلعب تقارير الكفاية دوراً مهماً فيما يتعلق بتدريب الموظفين. فهي تسمح للقائمين على شؤون الأفراد بالتعرف على مواطن الضعف أو العجز لديهم وبالتالي إعداد البرامج والدورات التدريبية الكفيلة بعلاج هذا الضعف أو ذلك العجز، بل أن تقارير الكفاية تساعد من جهة أخرى في الحكم على مدى صلاحية البرامج التدريبية ذاتها. إذ تعد وسيلة مهمة تبين ما إذا كانت هذه البرامج قد أدت وظيفتها وحققت النتائج المرجوة منها ام لا ؟
3. كما تؤدي تقارير الكفاية دوراً مهماً في حفز الموظفين ليس فقط على الاهتمام بكفاءتهم المهنية بل وأيضاً على إثبات وإظهار هذه الكفاءة، ذلك أن الموظف حينما يدرك أن نشاطه وأداءه الوظيفي موضع رقابة وتقييم دائم من قبل الرؤساء والمشرفين عليه، وأن نتائج هذه الرقابة أو ذاك التقييم سيكون موضع تقدير بل وأساساً مهماً لاتخاذ قرارات تتعلق بمستقبله الوظيفي، سيشعر بالمسؤولية تجاه نفسه و تجاه عمله. الأمر الذي يدفعه على بذل كل جهد وتقديم كل عطاء لينال أعلى التقديرات.
4. الاخذ بمبدأ العلنية في تقييم الأداء: ويعنى ذلك ضرورة إطلاع أو إعلام الموظف بتقرير الكفاية المقدم من رئيسه عنه. بل أن بعض النظم الوظيفية تحتم إعطاء الموظف صورة من التقرير حتى يعلم بمستوى كفايته بشكل لا يدع معه مجالا للشك. ومن مزايا هذا الأسلوب:
أ. يلزم الرؤساء بإتباع الموضوعية والجدية في التقدير وذلك حرصا منهم على تجنب التظلم والطعن في تقديراتهم من قبل المرؤوسين.
ب. أن العلنية تمكن المرؤوسين من معرفة مواطن ضعفهم والعمل على تلافيها مما يعود بآثار إيجابية على العمل الإداري.
ج. أن إعلان تقارير الكفاية قد يخلق جوا من المنافسة بين الموظفين مما يحثهم على الإجادة في العمل للحصول على أعلى التقديرات.
د. إذا أردنا أن نتجنب المحسوبية والوساطة بل وإذا رغبنا في القضاء على التعسف والظلم في خصوص تقارير الكفاية، فإنه يجب أن نعطى الفرصة لإصحاب الشأن بالتظلم والطعن في تقارير كفايتهم، ولن يتسنى هذا إلا بإبلاغهم وإعلامهم بهذه التقارير.
سابعاً: الاخذ بمبدأ الترفيع الجوازي كأساس (هذا في حال عدم الاخذ بفكرة او مبدا اشغال الوظائف الشاغرة عن طريق الامتحان (بين موظفي الدائرة) :
1. ان هذا الأسلوب في الترقية لا يعتمد أساساً على مدة الخدمة أو الأقدمية، وإنما على الكفاءة والجدارة التي تقاس عادة بواسطة تقارير الكفاية أو مسابقات وامتحانات تعد خصيصاً لهذا الغرض. فالترقية الجوازية تقوم على أساس تفضيل الأكفاء أو الأجدر من الموظفين لشغل الوظائف الأعلى في السلم الإداري بغض النظر عن مدة خدمتهم أو أقدميتهم في الدرجة أو الوظيفة السابقة. ومن ثم تعد هذه الترقية عنصراً أساسياً ومهماً لتقديم الإدارة ذلك أن الموظف عندما يتأكد أن ترقيته تتوقف إلى حد كبير على مدى مهاراته وكفاءته المهنية، فإنه سيعمل جاهداً بمختلف الطرق والوسائل على إثبات ذلك مما ينعكس بآثار إيجابية على الإدارة ذاتها.
2. ولكن ليس معنى ذلك أن هذا النوع من الترقيات يهمل كلية عنصر الأقدمية أو مدة الخدمة السابقة، ذلك أنه ليس من المنطقي ألا يؤخذ هذا العنصر في التقدير والاعتبار على الأقل كشرط تمهيدي أو مسبق للترقية، لماله من دلالة على ما اكتسبه الموظف من خبرة في مجال العمل، ولما له أيضاً من أثر في التخفيف من حدة المحسوبية والوساطة التي قد تصاحب الترقية بالاختيار والتي تعد من أوجه النقد الأساسية التي يعاب بها على هذا النوع من الترقية.