facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الشرفات يكتب: قَواعِدُ وضَوابَطُ المَسؤوليَّةِ السَّياسيَّةِ للحكُومَة

الشرفات يكتب: قَواعِدُ وضَوابَطُ المَسؤوليَّةِ السَّياسيَّةِ للحكُومَة

د. طلال طلب الشرفات

القبة نيوز- يخلط البعض بين ضوابط المسؤولية السياسية والقانونية، وتبعاتها الجزائية؛ بل يظن البعض أن هناك ثمَّة تداخل قسري بين المسؤولية السياسية والأدبية، باعتبار أن الأخيرة نتاج للأولى، أو ربما العكس، والحقيقة أنَّ لكل نوع من هذه الأنواع قواعدها واستحقاقاتها وشروط لنهوضها، بل أن الآثار المترتبة على كل واحدة تختلف عن الأخرى ولها انعكاساتها الاجتماعية والسياسية والتي ربما قد تصل إلى نتائج تتجاوز المنطلقات المرسومة لها.


ولعل البيان الذي صدر عن رئيس الوزراء والذي تحمّلت فيه الحكومة المسؤولية السياسية والأدبية عن حادثة مستشفى السلط، والتي راح ضحيتها عدد من الشهداء يؤشر على مضامين تلك المسؤولية، والمتمثلة في قبول نتائج العصف النيابي في جلسة "ماراثونيّة" أفضت إلى قرار المجلس بتشكيل لجنة تحقق نيابية والتي قد تقود إلى تقرير مسؤولية الحكومة السياسية كطرح الثقة فيما بعد، أو الاكتفاء بالإجراءات التي قامت بها، أو التوصية بالمزيد منها.

رئيس الوزراء كان يدرك تماماً حدود المسؤولية السياسية عندما ربطها بالثَّقة التي حصلت عليها الحكومة من مجلس النواب، ومدى الرضى الملكي السامي من استمرار الحكومة من عدمه؛ عندما قال: إن الحكومة ستقوم بمزيد من الإجراءات إن هيئ لها ذلك؛ لأن جلالة الملك هو رئيس السلطة التنفيذية ويمارسها بواسطة وزرائه؛ فقد جاء في المادة (35) من الدستور "الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء".

وبالمقابل تنهض مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب تكريساً لأحكام المادة (51) من الدستور التي نصت على أن:《رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة كما أن كل وزير مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته》بل تبعتها المواد التي تلتها حدود رقابة مجلس النواب على أعمال الحكومة من حيث أحكام الثقة وطرحها وطرق مساءلة الوزراء في المواد من (51) وحتى المادة (57) من الدستور .

تعد الاستقالة الطوعية لأي وزير أو إقالته بطلب من رئيس الوزراء تكريساً للمسؤولية الأدبية، ولكن إن جاءت برغبة ملكية فحينئذ تعد تطبيقاً للمسؤولية السياسية؛ لأن حدود الأخيرة تنحصر في الالتزام بأحكام الدستور، في حين أن المسؤولية الأدبية تنهض من رغبة طوعيّة في تحمل المسؤولية؛ لترسيخ مضامين تحمّل المسؤولية وتحقيق انفراجاً في المشهد العام، ولذلك فإن اعتراف رئيس الحكومة بالمسؤولية السياسية تعني أن يصدع لمقتضيات التقدير الملكي في استمرار عمل الحكومة من عدمها من جهة، وتفهم قرار مجلس النواب في طلب طرح الثقة في الحكومة دون أن تذهب الاخيرة بعيداً في طلب حل مجلس النواب من جهة أخرى.

في ظني؛ بأنَّ الحكومة ستقوم بإجراءات استثنائية؛ لمعالجة الخلل في المنظومة الصّحية، والإدارة العامة ولن تكتفي بمحاولة تجاوز الأزمة الحالية بأي ثمن؛ لأنها تدرك أنَّ الغضبة الهاشمية لن تتهاون مع أي خلل يتعلق بحياة الأردنيين ومستقبلهم؛ بل أن المرحلة القادمة ستشهد محاولة جادة؛ لاستعادة ثقة الناس وممثليهم، والحرص على تكريس الثقة الملكية الغالية والتي تنحاز دوماً للشعب وأولوياته المعيشية والخدمية.

رحم الله شهداء الوطن الأبرار وحفظ الله وطننا الحبيب وشعبنا الطيب وقيادتنا المظفرة من كل سوء .

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير