facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

"حب الله"

حب الله
د. نسيم أبو خضير

القبة نيوز- "قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم دنوبكم والله غفورٌ رحيم "
حب الله هو أعظم حب في الوجود ، ليس قبله حب أو بعده حب، حب المخلوق لخالقه ، المنعم عليه بكل النعم ، حبٌ به تعالج أمراض القلوب ، وتنتهي نزعات النفس ، به ينقذ المجتمع مما فيه من مشكلات وويلات مهلكة للنفس والنسل والحرث والإيمان.
حب الله سلعة نادرة ، تستحق أن يستأثر بها أصحاب القلوب المؤمنة ، أصحاب القلوب النقية ، ممن عرفوا الله سبحانه وتعالى، وأسلموا وجوههم له.
فالمسلم إذا ما تحرى حب الله ومرضاته في الأقوال ، والأفعال ، في الحركات والسكنات التي يقوم بها في دنياه ، فاز ونجىٰ ، وأغدق الله تبارك وتعالى عليه العطاء ، وبارك له في العمر ، ووسع له في الرزق ، وجعل السعادة في الدنيا والآخرة حليفه ،
لكننا كثيرا ما نجهل حب الله .
لقد بين لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ، أن حبه سبحانه وتعالى دينٌ في أعناقنا ندين به إلى ربنا سبحانه وتعالى.
بقول الله تبارك وتعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
ويقول أيضاً "قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" صدق الله العظيم.
فحب الله تعالى يكون بالإيمان في اتباع المنهج الإلهي ، والتصديق بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم ، والعمل بمقتضاه وتطبيق العبادات والمعاملات والتخلق بالأخلاق التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها ، وأن يكون حب الله تعالى مقدم على كل حب ، وذلك بطاعته وتطبيق منهاجه والتحلي بالأخلاق الاسلامية السمحة ، فبمقدار تطبيقنا لشرع الله تعالى ، يكون حبنا لله ورسوله ، ويزداد هذا الحب كلما ازداد تعلقنا بالله سبحانه وتعالى ، وطبقنا شريعته ، والتزمنا أحكامه ، في معاملاتنا ، في تجارتتا ، في حديثنا وحواراتنا ، في بيوتنا وتعاملنا مع ازواجنا وأبنائنا ، وأرحامنا ، وجيراننا ، وفي وظائفنا ، وفي كل شأن من شؤون حاتنا.
لقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حب الله تعالى فقال: "ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"متفق عليه.
ومما يقرب العبد من ربه الدعاء ، فعلينا أن نهرع إلى الله في طلب حاجاتنا حينها الله تعالى لا يمكن أن يرد يدي العبد إذا ارتفعتا له بالدعاء ، سواء استجاب الآن أم لم يستجب أو ادخرها له إلى يوم القيامة ، ولِيعلم العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يرد دعاءه صفراً ، فقد أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله : "إن الله حيٌ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين"رواه الترمذي
كما أرشدنا الله تعالى في سورة الإسراء حين قال: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا"، ولابد للإنسان أن يلجأ إلى الله تعالى في السراء والضراء ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول :"عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له"رواه مسلم.
فالإنسان المؤمن لابد أن يتعلق قلبه بالله تعالى في كل الظروف والأحوال، وليس في أوقات الشدة فحسب ، إنما في سعادته وفي شقاوته.
وللتعلق بالله تعالى ونيل محبته لابد من اتباع نهج رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام في الدعاء ، والاستغفار والتسبيح ، والتهليل والإكثار من النوافل والطاعات ، فهي حبل الوصل بين العبد وربه.
المستأنس بالله هو الرطب لسانه بذكره آناء الليل وأطراف النهار ، الذي يتقرب إلى الله تعالى بالطاعات خالصةً لوجهه الكريم ، فأولئك سيماهم في وجوههم، يشرقون نوراً وإيماناً ، ويبدون أكثر اطمئناناً لقضاء الله وقدره لأنهم أحسنوا الظن بالله تعالى ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : يقول الله تعالى :"أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيراً منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً ، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" رواه البخاري.
 
فالعبد المحب لله تعالى : يحافظ على الفرائض ويتحرى النوافل ، مثل : صيام الإثنين والخميس ، وصيام الأيام البيض ، ولايكون ذلك إلا من خلال الإكثار من ذكر الله والعمل بمقتضاه.
إن حب الله يجعلك مع حبيبك غداً يوم تلقاه.
" يوم لاينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )