الشوابكه يكتب للكركي من ثقب قلبك يابن الأكرمين
طه الشوابكة
القبة نيوز-في مشهد وطني لا غبار عليه للدكتور الانيق العلامة خالد الكركي...باغتني احد الزملاء ليعرض علي سماع المحتوى...سمعت بعضا منه وقلت له لن استطيع سماعه جيدا الان لانني مشغول في كتابة كناب يخص العمل..لكنني ساسمعه مساء حين اضطجع على اريكة العجز ...اريكة اللا حول ولا قوة الا بالله...اريكة صنعتها ودعمتها الحكومات لنا بثمن بخس ليكون الاضطجاع فعلا مؤنسا للنفس العاجزة مستطابا...
لم يتسن لي ان اتجشم عناء البحث في الجوجل او الفيس لاستمع واتذوق ما يقوله الرجل بهدوء...حيث ظهر المشهد منشورا على صفحات البعض من الاصدقاء...بعضهم كان مادحا للرجل ومبهورا بما قاله وعليه فقد جاءت التعليقات جميعها مادحة تثني وتمجد الرجل وما قاله وكانه كشف عظيم...اما البعض الاخر فقد نشره مع قليل من البهارات والتوابل التي تشي بامتعاض وعدم تقبل للرجل وما قاله فجاءت التعليقات منسجمة من الغالبية لتذم وتغمز بتعليقات خرج بعضها عن حدود اللياقة والانصاف....كاننا في سامر يتطلب الردة (المراددة)..او في حلبة (للحداية) زجل فلسطيني من فلاحي السليبة فلسطين...
خالد الكركي صاحب الخلق الرفيع...والعلم الوثيق...واللغة المتقعرة من اهراءات خزين الجاهلية، تلك اللغة لغته ...المنسابة من على لسانه انسياب النمير في مجاريه العذبة لتنعش الارض العطشى من حوله...خالد الكركي ابن الكرك وابن العدنانية....خالد المعلم في كلية الحسين قبل ان يكون الاستاذ الاكاديمي في الجامعة الاردنية وقبل ان يكون كاتب المقال اليومي في صحيفة الراي الى ان تم استيعابه وتدجينه في وظيفة حكومية مرموقة تتناسب وسعره تلك الايام..وظيفة تستدعي جلوس الرجل ولو اعوجا ليتكلم صوابا وفق اهوائهم ليمهروه بالتك الاحمر (علامة الصح والقبول)...خالد الكركي القومي لغة وهمهمة وتلميحا قبل ان تكون القومية فعلا فيزيائيا ميكانيكيا على الارض....
خالد الكركي اليوم يطل علينا بلغته العصماء المبحرة في جوف الارض والانسان الاردني...يسلب ويخطف الانظار عن النظر ومعاينة مسؤولي اليوم الذين لا نرى فيهم اي عامل او ملمح مشترك معنا...لا اللغة ولا اللون ولا البحة ولا التعابير ولا المفردات ولا اي مما غاب عنا واختفى منذ زمن الردة والانكفاء والتحول...اين منا انت يا خالد اليوم وانت تظهر علينا كمشاكس هرم غريب الوجه واللسان والهوى؟
ادرك تماما انا كربع مثقف وشبه مطلع ونصف رجل اردني ان معظم الذين اعجبوا بك يا خالد كانوا معحبين بما كنت تمثله من وجه اردني غابت ملامحه منذ ازمنة طويلة...وجهك الخلاسي الذي يحكي رؤومة جدين لوحتهم شمس الحصاد ولفحهم زمهرير كانون وقر سعد الذابح وهم يحتطبون بمعاولهم من غور فيفا ليهدوا للوطن رجالا جسورين كرماء بسواعد سمر وعيون حمر تتقادح غيرة على الوطن كعيون الحيد يرمق بغضب وعيونه تتطاير شررا النظار المتطفلين على نياقه الوضّح....
ادرك وهذا ما يحزنني اليوم وينكأ جراحي ان انتشار المشهد الذي تصهلل فيه للوطن وعيون الاردنيات مرده الى الشوق اللاهب الدفين في حنايا الضلوع...(الضلو ووووووووع في آهات ام كلثوم هل تذوقت مرارتها)..الضلوع التي ذوت وانحنت تحت حجارة الصبر على الطوى والجوع والفاقة ومغالبة النوى في شِعب ابي طالب...فاي وجه واي لسان واي بوح هو اليوم بوحك لتعيدنا الى سيرتنا الاولى نمشي كساحا مشلولي الارادة؟ تعيدنا الى عهود غابرة يوم كان الوجع اردنيا بامتياز والترياق اردنيا بامتياز ايضا...بوحك الكركي المؤابي الجنوبي يتحشرج في بلعوم الحكومات لتغص به وبقائله ومحبيه...وهذا ما يؤسف له...اتدري يا خالد ما الذي فعلته بنا وانت الخبير في فعل الكلمة واثرها في الوجدان الشعبي (كالسحر في عمل سفلي) ...لقد فتحت جروحا اندملت منذ زمن...جروح التأمت عنوة تحت قيظ الشمس وخليط الهيولاء مع الاتربة على الصحراوي يرقع الرتوق الجائحات في جرحنا الغائر...لتاتي اليوم فتذكرنا بعهود كان الكلام فيها ( من القلب الى القلب) مسموعا وكانت الكلمة (تنساب من بين شاربين كثين لا امردين ) احدّ مضاءً من فعل السيف والطلقة....
القوم اليوم يا خالد طغى عليهم دثار الصمم والعمى والبلادة...قومك اليوم يا خالد لا يسمعون الا خرخشة النقود وحفيف اوراق العقود المبطنة...وكانك لا تدري عن لحظة استبدلوا فيها صليل السيوف برنات الخلاخيل وقرع الانخاب في جنح الليل تصل كصليلُّ اليماني في يد قرم عتيد...عتقي اوهن الطرق والمفازات تحت سنابك خيله المحجلات...
ما الذي ارتكبته فينا من جرم يا خالد وانت تنبش في خوابي الازمنة الجميلة لتذكرنا بماضيات العهود والمواثيق التي تبخرت تماما كما (الڤولاتايل) مع اول سخونة تحت اعجاز السماسرة واهل البزنس والتجارة حين نسوا وضربوا صفحا عن كل فضيلة اردنية متوارثة...حين صموا اذانهم عن خلوج تختلج التنهيدة حرّى فتلبسها حياء وكبرياء رداء الزغرودة ..ام اصخرية او عجرمية او بلقاوية ولعلها كانت جنوبية شمالية او غرب نهرية يوم كان النهر ملتقى العشاق من اهل الضفتين ..يوم كانت الام تستقبل ولدها الشهيد باكف ضمختها الحناء فداء لعينيك يا فلسطين على حدباء نصت كالنصّة (اللوج ) فوق اكتاف الرجال من اخوياه العسكر...
دكتورنا العزيز الاعز...كلامك جميل ومعبر...وبوحك غني المضامين ومثير للعزمات المخدرة النائمة...لكنك تتحدث الساعة الى قوم غير القوم....وان كنت تريد معرفة ما اقول فاسال اهل الذكر من قرية الرقيم عن قوم باتوا ثلاثة قرون وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لا ينبح حتى الحوافين ليلا....
سامحك الله على ما فعلت...وكان حريٌّ بك اتمام الصمت الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا...