باسم عوض الله يكتب : انكماش اقتصادي غير عادي في ظل مرحلة مبكرة من ادارة فيروس كورونا
د.باسم عوض الله /وزير التخطيط الاسبق
القبة نيوز- في استعراضه للتقرير الاخير الصادر عن البنك الدولي حول حجم ضرر وباء كوفيد- 19 على الاقتصاد العالمي، أبدى كبير المعلقين الاقتصاديين في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، مارتن وولف، خشيته من أن يكون الوباء هو الصدمة الأكثر ضررًا للاقتصاد العالمي في زمن السلم منذ قرن، الأمر الذي يتطلب استجابة طموحة وتعاونية غير مسبوقة.
بالتاكيد ، نعلم أننا في خضم انكماش اقتصادي عالمي غير عادي، ولكن لا نعرف مدى عمقه واستمراره، ولا إلى متى ستستمر آثاره السلبية، فنحن لا نزال في مرحلة مبكرة من إدارة المرض. وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان الناشئة والنامية، والتي بالرغم من أن أكثرية سكانها من الشباب، الا أنها تواجه الوباء، وهي غير قادرة على اتخاذ التدابير اللازمة لاحتواءه، نظرًا لاعتماد الكثير من مواطنيها على العمل في القطاع غير الرسمي، وبسبب محدودية قدراتها الصحية والمالية. مع العلم بأن إدارة المرض ليس سوى جزء من التحدي الذي يواجه هذه الدول الناشئة والنامية.
فالكثير منها يتعرض للصدمات الاقتصادية العالمية ذات الأبعاد المدمرة : الركود العالمي، والانخفاض الحاد في أسعار السلع الأساسية، والهروب من المخاطر في الأسواق المالية، والانخفاض الكبير في تحويلات العمالة المغتربة والإيرادات من السياحة، والانخفاض الكبير في التجارة العالمية. ومن المرجح أن يضطر العديد من هذه الدول إلى التخلف عن سداد الديون المترتبة عليها. علاوة على ذلك، فانه من المتوقع أيضا أن يكون هذا التأثير السلبي على اقتصاديات هذه الدول ليس بالقصير.
يشير تقرير البنك الدولي إلى أن مجموعة النتائج المحتملة للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام (بأسعار الصرف السوقية) تتراوح بين ناقص 3.7 و 7.8 في المائة. بالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، فإنه يقع بين ناقص 0.5 وناقص 5 في المائة.
ويتوقع البنك عودة النمو في عام 2021، بين 1.3 و 5.6 في المائة في العالم، وبين 2.7 و 6.4 في المائة في الاقتصادات الناشئة والنامية. وهذا يعني أنه من المرجح ألا يتعافى الناتج إلى مستويات 2019 قبل عام 2022 في البلدان الناشئة والنامية.
ولن تعود إلى المستويات التي ينطوي عليها استمرار النمو قبل الوباء إلا بعد ذلك بوقت طويل، إذا حدث ذلك.
إن توقعات النمو المستقبلي الضعيف لا تشجع الاستثمار وبالتالي، ستتتسبب فترات البطالة الطويلة في فقد المهارات وقد تحد من قدرة العمال على البحث عن عمل. سوف تختفي شركات لا تعد ولا تحصى وإلى الأبد. وفي البلدان الناشئة والنامية، فان نقص التمويل الحاد لبرامج الصحة والرعاية الاجتماعية الهامة سيلحق أضرار بالغة طويلة الأمد بالصحة وعواقب ضارة أخرى على العمال وأسرهم، وقد يتضرر تعليم العديد من الأطفال بشكل دائم.
هناك حاجة إلى المساعدة، فقد قدر صندوق النقد الدولي بأن البلدان الناشئة والنامية تحتاج إلى 2.5 تريليون دولار، وهو أكثر بكثير من المتاح والمتوفر. وتخفيف عبء الديون أمر ضروري لأشد البلدان فقراً وكذلك للبلدان الناشئة المثقلة بالديون. ومن الأهمية بمكان أيضًا مساعدة البلدان الناشئة والنامية على مواجهة تحديات الصحة العامة التي تواجهها. ولكن هذه الحاجة الى المساعدة لا تعفي قادة الدول الناشئة والنامية من اتخاذ القرارات والسياسات المناسبة.
عندما تنظر الأجيال القادمة إلى هذه الأزمة، فهل سينظرون إليها على أنها نقطة تحول حاسمة، وإذا كان الأمر كذلك، في أي اتجاه؟ هل سيخلصون إلى أننا فهمنا أن الوباء هو أزمة مشتركة تحتاج إلى استجابة فعالة وتعاونية؟ أم أنهم سيستنتجون، بدلاً من ذلك، أننا سمحنا لقدرتنا على التعاون والتقدم نحو التنمية الاقتصادية بالتلاشي؟ نحن لا نعرف جوابهم. هذا يعتمد على ما نقرره نحن الآن. نحن نعلم ما يجب علينا فعله: أن نعمل معًا.