في استقلالك وطني لكَ شوكةٌ ردّت إلى الشرقِ الصّبا
التربوية جميلة السرحان
القبة نيوز-صافرات الإنذار دوّت في الأرجاء ، وسيارات الجيش العربي زيّنت الأرض ، والرجال الرجال كلّ في موقعه منادين : لتبقوا في منازلكم خوفاََ على صحتكم.
وأنا جالسةٌ في حاكورة أبي أيقنت أنّ الموقف خطير ، وعلمتُ كم بذلو هؤلاء العظماء ليبقى الأردن مينعاََ وليكون حرّاََ مستقلاََ في قيادته العربية وقراراته الحصيفة الهاشمية.
هؤلاء هم أبناء قادة الكرامة والإباء الذين ما هانت جنوبهم ابداََ ، واختاروا لأنفسهم ذلك المقام الخالد في قلب كلّ أردني يحمل في داخله أسمى مشاعر الامتنان لقاماتهم التي ما استكانت أمام جبروت العدو وطغيانه.
أيقنت وانا أمسك بحزمة من حشائشَ قد أزلتها من حول شجرة تين أبي ، أنّ هؤلاء يبذلون الروح ويرخصونها في سبيل ذرة من ثراك وطني ، وأنهم بأجسادهم الفتية أسلحة فتاكة في وجه كل خطر يحيط بالأرض أو الإنسان.
فانطلقتُ عائدةً وقد استنشقت رائحة الأرض الطيبة ، فإذا بأبنائي قد حمَل كلّ منهم علم العروبة ملوحين به منشدين:
خافقٌ في المعالي والمنى عربيّ الظِلال والسنا..
في الذُرى والأعالي فوق هام الرّجال زاهيا أهيبا..
هكذا هو أردن الشموخ وهكذا هم الأردنيون الأحرار الشرفاء وأبنائهم وصغارهم ، يقفون على أعتاب المئوية الأولى لتأسيس الدولة ، رافعي الهامات والرايات.
راسخي كرسوخ الجبال ، مستذكرين مسيرة أردنية هاشمية ، أرسى فيها الأردن دعائمه ، فأضحى منيعاََ قوياََ بفضل قيادته الهاشمية ووفاء ابنائه وتماسكهم وصمودهم في وجه التحديات .
فهو العهد والميثاق الضارب في جذور هذه الأرض الطيبة والوعد الذي سطّر بدماء الشهداء الزكية ، والتي ما زالت قصتها تُروى على جدران القدس واللطرون والكرامة.
وهو قصص الوفاء الحاضره في كل بقعة من هذه الأرض الطيبة ، عنوانها بنيانٌ مرصوص وقوامها شعبٌ وجيشٌ وأمنٌ يصطفُ خلف الراية الهاشمية..
وفي ذكرى يوم استقلال وطني ، نُضيء شمعةً أخرى من منارات الإنجاز في مسيرة النهضة والتقدم والعطاء.
فها هو جلالة الملك عبدالله الثاني حامل راية الأمة ووريث مجد الثورة وحامي حمى القدس والأقصى الشريف ، يُعيد كتابة التاريخ بمواقفة القومية الثابتة فينتصر للحق العربي ، ويعمل على تحصين بيت الأمة العربي من واقع التجاذبات السياسية.
والتي تحاول تقطيع أوصاله في إطار تحالفات إقليمية، بينما تحاول قوى أخرى فرض واقع جديد باستخدام منطق القوة وترسيم مناطق حدود ونفوذ جديدة ، غير آبه جلالته بكل الأصوات التي نادت بضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وضرورة الحفاظ على أمن المنطقة وسلامة مجتمعاتها ، فيعيد الباقورة ويصلي على ترابها الطهور ويرفع جنوده البواسل راية المجد خفاقةً في سماء الوطن.
ويشاء اللّه أن تعود علينا الذكرى الرابعة والسبعين لاستقلالك وطني ، وقد ضرب الوطن من جديد موعداََ مع البطولة والتضحية تجلت بتكاتف أبنائك الأوفياء ، ووقوفهم خلف قيادتهم في وجه الشدائد والصعاب وكورونا الوباء ، إذ نجحت استراتيجية الدولة التي حملت شعار سلامة الإنسان تأتي أولاََ في الوقاية والعلاج ، حتى غدا الأردن مضرب الأمثال في المصداقية والثقة والعمل الدؤوب .
وعلى الرغم من إدخال المنطقة والأردن في عواصف التغيير ودوامات الإرهاب ومناخات كورونا ، ومحاولة التأثير على واقعه ومواقفه وقوامه.
إلا أن الأردن بفضل قيادته الفذة كان يخوض كلّ تحدٍّ برؤية استشرافية وإرادة شعبية ونصرة موضوعية، إضافةً إلى قراءةٍ سياسيةٍ دقيقةٍ واستراتيجيةِ عمل ٍحصيفة ، استطاع الوطن بفضلها من تحويل كلّ منعطفٍ عصيبٍ إلى منطلقٍ قويم.
ولأن ذكرى استقلال هذا العام تأتي متزامنة مع ذكرى مئوية البيعة وركن شرعية الإنجاز هذا العام الذي أزهرت نتائجه ، فأصبح الأميز في عهد جلالته حتى بات يشكل الركن الرابع الذي يمكن إضافته إلى الأركان الثلاثةِ التاريخيةِ والدينيةِ والثوريةِ فكان لابد أن يقرن بشرعية الإنجاز.
فهذه النكهة الجديدة للاستقلال بتزامنه مع ذكرى مئوية البيعة للهاشميين ، وخضم انتصار الأردن في المرحلة الأولى لمعركته مع كورونا الوباء ، ليؤكد الشعب الأردني تأييده على شرف البيعة وتعزيز ربط عقدة الوثاق المجتمعية والتفاف الشعب حول قيادته الفذة.
وإننا نبعث رسالة تأييد وولاء للنهج الذي اختطه جلالة مليكنا المفدى ليكون الأردن كما أراده دوماََ أولاً في كلّ شيء.
وليظل استقلالنا العروبي الباعث الحقيقي الذي يضيء للوطن وأبنائه الطريق نحو بناء مجتمع تكتنف جنباته الحرية والديمقراطية ، ويحقق الحياة الفضلى لمواطنيه.
وختامًا فإننا في الأسرة التربوية بطلبتها ومعلميها وقادتها نرفع لمقام صاحب الجلالة الهاشمية مليكنا المفدى الملك عبدالله الثاني حفظه اللّه ورعاه أسمى آيات المحبةِ والمودةِ والإخلاص ، مجددين العهد بأن نبقى الجُند الأوفياء لهذه الأرض الطيبة وللحمى الهاشمي.
ضارعين إلى المولى أن يديم جلالته ذخراََ وسنداََ وملاذاََ لهذا الشعب الوفي وأمته الماجدة ، وأن يُسدل عليه أثواب الصحة والعافية من شر هذا الوباء وكلّ داء.
وكلّ عام والأردن وأرضه بزهرها وزرعها وأشجارها وجيشها الغرّ الميامين وأمنها وأطبائها ومعلميها وكلّ نفسٍ عليها ومليكها بألف ألف خير .