facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

صفر

صفر

م. أشرف غسان مقطش

القبة نيوز- الصفر اليوم هو غاية مختلف الأمم بأية وسيلة، وهدف جميع الدول بأية طريقة: صفر كورونا.


وهنالك تعريف للدولة قرأته ذات زمان في مكان ما بأنها مؤسسة إقتصادية تسعى لربح الشعب، وأحد مقاييس ربح الشعوب هو معدل النمو الإقتصادي الذي كانت تتسابق إلى رفعه مختلف حكومات الدول، بينما اليوم تتسابق هذه الحكومات إلى تحقيق إقتران صفري بين الأيام والإصابات الكورونية، وعليه، لربما تفرض علينا جائحة الكورونا إعادة تعريف الدولة ولو مؤقتا بأنها مؤسسة صحية تسعى لصفر كورونا بين الشعب.

وإذا ما اصطلحنا على تعريف الدولة الصفرية بأنها الدولة التي يكون فيها عدد الإصابات الكورونية صفرا، فإنه لربما يتولد في مخيلتنا صورة عن الرقي الذي وصلت إليه تلك الدولة الصفرية.

والصفر ليس أصغر الأعداد كما لا يخفى على أحد وليس أكبرها؛ فهو أصغر من الأعداد الموجبة، وأكبر من الأعداد السالبة التي وصلت إلى خانتها أسعار النفط الأميركي. وهنا قد يتساءل سائل: ما معنى أن يكون سعر سلعة ما كالنفط الأميركي سالبا؟ والجواب هو أن مُنْتِج السلعة أو بائع البضاعة يدفع للمشتري كي يشتري! وهذا يذكرنا بعروض بعض المحلات التجارية عندما كانت تعلن ذاك الإعلان المغري: إشتر قطعتين والثالثة مجانا! مع الأخذ بعين الإعتبار الفارق الجوهري بين سالبية أسعار النفط ومجانية القطعة الثالثة، فالسالبية هنا تشير إلى أن تكلفة تخزين النفط أصبحت أعلى من تكلفة انتاجه، أما مجانية القطعة الثالثة فهي تعني أن معدل دوران المخزون صفر.

والصفر الذي امتاز به بيل كلينتون عن غيره من الرؤساء الأميركيين هو أنه خاض حربا دون أن يخسر جنديا واحدا، إذ كانت تلك الحرب التي خاضها ضد صربيا.

وقد افتخر يوما ما أحد زملائي في الجامعة بعلامته التي كانت صفرا في مادة الهندسة الوصفية، وذلك لأن معظم علامات زملائه بما فيهم كاتب السطور هذه كانت سالبة! ويومها اعترفت بوجودية المثل القائل: الصفر من شيم الرجال.

وفيما مضى من أزمان، كان المسجون ومازال يحلق شعره عند دخوله السجن على (الصفر)، ولهذا كان الرجال يتجنبون حلاقة (الصفر) خشية التعييب والتعيير، وشتان ما بين الأمس واليوم، إذ أصبحت الحلاقة على (الصفر) موضة في إحدى الفترات العابرة كما روج لها شقيقي بين أصدقائه ذات يوم، بعدما عاقبه والدي بحلاقة على (الصفر) لأن شقيقي اكتفى فقط بتخفيف قليل جدا لشعره الطويل أصلا!

وعندما سألني أحد الأطفال الذين كنت أعلمهم كيفية كتابة مواضيع الإنشاء في اللغة العربية عن معنى المثل القائل: عاد بخفي حنين، لم أجد غير (الصفر) لأستعين به في شرح مقصد المثل؛ فأجبت الطفل: يعني صفر اليدين.

وفي علوم الطبيعة، الماء يتجمد عند درجة حرارة صفر مئوي، والجسم الذي تكون محصلة القوى المؤثرة عليه صفرا، تجده إما ساكنا لا حراك له، أو متحركا بسرعة ثابتة.

ومن غرائب نظرية النسبية الآينشتاينية، أنه إذا ما سار جسم طوله ما لانهاية بسرعة الضوء؛ فإن طوله يصبح صفرا، والمقصود أن المادة تمسي طاقة إذا سارت بسرعة الضوء، هكذا فهمت، ولعلي ما فهمت الشيء الصحيح من تلك النظرية.

وللحرب ساعتها الصفرية، لا يعلم بها إلا من يطلق الرصاصة الأولى!

وكنت أظن أن الخلاء في الرياضيات أو قل الفراغ هو الصفر، إلا أن علم المجموعات أعطاني بعدا آخر للخلاء أو الفراغ، ألا وهو: فاي. والفاي مجموعة خالية من أي عنصر حتى الصفر!

وللشاعر أحمد مطر قصيدة بعنوان (الواحد والأصفار)، يقول فيها:

ما بلغ (الواحد) مقدارا
لولا أن واجه أصفارا
فغدا آلاف الآلاف

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )