facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الاشاعة في عهد الكورونا بالاردن

الاشاعة في عهد الكورونا بالاردن

د. عدنان سعد الزعبي

القبة نيوز-التجربة الاردنية في مجال التعامل مع فيروس الكورونا بين الكثير من الحقائق التي لا بد وان تكون قواعد ومؤشرات يبنى عليها واقع التخطيط الاستراتيجي للاردن حاضرا ومستقبلا. ومن النواحي كافة. فاذا اصبح الواقع يؤكد نجاح التجربة في مجال محاصرة الفيروس والتعامل معه بشكل علمي دقيق, وظهور بوادر التغلب علية ودحره. وما هي الا ايام وسنرفع ايدينا نشوة بالانتصار والتغلب على واحد من اخطر التحديات العالمية وقبل هذا وذاك انتصار الارادة والتخطيط والاستجابة الاردنية, فالفعل الاردني ومن مختلف الجهات والفئات وفي مقدمتهم هذا الشعب العظيم سجل وعيا وثقافة وانتماء، استجاب من خلالها لكل التعليمات وكل الاجراءات المطلوبة. في الوقت الذي بدأت الدول الاروبية تصرخ وتستغيث معلنة عدم القدرة على السيطرة. الاستجابة الاردنية ومن مختلف الاوساط الشعبية والرسمية والخاصة جاءت بانسجام كبير عكس مدى التوافق العام على ثوابت المصلحة العامة التي هي مصلحة الفرد والجماعة وبالتالي الوطن .


هذه القواعد كانت وما زالت حاضرة في ذهن المواطن وقواعد تفكيره , وهي المنطلق الذي سيعبر عنه وسيدور نشاطه الاعلامي حوله ، فالجميع وافق على سلسلة الاجراءات الصعبة التي كان الحضر وتطبيق قانون الدفاع وتقبل الجميع له واستعدادهم ايضا وبكل رضى لتقبل المرحلة الثانية بتطبيق الماده 125 من الدستور بفرض حالة الطوارىء ومنع التجول .

كانت الاشاعة وما زالت ظاهرة اجتماعية وشكل من اشكال الاتصال تبنى على معلومات غير السليمة او غير متأكد مصدرها، ويتجلى مروجوها خاصة في ظروف الازمات والاحداث لاغراض سياسية او اجتماعية او اقتصادية من خلال - بلبلة الفكر العام والراي العام و خلق حالة اضطراب بالمجتمعات المستهدفة و اثارة العواطف وزعزعة الاستقرار الاجتماعي او الصحي أو سياسي . وتوجيه اصحاب القرار نحو سلوكيات محددة . أو تحويل اصحاب القرار والمخططون عن الطريقة السليم في التخطيط اللازم او تأخير العمل وبالتالي الضغط العام على صاحب القرار .

في التجربة الاردنية لمواجهة الكورونا , نجد نجاحا واضحا في التعامل مع الاشاعة التي سببتها وتسببها صحافة المواطن والتي من شأنها اشغال اجهزة الدولة عن اداء واجبها ، فوجدنا الحكومة تصف الصورة الحقيقية وشواهدها من الواقع اي بتقديم المعلومة الصحيحة بالوقت المناسب والسرعة اللازمة . جنبا الى جنب الشفافية والوضوح والانتظام في الاعلان عن المعلومات كلها ، وبكل ثقة وتدليل على ذلك بالشواهد الموجودة على ارض الواقع, خاصة من الكثير ممن تعرضوا للاشاعة والذين بينوا الحقيقة فكانو ا شواهد مباشرين .

ولكن ماهي الاشاعة وما هي سيكولوجيتها .، ولماذا يلجأ اليها الفرد او الجماعة . وكيف نحاصرها وندحضها ؟ فالاشاعة ظاهرة اجتماعية ووشكل من اشكال التواصل وترتكز دوافعها من حيث الدلالة على الاحلام والاماني لدى الفرد الذي يحقق امانيه الداخلية بالبوح عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بغض النظر عن اقعيتها او صدقها . ومن الدوافع ايضا الكراهية والعداء , فالنوازع الانسانية وفي حالة الكره والعداء تترجم ذاتها بالتلفيق والكذب و من اجل الاساءة للاخرين او للمجتمع او لافراد معينين . في حين يعتبر الخوف دافع هام في انعكاساته على تصرفات الفرد بالتفريغ النفسي واطلاق المعلومات غير السليمة وغير المتأكد منها . ولكن ما هي دوافع الاشاعة من حيث السيكولوجية فقد تبين انها تقوم على : التنفيس عن الكبت الشديد.والتوترات الانفعالية للوصول لحالة التوازن والاستقرار والهدوء النفسي جنبا الى جنب مشكلة التظاهر بالمعرفة واتساع الاطلاع (الوجود المعرفي والاجتماعي) .
والتي تدعوا الفرد الى التلفيق والمبالغة والتضخيم في سبيل اظهار المعرفة والاطلاع . وخطورة ذلك حالة اضطراب النفسية في العالم الواقعي (اي بتواصله مع الناس ) خاصة اذا اطرت ببعض الحقائق العامة او جاءت من صديق او زميل رغم عدم وجوده كشاهد مباشر. لكن في العالم الافتراضي فانه سيتحول الى حالة صراع نفسي يعبر عنه بالاشاعة المسمومة . عانى العالم القديم والحديث من الاشاعة - فسقراط مات بفعل اشاعة تتهمه بأنه يحرض الشباب ضد النظام , واباطرة روما شكلوا حراس الاشاعة لالتقاط الاشاعات والاجابة عليها . وفي الهند ادت اشاعة دهن الخنزير في خراطيش البنادق الى توقف المسلمين عن القتال.

ان الاشاعة في تقنيات الاعلام الرقمي (سوشيل ميديا) ذات بعد نفسي واشد خطورة من قريناتها في العالم الواقعي. لقد تعودت دوافعنا وغرائزنا في العالم الواقعي على استخدام ملامحنا وتعابير وجوهنا وحركات اجسادنا وايحاءاته للتعبير وبشكل مباشر ، والتي عادة ما تنسجم مع الواقع لان الفرد يكون تحت المراقبه ومن السهل بيان صدقه من عدمه وسرعة اكتشاف الحقيقة .لكن وفي العالم الافتراضي حيث لا رقابة مباشرة ,ولا هوية للواقع , وشعور الفرد بالحرية والانفتاح وعدم التحفظ , لهذا تظهر التعابير الذاتية بلا ضوابط فكرية أو اخلاقية أو مهنية . وللتعامل مع الاشاعة فلا بد من - التعرف على الاشاعة ومعرفة مضمونها واهدافها .وتوعية الجمهور بخطورة الاشاعة واهدافه.

كذلك محاصرة الاشاعة ببث المعلومات التي تفند الاشاعة و متابعة مروجي الاشاعات وتطبيق القانون بحقهم حسب الدوافع التي ترتكز اليها الاشاعة .

ان التجربة الاردنية جعلت من الجمهور الاردني عامل مساعد لتفنيد اي اشاعة وذلك لاصراره على العمل والمشاركة بمواجهة هذا الخطر الداهم , واوعية باهداف الاشاعة والمروجين لها ومطلقيها . ان علم الاشاعة يحتاج من مدارس الاعلام التركيز عليها في لاردن وحصر دوافعها تميدا لمعالجته الجذرية .

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )