الأشاعه : وباء آخر في زمن الكورونا
الدكتور صلاح الحمايدة
القبة نيوز- تكشف الشعوب عن جوهرها في أوقات الأزمات، فالأصيلة منها تتجاوز ما يواجهها وتخرج منتصرة ، وتعتبر الأزمات امتحانآ واختبارآ وتحديآ. ذلك أن التخاذل أمام الأزمات يمس الكرامة الوطنية، وهو أمر لا يمكن التهاون فيه حتى لو كانت تكاليفه مرتفعة.
يقف الأردنيون اليوم ملكآ وحكومة وشعبآ أمام تحد من نوع جديد يهدد البشرية جمعاء هو " وباء كورونا" ذلك المرض الشرس الماكر السريع الأنتقال الذي لا تزال البشرية تبحث عن علاج له وستنجح بأذن الله.
ان الظروف الراهنة تفرض علينا جميعآ أن نكون على مستوى التحدي ، وأن نقوم بدورنا الوطني والأنساني بكفاءة عالية، بالتوازي مع حكومتنا التي تبذل جهدأ استثنائياً في هذا المجال من منطلق قناعاتها الوطنية والأخلاقية والقانونية حيث هي المرجع الأعلى المناط به الدفاع عن حقنا في الحياة و المقرر في الفصل بين الصحيح والخطأ وبين الضروري الذي يجب القيام به والثانوي الذي يحتمل الاجتهاد والانتظار.
أن الجهد الدؤوب الذي تبذله حكومتنا الاردنية في الدفاع عن حياتنا صغارآ وشبابآ وكبارآ يملي علينا كمواطنين أردنيين ، التمسك بجملة من المبادئ لا يمكن المساومة عليها تتمثل اولآ بالمصلحة الوطنية التي لا تختصر في فرد أو جماعة بل تشمل الأردن كله شعبآ وارضآ وحكومة.
يفضي المبدأ الأول إلى آخر مرتبط به عنوانه : التضامن المجتمعي بين أفراد المجتمع كافة والتأزر بين الفرد العادي و المسؤول والتكافل بين الأردنيين في مواقعهم الاجتماعية المختلفة خاصة أن هذا المرض الرهيب والقابل للهزيمة أيضآ لا يفرق بين مواطن وآخر ولا يفصل بين المسؤولين وغيرهم ولا يسآل عن المواقف السياسية والانتماء الديني والمراتب الاجتماعية وهذا يعني أن الخطر الذي يهدد الكل لايمكن التصدي له وهزمه بالتأكيد الا بارادة كليا صادرة عن قناعات الأردنيين جميعآ تدرك أن الأذى الواقع على الاردن يصيب جميع الأردنيين.
يكتمل مبدأ المصلحة الوطنية كما مبدأ الارادة الكليا بثالث يترجم المعنى الحقيقي للمبدأين السابقين هو : الوعي الاجتماعي المسؤول الحريص على معرفة أسباب المرض وسبل الوقاية منه فلا مواجهة رشيده إلا بمعرفة صحيحة.
تقودنا الملاحظات السابقه المحدثة عن سبل هزيمة مرض كورونا إلى ظاهرة اجتماعيه سلبية هي : الإشاعة أو تسويق الأفكار الخاطئة؛ وتأتي خطوره هذه الظاهرة عن أمرين :فهي تشير إلى ما هو اجتماعي وجماعي فلا وجود لأشاعة فاعلة بصيغة المفرد وإلا لأمكن حصارها سريعآ وهي غالبآ مجهولة المصدر لا فرق إن كان المصدر طيب النوايا أو خبيث القصد ذلك أنها لا تعتمد على معلومات دقيقة وتنقصها المعرفة العلمية وتكتفي بالتخمين أو ( التحزير ) ما جعل البعض يطلق على الإشاعة : كلام الغرائز النائمة فهي " تهرف بما لا تعرف" وتؤمن بما تجهل ولا تهتم بما يجب معرفته مازجه بين الجهل واللامبالاة مستنكرة معنى النظام الذي لا وجود له خارج سلطة مسؤولة تشرف عليه.
فهي تشوه للوعي المجتمعي الوطني والايمان المطلق بالمعلومات غير الموثقة والصحيحة والتي لاتحتكم الى عقل ومنطق ومعرفة علمية على انها حقائق.
ولهذا تنتشر الأشاعة في أوساط اجتماعية تفتقر نسبيآ إلى القراءة والفضول المعرفي والاحتكام إلى العقل وترتاح إلى ثقافة العادات التي تعني عدم الالتفات إلى الجديد وعدم الاعتراف به حتى لو كان خطيرآ وحتى لو اعترفت هذه الأوساط بخطر جديد فإنها تتعامل معه وفقآ لقوانين العادة التي لا ترى في الحياة جديدآ ولا ضرورة .
بيد أن العنصر الأكثر سلبآ في ظاهرة الأشاعة يتمثل ( بنسيان) الدور الذي تقوم به السلطات المختصة المسؤولة فعليآ عن التصدي لمرض كورونا واتخاذ الإجراءات الموائمك لمحاربته ومتابعة المعلومات المتجدده المطلوبة لدحره وغيرها من وسائل الجاهزية والاستنفار والاستعداد الذي تأخذ بها السلطات الأردنية المسؤولة بدءآ من جلالة الملك حفظه الله ورئيس الوزراء وصولاً إلى جيش من أصحاب الاختصاص والمتابعين.
اذأ كانت الحكومة الاردنية في مراتبها المتتابعة تجسيدآ للعقل الإداري الصائب والحسبان العلمي والعملي والأخلاقي المسؤول فإن " مروجي الأشاعات" فرادى كانوا أو جماعات يعطون صورة عن ترويج الفوضى والجهل والمواقف المرتجعة دون النظر إلى نواياهم التي تسئ إلى المجتمع الأردني دون أن تدري فما الذي نستفيد منه نحن الأردنيين حين يتقول انسان ان الأرقام التي تنشرها الحكومة ليست الحقيقة؟ فتقولهم ينشر الهلع ويروع الناس ويشكك في مصداقية الحكومة وهما فعلان لا يتمتعان بالمسؤولية والخلق الوطني.
أليس من السخف أن يتقول آخر "أن الازمة طويلة، طويلة جدآ، وعلينا بالتموين ومراقبة السلع والأسعار..... قول يؤدي إلى التزاحم الذي هو من أسباب مرض الكورونا وإلى فقدان الثقة بالذات والحكومة معآ، وهما عنصران ضروريان لمواجهة الخطر القائم والانتصار عليه.
لنعي انه لا ينتصر شعب إلا بوحدته ولم نتجاوز نحن الأردنيين التحديات التي واجهتنا أو تواجهنا إلا بوحدتنا، بتلك العروة الوثقى بين الشعب والدولة بين المواطنين والحكومة والإرادة الملكيه السامية.
إن الحرص على مواجهة مرض كورونا الذي يهددنا عمل وطني وأن اعتبار أجهزة الدولة مرجع لنا عمل وطني وأن الموقف الوطني المسؤول يقضي بثقتنا كاملة بالحكومة الاردنية ورص الصفوف وتوحيدها ونشر الوعي الصحيح ومجابهة الاشاعة والمعلومات الخاطئة والأرتقاء بتعاملنا ومعاملاتنا كل ذلك يسعفنا في مواجهتنا الراهنة لكورونا..
لا شيء يعدل أردننا العزيز، أيها الأخوة ، ولا شيء يمنعنا عن أن نكون قدوة في الدفاع عنه والوقوف مع حكومتنا للذود عنه و الاستبسال من أجله.
خير الأردنيون من كان خير لوطنه وخصمآ لمن يضره.
وأن الإنسان المنتمي لوطنه يبدأ من الإخلاص وينتهي إليه..