أسس صلاحية محكمة العدل الدولية لأول وهلة
أ.د نفيس مدانات
ضمن إطار القضية التي تتضمن المواجهة بين السنغال مع بلجيكا التي تحتمل تأسيس صلاحية المحكمة على أساس التصريحات المقدمة، تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة (36) من النظام القانوني، من قبل بلجيكا بتاريخ (17 حزيران 1958) ومن قبل السينغال بتاريخ (2 كانون أول 1985) كما بناء على الفقرة الأولى من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب.
غالباً، في الحقيقة، في القضايا التي تقدم أمام الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لها كنتيجة لعدم الإتفاق أن تؤدي الى تطبيق أو تفسير أداة ثنائية أو عديدة الأطراف، وهذه الأداة، هي إذن يثيرها أحياناً أحد الأطراف منفرد (ut singulus) كي تخدم لأساس صلاحية المحكمة، والمحكمة كانت قد قدرت بأنها تملك الصلاحية (لأول وهلة (Prima Facie، بناءً على المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب، للنظر في القضية، معتبرة علاوة على ذلك بأن الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) التي تستمدها من هذا الإتفاق كافية كي يكون باستطاعتها أن تشير الى وسائل عاجلة تحفظية التي قد طلبتها بلجيكا إذا كانت الظروف تتطلب ذلك من المحكمة، إذن لم يكن هناك ضرورة، في هذه المرحلة من الإجراءات، للبحث فيما إذا كانت التصريحات المثارة من قبل بلجيكا بإمكانها هي أيضاً ان تؤسس لصلاحية لأول وهلة (Prima Facie). ومع ذلك، على ما يبدو هاماً التريث تارة فيما يخص المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب (81) وتارة بخصوص التصريحات الإختيارية بقبول القضاء الإلزامي لمحكمة العدل الدولية (82).
1- المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب
عندما قررت بأن لها الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) بناء على نص الإتفاق، كانت المحكمة أيضاً قد فحصت بشكل مختصر الشروط الإجرائية المعروضة هناك. وبإطالة الكلام بالتناوب حول مضمون المادة (30) (A) وبخصوص فحص الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) من قبل المحكمة وبخصوص الشروط الإجرائية التي موجودة في هذه الفقرة (B).
أ- مضمون المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب
الفقرة الأولى من هذه المادة تنص (se lit) كما يلي:
كل خلاف بين دولتين أو عدة دول أطراف يخص تفسير أو تطبيق هذا الإتفاق والذي لا يمكن حله عن طريق التفاوض وخضع للتحكيم بناء على طلب أحدهم. وإذا خلال الستة أشهر التي تلي تاريخ طلب التحكيم، لم تتفق الأطراف على تنظيم التحكيم، فإن أي واحداً منهم بإمكانه أن يُخضع الخلاف لمحكمة العدل الدولية بتقديم دعوى طبقاً لنظام المحكمة.
وهذا النص يشكل الشرط الذي يمنح الصلاحية المسجلة في الإتفاق ضد التعذيب. وبهذا هنا، أي دولة طرف تلتزم سلفاً بقبول الصلاحية للمحكمة إذا وقع خلاف مع دولة أخرى طرفاً فيه وذلك فيما يتعلق بتطبيق أو تفسير هذا الإتفاق. كما أن ذلك ليس من الإزعاج أن نذكر بأن (حسين هابر Hisséne Habre) كان قد أُتهم بتاريخ 3 شباط عام (2000) بالإشتراك (بجرائم ضد الإنسانية، وأعمال تعذيب وبربرية)، من قِبل عميد قضاة الإستعلام للمحكمة الإقليمية خارج الصنف في (دكار Dakar). والحالة هذه، فإن هذه الإتهامات هي في قلب الإتفاق ضد التعذيب. وعلاوة على ذلك، فإن السنغال والبلجيك، كلا الدولتين أطرافاً في الإتفاق. وهذا بسبب رأي سديد أن من طلب قد ذكره لتأسيس صلاحية المحكمة. وفي هذه القضية الموجودة لدى المحكمة، فإن هذا الإتفاق يُفرض حتى (بذات الفعل Ipso Facto) بمقدار ما أن أحداً من الأطراف لم يذكر تحفظاً في الفقرة الأولى من المادة (30). وهذا مع ذلك إمكانية لخدمة الدول الأطراف بموجب الفقرة (2) من هذه المادة التي تتضمن في تعابيرها:
"إن كل دولة باستطاعتها، منذ اللحظة التي فيها توقع أو تصادق على الإتفاق الحالي أو تلتحق به، تعلن أنها لا تعتبر نفسها مرتبطة بنصوص الفقرة الأولى من هذه المادة، فالدول الأُخرى الأطراف لا يكونوا مرتبطين بهذه النصوص تجاه كل دولة طرف كانت قد وضعت مثل هذا التحفظ".
عندئذٍ، فإن تأسيس صلاحية المحكمة لأول وهلة (Prima Facie) إبتداءً من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب تصبح مبسطة. وجوهر المادة (30) تم التذكير به. ومن المناسب التريث بخصوص الشكل كانت المحكمة قد فحصت الشروط الإجرائية التي تنص عليها.
ب-فحص الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) للشروط الإجرائية للمادة (30)
لتأسيس صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie) ابتداءً من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب، كانت المحكمة قد قامت بفحص مسبق فيما إذا كانت الشروط الإجرائية الموجودة في هذا النص مجتمعه، حتى إذا كان هذا الفحص قد تم بصورة مختصرة كما سنراه فيما بعد.
إن الشروط الإجرائية المنصوص عليها في المادة (30) هي كالآتي:
1- وجود خلاف حول تفسير أو تطبيق الإتفاق.
2- فشل المفاوضات.
3- طلب التحكيم.
4- عدم إتفاق الأطراف حول تنظيم التحكيم عند نهاية مهلة ستة أشهر.
وقد كانت المحكمة أولاً قد ذكرت بأن المادة (30) تتطلب أن يكون الخلاف الذي قُدم لها من أولئك "الذي لم يستطع "أو يستطيعون" أن ينهيه أو "ينهونه" عن طريق المفاوضات". وكانت قد قررت أنه على مستوى فحص صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، يكفي التحقق بأن بلجيكا قد حاولت أن تتفاوض. ومن رأي المحكمة، بأن المفاوضات المقترحة من قبل بلجيكا والمعروضة على السنغال لا يمكن إعتبارها بأنها قد أنهت الخلاف بينهما. وأنها لم تنتج الا المتطلب الأول من المادة (30) الذي يجب إعتباره بأنه قد حقق الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie).
وكانت المحكمة قد لاحظت فيما بعد بأن الإتفاق ينص أيضاً بأن الخلاف بين الأطراف الذي لم يُحل عن طريق المفاوضات يجب أن يخضع للتحكيم بناءً على طلب أحدهما، وأنه ليس بالإمكان مراجعتها الا إذا لم تكن الأطراف قد توصلت الى اتفاق حول تنظيم هذا التحكيم في مهلة الستة أشهر اعتباراً من التاريخ الذي تم به طلبه. وهي تعتبر بأن المذكرة الشفهية (Note Verbal) بتاريخ (20/6/2006) تتضمن عرضاً صريحاً من البلجيك للسنغال للإلتجاء الى إجراءات التحكيم، طبقاً للفقرة الأولى من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب لحل الخلاف المتعلق بتطبيق الإتفاق على حالة (حسين هابر Hisséne Habre).والمحكمة كانت قد لفتت النظر الى أنه في هذه المرحلة من الإجراءات، يكفي التحقق بأنه، حتى لو افترضنا بأن لفت النظر لم يصل أبداً الى الموجه له، فإن المذكرة الشفهية من البلجيك بتاريخ (8/5/2007) وتشير لها صراحة بأنها تؤكد بأن هذه الملاحظة الثانية قد وصلت لعلم السنغال وأستلمت من قبلها بأكثر من ستة أشهر قبل تاريخ مراجعة المحكمة بتاريخ (19/2/2009).
وعند هذا المستوى، نتحقق حتماً بأن المحكمة كانت قد اعتمدت وجهة النظر البلجيكية بأن الشروط الإجرائية المنصوص عليها في المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب قد تحققت. والطريقة التي بها قد أسست المحكمة صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، على أساس هذه المادة (30)، هي بكل بساطة لافتة للنظر.
لكن المحكمة كان بإمكانها حسب القاضي الخبير، (ad hoc) (سيرج سير Serge Sur) أن تكتفي بالتحقق من الفرضيات الأُخرى بأنها ليست غير مختصة بشكل واضح، لأنها باستطاعتها أن تشير الى قاعدة شكلية، وأن الدعوى ليست بالتحام غير مقبولة كي تقدر بأن تلك الظروف تجعل بإمكانها أن تمارس سلطاتها المستقلة، إما بطلب من أحد الأطراف، أو بناءً على مبادرة خاصة منها. وهذا كان من الممكن أن يسمح في الحقيقة للمحكمة أن تكسب الوقت وأن تكتفي بفحص ضرورة إتخاذ إجراءات مستعجلة حفاظية.
والقاضي الخبير (سيرج سير Serge Sur) يقترح إذن إحلال محل العمل الحالي للمحكمة، والذي يقوم على أساس البرهان الإيجابي؟ صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، وقبول الدعوى لأول وهلة (Prima Facie)؟ بيان سلبي، بأنها ليست بشكل واضح غير مختصة وكذلك الدعوى ليست بشكل واضح غير مقبولة. وباتخاذ موقفاً سلبياً بدلاً من تأكيد إيجابي، كانت المحكمة قد استبعدت كل انتقاد للتناقض في الحكم، وحتى التغير في الموقف. وقد عملت علاوة على ذلك بشكل أكثر إخلاصاً لما جاء بالمادة (41) من نظامها القانوني، وحتى حسب نظامها، الذي لا يذكر علاوة على ذلك وسائل الصلاحية والقبول بخصوص الوسائل المستعجلة الحفاظية (المواد 73-78 من النظام).
والمحكمة كانت قد اقتصرت في تأسيس صلاحيتها على الإتفاق ضد التعذيب، ولم تعتقد بأنه من الضروري أن تؤسس على التصريحات الإختيارية لقبول قضائها الإلزامي.
(يتبع)
غالباً، في الحقيقة، في القضايا التي تقدم أمام الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لها كنتيجة لعدم الإتفاق أن تؤدي الى تطبيق أو تفسير أداة ثنائية أو عديدة الأطراف، وهذه الأداة، هي إذن يثيرها أحياناً أحد الأطراف منفرد (ut singulus) كي تخدم لأساس صلاحية المحكمة، والمحكمة كانت قد قدرت بأنها تملك الصلاحية (لأول وهلة (Prima Facie، بناءً على المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب، للنظر في القضية، معتبرة علاوة على ذلك بأن الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) التي تستمدها من هذا الإتفاق كافية كي يكون باستطاعتها أن تشير الى وسائل عاجلة تحفظية التي قد طلبتها بلجيكا إذا كانت الظروف تتطلب ذلك من المحكمة، إذن لم يكن هناك ضرورة، في هذه المرحلة من الإجراءات، للبحث فيما إذا كانت التصريحات المثارة من قبل بلجيكا بإمكانها هي أيضاً ان تؤسس لصلاحية لأول وهلة (Prima Facie). ومع ذلك، على ما يبدو هاماً التريث تارة فيما يخص المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب (81) وتارة بخصوص التصريحات الإختيارية بقبول القضاء الإلزامي لمحكمة العدل الدولية (82).
1- المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب
عندما قررت بأن لها الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) بناء على نص الإتفاق، كانت المحكمة أيضاً قد فحصت بشكل مختصر الشروط الإجرائية المعروضة هناك. وبإطالة الكلام بالتناوب حول مضمون المادة (30) (A) وبخصوص فحص الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) من قبل المحكمة وبخصوص الشروط الإجرائية التي موجودة في هذه الفقرة (B).
أ- مضمون المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب
الفقرة الأولى من هذه المادة تنص (se lit) كما يلي:
كل خلاف بين دولتين أو عدة دول أطراف يخص تفسير أو تطبيق هذا الإتفاق والذي لا يمكن حله عن طريق التفاوض وخضع للتحكيم بناء على طلب أحدهم. وإذا خلال الستة أشهر التي تلي تاريخ طلب التحكيم، لم تتفق الأطراف على تنظيم التحكيم، فإن أي واحداً منهم بإمكانه أن يُخضع الخلاف لمحكمة العدل الدولية بتقديم دعوى طبقاً لنظام المحكمة.
وهذا النص يشكل الشرط الذي يمنح الصلاحية المسجلة في الإتفاق ضد التعذيب. وبهذا هنا، أي دولة طرف تلتزم سلفاً بقبول الصلاحية للمحكمة إذا وقع خلاف مع دولة أخرى طرفاً فيه وذلك فيما يتعلق بتطبيق أو تفسير هذا الإتفاق. كما أن ذلك ليس من الإزعاج أن نذكر بأن (حسين هابر Hisséne Habre) كان قد أُتهم بتاريخ 3 شباط عام (2000) بالإشتراك (بجرائم ضد الإنسانية، وأعمال تعذيب وبربرية)، من قِبل عميد قضاة الإستعلام للمحكمة الإقليمية خارج الصنف في (دكار Dakar). والحالة هذه، فإن هذه الإتهامات هي في قلب الإتفاق ضد التعذيب. وعلاوة على ذلك، فإن السنغال والبلجيك، كلا الدولتين أطرافاً في الإتفاق. وهذا بسبب رأي سديد أن من طلب قد ذكره لتأسيس صلاحية المحكمة. وفي هذه القضية الموجودة لدى المحكمة، فإن هذا الإتفاق يُفرض حتى (بذات الفعل Ipso Facto) بمقدار ما أن أحداً من الأطراف لم يذكر تحفظاً في الفقرة الأولى من المادة (30). وهذا مع ذلك إمكانية لخدمة الدول الأطراف بموجب الفقرة (2) من هذه المادة التي تتضمن في تعابيرها:
"إن كل دولة باستطاعتها، منذ اللحظة التي فيها توقع أو تصادق على الإتفاق الحالي أو تلتحق به، تعلن أنها لا تعتبر نفسها مرتبطة بنصوص الفقرة الأولى من هذه المادة، فالدول الأُخرى الأطراف لا يكونوا مرتبطين بهذه النصوص تجاه كل دولة طرف كانت قد وضعت مثل هذا التحفظ".
عندئذٍ، فإن تأسيس صلاحية المحكمة لأول وهلة (Prima Facie) إبتداءً من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب تصبح مبسطة. وجوهر المادة (30) تم التذكير به. ومن المناسب التريث بخصوص الشكل كانت المحكمة قد فحصت الشروط الإجرائية التي تنص عليها.
ب-فحص الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie) للشروط الإجرائية للمادة (30)
لتأسيس صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie) ابتداءً من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب، كانت المحكمة قد قامت بفحص مسبق فيما إذا كانت الشروط الإجرائية الموجودة في هذا النص مجتمعه، حتى إذا كان هذا الفحص قد تم بصورة مختصرة كما سنراه فيما بعد.
إن الشروط الإجرائية المنصوص عليها في المادة (30) هي كالآتي:
1- وجود خلاف حول تفسير أو تطبيق الإتفاق.
2- فشل المفاوضات.
3- طلب التحكيم.
4- عدم إتفاق الأطراف حول تنظيم التحكيم عند نهاية مهلة ستة أشهر.
وقد كانت المحكمة أولاً قد ذكرت بأن المادة (30) تتطلب أن يكون الخلاف الذي قُدم لها من أولئك "الذي لم يستطع "أو يستطيعون" أن ينهيه أو "ينهونه" عن طريق المفاوضات". وكانت قد قررت أنه على مستوى فحص صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، يكفي التحقق بأن بلجيكا قد حاولت أن تتفاوض. ومن رأي المحكمة، بأن المفاوضات المقترحة من قبل بلجيكا والمعروضة على السنغال لا يمكن إعتبارها بأنها قد أنهت الخلاف بينهما. وأنها لم تنتج الا المتطلب الأول من المادة (30) الذي يجب إعتباره بأنه قد حقق الصلاحية لأول وهلة (Prima Facie).
وكانت المحكمة قد لاحظت فيما بعد بأن الإتفاق ينص أيضاً بأن الخلاف بين الأطراف الذي لم يُحل عن طريق المفاوضات يجب أن يخضع للتحكيم بناءً على طلب أحدهما، وأنه ليس بالإمكان مراجعتها الا إذا لم تكن الأطراف قد توصلت الى اتفاق حول تنظيم هذا التحكيم في مهلة الستة أشهر اعتباراً من التاريخ الذي تم به طلبه. وهي تعتبر بأن المذكرة الشفهية (Note Verbal) بتاريخ (20/6/2006) تتضمن عرضاً صريحاً من البلجيك للسنغال للإلتجاء الى إجراءات التحكيم، طبقاً للفقرة الأولى من المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب لحل الخلاف المتعلق بتطبيق الإتفاق على حالة (حسين هابر Hisséne Habre).والمحكمة كانت قد لفتت النظر الى أنه في هذه المرحلة من الإجراءات، يكفي التحقق بأنه، حتى لو افترضنا بأن لفت النظر لم يصل أبداً الى الموجه له، فإن المذكرة الشفهية من البلجيك بتاريخ (8/5/2007) وتشير لها صراحة بأنها تؤكد بأن هذه الملاحظة الثانية قد وصلت لعلم السنغال وأستلمت من قبلها بأكثر من ستة أشهر قبل تاريخ مراجعة المحكمة بتاريخ (19/2/2009).
وعند هذا المستوى، نتحقق حتماً بأن المحكمة كانت قد اعتمدت وجهة النظر البلجيكية بأن الشروط الإجرائية المنصوص عليها في المادة (30) من الإتفاق ضد التعذيب قد تحققت. والطريقة التي بها قد أسست المحكمة صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، على أساس هذه المادة (30)، هي بكل بساطة لافتة للنظر.
لكن المحكمة كان بإمكانها حسب القاضي الخبير، (ad hoc) (سيرج سير Serge Sur) أن تكتفي بالتحقق من الفرضيات الأُخرى بأنها ليست غير مختصة بشكل واضح، لأنها باستطاعتها أن تشير الى قاعدة شكلية، وأن الدعوى ليست بالتحام غير مقبولة كي تقدر بأن تلك الظروف تجعل بإمكانها أن تمارس سلطاتها المستقلة، إما بطلب من أحد الأطراف، أو بناءً على مبادرة خاصة منها. وهذا كان من الممكن أن يسمح في الحقيقة للمحكمة أن تكسب الوقت وأن تكتفي بفحص ضرورة إتخاذ إجراءات مستعجلة حفاظية.
والقاضي الخبير (سيرج سير Serge Sur) يقترح إذن إحلال محل العمل الحالي للمحكمة، والذي يقوم على أساس البرهان الإيجابي؟ صلاحيتها لأول وهلة (Prima Facie)، وقبول الدعوى لأول وهلة (Prima Facie)؟ بيان سلبي، بأنها ليست بشكل واضح غير مختصة وكذلك الدعوى ليست بشكل واضح غير مقبولة. وباتخاذ موقفاً سلبياً بدلاً من تأكيد إيجابي، كانت المحكمة قد استبعدت كل انتقاد للتناقض في الحكم، وحتى التغير في الموقف. وقد عملت علاوة على ذلك بشكل أكثر إخلاصاً لما جاء بالمادة (41) من نظامها القانوني، وحتى حسب نظامها، الذي لا يذكر علاوة على ذلك وسائل الصلاحية والقبول بخصوص الوسائل المستعجلة الحفاظية (المواد 73-78 من النظام).
والمحكمة كانت قد اقتصرت في تأسيس صلاحيتها على الإتفاق ضد التعذيب، ولم تعتقد بأنه من الضروري أن تؤسس على التصريحات الإختيارية لقبول قضائها الإلزامي.
(يتبع)