خروج على النظام الداخلي
د. صبري الربيحات
القبة نيوز- السجال الذي تم بين النائب الدكتور عبدالله العكايلة والمهندس عاطف الطراونة اثناء الجلسة الرقابية ليوم الثلاثاء الماضي طبيعي ويحصل في العديد من المجالس التشريعية في العالم. إثارة النواب للاسئلة ومطالباتهم بأجوبة مقنعة عليها واجب ينهض به النواب نيابة عن الأمة. في المجال العام لا توجد زاوية او مجال محصن وبعيد عن رقابة النواب فبمثل هذه الاسئلة وتلقي الاجوبة الشفافة المباشرة يطمئن الناس الى صحة وسلامة الاجراءات وبغير ذلك يتولد الشك وتضعف الثقة.
كمتابع لأعمال مجلس النواب أسعدني الاستماع الى الحوار الذي دار ويدور تحت القبة هذه الايام بالرغم انني ما ازال غير قادر على فهم التبدل والتغير في مواقف وطروحات البعض ومتردد في رسم خريطة للتيارات والاتجاهات التي تسود داخل هذه المؤسسة الدستورية العريقة.
مجلس النواب الثامن عشر يقدم هذه الايام اداء نوعيا مختلفا. الاسابيع القليلة الماضية لفتت انظار المتابعين الى ارتفاع وتيرة النقاش وسخونة القضايا والتباين النوعي في اداء النواب.الاصطفافات التي تنشأ حول القضايا المطروحة تشكل خرائط يمكن قراءتها للاستدلال على الارتباطات والاهواء التي تحكم السلوك وتوجه الأداء. القضايا المطروحة وطرق التعاطي معها تحت القبة كانت الشغل الشاغل للصالونات السياسية وكتاب الصحف والمواقع الاخبارية والعديد من المغردين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
باستثناء المجلس الحادي عشر فإن اداء المجالس النيابية السابقة لم ينل الكثير من الرضا ولا التقدير المناسب من الشعب عامة ولا القواعد الانتخابية للنواب. في حديث الاستاذ عبدالكريم الدغمي لقناة المملكة قبل اسابيع اشارة واضحة الى ان المجالس النيابية الأردنية اصبحت ديكورا يكمل البنى المؤسسية ويساعد الحكومات على تنفيذ سياساتها بغطاء شعبي.
بالرغم من امتلاك المجلس لسلطات دستورية واسعة الا انه لا يمارس الكثير منها. في رأي الكثير من المراقبين والنقاد يصعب وصف ما يقوم به المجلس بأكثر من كونه حلقة في السلسلة التي تقر التشريعات دون الدراسة والتحقق من الأثر الذي قد تحدثه على واقع ومستقبل الانسان الأردني.
كثرة التغييرات والتعديلات التي تطرأ على التشريعات التي يعدل بعضها اكثر من مرة خلال نفس العام دليل على حالة الارتباك في السياسات والتشريعات معا. قوانين الموازنة العامة للدولة التي يجري نقاشها واقرارها تخترق كل عام ويجري تجاوزها والانفاق خارج ما تسمح به دون توقف او سؤال.
على شاشات التلفزيونات المحلية يتراشق العديد من النواب الاتهامات بالفساد بشكل يثير الحزن والشفقة. قبل ايام قام احد رؤساء اللجان المهمة في المجلس بعرض وثائق زعم انها تشير الى وجود علاقات مالية وتعاقدية غير قانونية لأحد زملائه مع الدولة. الاتهامات العلنية والسرية لعشرات النواب والممارسات غير المشروعة والدخول في صفقات وشراكات والاستخواذ على العطاءات والتلزيمات قضايا يتحدث عنها الناس في كل مناسبة يأتون على ذكر العمل العام.
على غير ما تعودنا عليه من مجالس النواب بدت العديد من القضايا التي يتناولها النواب في الجلسات الرقابية والخاصة لهذه الدورة اكثر سخونة وإثارة. لا احد يعرف الاسباب الحقيقية لما يحصل فهناك الكثير من المواقف والتفاعلات والتعليقات التي يصعب تفسيرها. بعض المدافعين عن السياسات العامة للحكومة تحولوا عن مواقفهم السابقة حيث اشار احدهم الى معارضته العلنية والصريحة لاتفاقية الغاز ومطالبته بإسقاطها. الملف الذي يبدو كأحجية يصعب فك رموزها او تركيب اجزائها تسقط تعقيداته على مشهد الحوارات النيابية بحيث اصبح من الصعب معرفة المؤيد من المعارض ولا الأسباب الظاهرة والخفية لتبدل المواقف.
في الدورة الاخيرة ينتقل النقاش والاسئلة الى مواضيع الفساد والمتنفذين والبحث فيما يتخذه المجلس من اجراءات وطرق التعاطي معها. قضايا الحصانة والتحقيق ومفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتبادل الاتهام وتصدي البعض للدفاع يزيد المشهد المعقد تعقيدا اكثر مما يعكس توجها جديا لتناول كل ما يسأل عنه الناس ويحاولون فهم اسراره وخفاياه.
الدورة البرلمانية الرابعة من عمر المجلس الحالي تشكل تحولا في نوعية القضايا ووتيرة النقاش ومستوى الشفافية وحرص النواب على مخاطبة القواعد والسباق مع الزمن لترميم الصورة التي تولدت عن أدائهم ومواقفهم. أيا كان مستوى النعومة او الخشونة التي يتحلى بها النواب وهم يثيرون الاسئلة او يدافعون عن النظام الداخلي لمجلسهم فإن من الصعب ان يجد الناس اجابات علنية للاسئلة التي تلح على عقولهم وهم يشهدون تدهور اوضاعهم الاقتصادية وتخبط سياسات الضرائب والحوافز والتسعير والطاقة والبطالة واختيار المسؤولين.
الغد
كمتابع لأعمال مجلس النواب أسعدني الاستماع الى الحوار الذي دار ويدور تحت القبة هذه الايام بالرغم انني ما ازال غير قادر على فهم التبدل والتغير في مواقف وطروحات البعض ومتردد في رسم خريطة للتيارات والاتجاهات التي تسود داخل هذه المؤسسة الدستورية العريقة.
مجلس النواب الثامن عشر يقدم هذه الايام اداء نوعيا مختلفا. الاسابيع القليلة الماضية لفتت انظار المتابعين الى ارتفاع وتيرة النقاش وسخونة القضايا والتباين النوعي في اداء النواب.الاصطفافات التي تنشأ حول القضايا المطروحة تشكل خرائط يمكن قراءتها للاستدلال على الارتباطات والاهواء التي تحكم السلوك وتوجه الأداء. القضايا المطروحة وطرق التعاطي معها تحت القبة كانت الشغل الشاغل للصالونات السياسية وكتاب الصحف والمواقع الاخبارية والعديد من المغردين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
باستثناء المجلس الحادي عشر فإن اداء المجالس النيابية السابقة لم ينل الكثير من الرضا ولا التقدير المناسب من الشعب عامة ولا القواعد الانتخابية للنواب. في حديث الاستاذ عبدالكريم الدغمي لقناة المملكة قبل اسابيع اشارة واضحة الى ان المجالس النيابية الأردنية اصبحت ديكورا يكمل البنى المؤسسية ويساعد الحكومات على تنفيذ سياساتها بغطاء شعبي.
بالرغم من امتلاك المجلس لسلطات دستورية واسعة الا انه لا يمارس الكثير منها. في رأي الكثير من المراقبين والنقاد يصعب وصف ما يقوم به المجلس بأكثر من كونه حلقة في السلسلة التي تقر التشريعات دون الدراسة والتحقق من الأثر الذي قد تحدثه على واقع ومستقبل الانسان الأردني.
كثرة التغييرات والتعديلات التي تطرأ على التشريعات التي يعدل بعضها اكثر من مرة خلال نفس العام دليل على حالة الارتباك في السياسات والتشريعات معا. قوانين الموازنة العامة للدولة التي يجري نقاشها واقرارها تخترق كل عام ويجري تجاوزها والانفاق خارج ما تسمح به دون توقف او سؤال.
على شاشات التلفزيونات المحلية يتراشق العديد من النواب الاتهامات بالفساد بشكل يثير الحزن والشفقة. قبل ايام قام احد رؤساء اللجان المهمة في المجلس بعرض وثائق زعم انها تشير الى وجود علاقات مالية وتعاقدية غير قانونية لأحد زملائه مع الدولة. الاتهامات العلنية والسرية لعشرات النواب والممارسات غير المشروعة والدخول في صفقات وشراكات والاستخواذ على العطاءات والتلزيمات قضايا يتحدث عنها الناس في كل مناسبة يأتون على ذكر العمل العام.
على غير ما تعودنا عليه من مجالس النواب بدت العديد من القضايا التي يتناولها النواب في الجلسات الرقابية والخاصة لهذه الدورة اكثر سخونة وإثارة. لا احد يعرف الاسباب الحقيقية لما يحصل فهناك الكثير من المواقف والتفاعلات والتعليقات التي يصعب تفسيرها. بعض المدافعين عن السياسات العامة للحكومة تحولوا عن مواقفهم السابقة حيث اشار احدهم الى معارضته العلنية والصريحة لاتفاقية الغاز ومطالبته بإسقاطها. الملف الذي يبدو كأحجية يصعب فك رموزها او تركيب اجزائها تسقط تعقيداته على مشهد الحوارات النيابية بحيث اصبح من الصعب معرفة المؤيد من المعارض ولا الأسباب الظاهرة والخفية لتبدل المواقف.
في الدورة الاخيرة ينتقل النقاش والاسئلة الى مواضيع الفساد والمتنفذين والبحث فيما يتخذه المجلس من اجراءات وطرق التعاطي معها. قضايا الحصانة والتحقيق ومفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتبادل الاتهام وتصدي البعض للدفاع يزيد المشهد المعقد تعقيدا اكثر مما يعكس توجها جديا لتناول كل ما يسأل عنه الناس ويحاولون فهم اسراره وخفاياه.
الدورة البرلمانية الرابعة من عمر المجلس الحالي تشكل تحولا في نوعية القضايا ووتيرة النقاش ومستوى الشفافية وحرص النواب على مخاطبة القواعد والسباق مع الزمن لترميم الصورة التي تولدت عن أدائهم ومواقفهم. أيا كان مستوى النعومة او الخشونة التي يتحلى بها النواب وهم يثيرون الاسئلة او يدافعون عن النظام الداخلي لمجلسهم فإن من الصعب ان يجد الناس اجابات علنية للاسئلة التي تلح على عقولهم وهم يشهدون تدهور اوضاعهم الاقتصادية وتخبط سياسات الضرائب والحوافز والتسعير والطاقة والبطالة واختيار المسؤولين.
الغد