نكبات الوطن في رجال الصف الأول والثاني..
العميد المتقاعد طه عبدالوالي الشوابكه.
القبة نيوز-ذات عصيرية (عصرا) من سبعينيات القرن المنصرم...امام بيت جدي الذي يقع على تلة مرتفعة اسفلها منحدر يصل إلى الشارع الرئيسي..نزل خالي حافيا من المنزل ووصل الشارع لاستقبال صديق له بحرارة...كان المشهد بالنسبة لي كطفل لا يعني شيئا الا الاستهزاء والضحك على سلوك خالي...كيف يمشي حافي القدمين والناس تراه وهو الاستاذ الجامعي المدلل والمترف..الا ان جدتي قالت على مسمعي ومسمع من يتواجدون امام البيت قالت ( نزولك حافي لضيفك هو قمة الحفاوة والتكريم له....)
رحمك الله يا ابنة الأكرمين الاشاوس...ابنة محمد الهلة هالله هالله....ولهذه المقدمة الف مغزى ومغزى....
قبل اسبوعين...حصل امامي موقف (عابر ) على سبيل الصدفة...ولم يكن مبرمجا..
المكان في الخط الاول لوزارة اردنية يعني في مكتب سكرتير الوزير..كنت هناك مراجعا في امر اشكل على قريب لي ولا يفك اسار لغزه الا معاليه (الهيبة لله)...كان معاليه على موعد مع سفير دولة خليجية مؤثرة في الاقليم ولها معنا دور طيب ومشهود له منذ عقود طويلة...كوطن قدره ان يعتاش على الهبات والمساعدات والمنح...انتظرت الى حين انتهى الاجتماع بين الوزير والسفير...لم يحن موعد السماح لي بدخول الجنة بعد....خرج السفير بعباءته الرمادية ومعه رجل خمسيني...موظف يرتدي بدلة داكنة مخططة من مخلفات السوق الاوروبية...اصطحب الموظف السفير الى المصعد ومن ثم الى سيارته في الاسفل...عاد الرجل منهكا كانه تنفس الصعداء...وجلس ليدخن سيجارته مع مرافق او سائق الوزير لا اعلم من هو بالضبط...جلسا في البهو المقابل لمكتب معاليه...كنت ارى في الرجل كانه الذي يستريح استراحة محارب....اقتربت منهما وجلست للتدخين معهما.....سالت الرجل الذي كان برفقة الضيف..قلت له من انت؟...اجابني الرجل عن اسمه وعرفني باسمه بادب وكياسة...قلت له ماهي طبيعة عملك هنا؟...اجابني انه مسؤول العلاقات العامة في الوزارة.....كان لسؤالي له مقصد دار في عقلي واثار حفيظتي....وجعلني انسى قضيتي التي جئت لاجلها....
قلت له الم يكن من باب اللياقة ان يشيّع وزيرك (يصطحب ويودع) ضيفه (ضيف الاردن والاردنيين) الى المصعد في اقل تقدير؟ امتعض الرجل من سؤالي وربما اندهش من فضولي...خشي ان يستمر معي في حوار محرج او خاف ان يجيبني جوابا اعرفه جيدا حتى لو لم يجبني عليه...قال لي بثقة زائفة (لاااااااا) فهذا بروتوكول معروف...قلت له ملعون ابو البروتوكولات كلها....ان وزيركم لم يغادر كرسيه في مكتبه بينما الرجل الذي يجلجل الارض ويمثل دولة لها علينا فضل كثير خرج لوحده كأنه موظف في الدرجة السابعة عند معاليه في المكتب المجاور....لم يرق كلامي للرجلين.....قلت يا جماعة ان السفير يمثل دولة خليجية محترمة لم تقصر معنا حتى اللحظة في وقت قصر فيه الجميع من دول الخليج....الم يكن من باب اللياقة ومن باب الحرص على ادامة العلاقة وتعظيمها معهم بخروج معاليه مع الضيف السفير حتى يغادر ارض الوزارة بانطباع جيد عن الاردن ومسؤوليه؟ هل هذه عادات الاردنيين مع الضيوف؟ هل هي عزة النفس والابهة الفارغة التي تملكت معاليه حتى لو كانت هذه الابهة على حساب الاستراتيجيات الوطنية العليا؟ لماذا لا نتعلم من سفراء ومسؤولي دول عظمى تبيع وتشتري الامة العربية بسوق البورصة لو ارادت كالصين واليابان وكوريا... حين نراهم يتواضعون ويتذللون مع كل شعوب الارض قاطبة لكسب ودهم وتجييرهم وتوجيه قناعاتهم لصالح دولهم شعبيا ورسميا؟
الحق اقول ان وطننا منكوب في مسؤوليه الذين لا يقدرون مصائبه...الحق اقول ان ملك البلاد محق في شكواه وتالمه من هذه النوعية الرديئة من المسؤولين.....هو يتواضع وينحني لكل شعوب الارض لاجل وطنه بينما المسؤول الاردني مصاب بداء العظمة الكاذبة....
ملاحظة: انا على استعداد تام...لافصح عن معاليه وما شاهدته باليوم والتاريخ والساعة والشخوص....لمن اراه في عيني اهل لهذا الافصاح من اصحاب القرار....وعليكو مردود النقا...