جاسيندا وترامب .. وجهان للخير والشر
رشاد ابو داود
القبة نيوز-هي امرأة، لكن ليست كباقي النساء، ورئيسة وزراء ليست كباقي رؤساء الوزارات. لم نكن نعرفها جيدا قبل جريمة قتل المصلين في مسجدي نيوزلندا؛ ففيما كان دم الضحايا لم يزل حاراً التقطت جاسيندا أردرن خيط الانسانية الذي يجمع جميع البشر،البشر الأسوياء، ارتدت الحجاب الاسلامي وراحت ترتق الثقب الكبير الذي أحدثه مجرم عنصري ضد المسلمين.
أبدت أردرن تعاطفا شديدا تجاه الضحايا وأسرهم، وظهرت مرتين وهي ترتدي الحجاب، في زيارتين للجالية المسلمة، والتقطت العدسات صورها وهي تربت على أكتاف البعض، وتحتضن آخرين، وأكدت على أن الحكومة ستقدم الدعم المالي للأسر التي فقدت من يعيلها.
ظهرت أردرن في سياق آخر، وهي تقول بكل حزم أن منفذ الهجوم «ليس منا»، وتطمئن الضحايا وأسرهم والمسلمين في نيوزيلندا أن حكومتها ستدفع تجاه تعديل قوانين الأسلحة في البلاد.
وفي اليوم التالي للجريمة، قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية للصحفيين «بات من الواضح لدينا الآن أنه يمكن وصف ذلك الهجوم بأنه إرهابي». وتحقيراً له قالت : لن أذكر اسم هذا النكرة الذي يريد الشهرة على حساب دماء الأبرياء.
في صلاة الجمعة على ارواح الضحايا كان المشهد لوحة رسمت بماء السماء. وقفت أردرن ومعها آلاف النيوزلنديين والنيوزلنديات يرتدين الحجاب تضامناً واستنكاراً للجريمة، كما ارتدت مذيعات المحطات الفضائية النيوزلندية الحجاب طيلة ذاك اليوم، وتصدرت كلمة «سلام» بالعربية الصفحة الأولى لأهم صحف البلاد.
بالمقابل، وفيما كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا تطفىء ناراً كان يمكن لو اشتعلت أن تمتد الى كل أنحاء العالم، كان ثمة من يشعل نار الفتنة بين بني البشر و» يمنح» دولة اللصوص، حسب تعبير مهاتير محمد، أرض الجولان العربية التي احتلتها عام 1967 و ضمتها عام 1981، بعدما «منحها القدس «عاصمة أبدية !
قال ترامب إنه سيقدم على هذه الخطوة –الاعتراف بضم الجولان الى اسرائيل -رغم مناشدات عديدة من مختلف أنحاء العالم لثنيه عن ذلك، وأضاف «مفتخراً» أنه يتفهم صعوبة الأمر وعدم إقدام أي من الرؤساء الأميركيين السابقين عليه.
من المؤسف أن ترامب وادارته يتحركون وفقاً لرؤى دينية محضة، ويسخرون قوة اميركا لخدمة مفهوم مزيف للمسيحية ولليهودية؛ فقد قال وزير خارجيته مايك بومبيو إن «الرئيس ترامب قد يكون هدية من الرب لإنقاذ اليهود «، وأضاف في مقابلة مع شبكة الإذاعة المسيحية خلال زيارة لإسرائيل، «إن إيمانه يجعله يصدق ذلك».
لقد لاقت خطوة ترامب المجنونة ردود فعل عربية وعالمية غاضبة وكأن العالم يقول: الى أين يأخذ هذا الأحمق العالم؟!
دول مجلس التعاون الخليجي عبرت عن أسفها، وأكدت في بيان الأمين العام عبد اللطيف الزياني أن «تصريحات ترامب لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراض سورية احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية بالخامس من يونيو/حزيران 1967».وأضاف الزياني «تصريحات الرئيس الأميركي تقوض فرص تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط».
سوريا وصفت تصريحات ترامب بغير المسؤولة، وقالت في بيان للخارجية إن موقف واشنطن تجاه الجولان يعبر عن ازدرائها للشرعية الدولية، وانتهاكها لقراراتها.
وفي مصر، قالت الخارجية إن هضبة الجولان أرض عربية محتلة، وأشارت في بيان إلى قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته تل أبيب بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل.
وشدد البيان المصري على «ضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة من حيث عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة».
وفي الأردن، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي موقف المملكة «الثابت بأن الجولان أرض سورية محتلة وفقا لجميع قرارات الشرعية الدولية التي تنص بشكل واضح وصريح على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة».
ونددت الجامعة العربية بموقف ترامب، مؤكدة أن «الجولان أرض سورية محتلة». وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط «التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية التي تمهد لاعتراف رسمي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي».
ان من شأن هذا التحول في السياسة الاميركية تجاه الجولان أن يزيد التوتر في المنطقة ويضعها في مهب حرب حارقة؛ فالحروب الكبيرة تشتعل عادة بفعل حادث عادي، فقد كان السبب المباشر لنشوب الحرب العالمية الأولى حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند مع زوجته من قبل طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب في 28 يونيو/حزيران عام 1914 أثناء زيارتهما لسراييفو، اضافة الى جملة من الأسباب غير المباشرة، من أبرزها توتر العلاقات الدولية في مطلع القرن العشرين بسبب توالي الأزمات، كأزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، بالإضافة إلى نمو النزعة القومية داخل أوروبا وتطلع بعض الأقليات إلى الاستقلال.
ومن يدري فربما يدفع ترامب اسرائيل الى الهاوية، والعالم الى حرب ثالثة، دون أن يدري !
الدستور
أبدت أردرن تعاطفا شديدا تجاه الضحايا وأسرهم، وظهرت مرتين وهي ترتدي الحجاب، في زيارتين للجالية المسلمة، والتقطت العدسات صورها وهي تربت على أكتاف البعض، وتحتضن آخرين، وأكدت على أن الحكومة ستقدم الدعم المالي للأسر التي فقدت من يعيلها.
ظهرت أردرن في سياق آخر، وهي تقول بكل حزم أن منفذ الهجوم «ليس منا»، وتطمئن الضحايا وأسرهم والمسلمين في نيوزيلندا أن حكومتها ستدفع تجاه تعديل قوانين الأسلحة في البلاد.
وفي اليوم التالي للجريمة، قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية للصحفيين «بات من الواضح لدينا الآن أنه يمكن وصف ذلك الهجوم بأنه إرهابي». وتحقيراً له قالت : لن أذكر اسم هذا النكرة الذي يريد الشهرة على حساب دماء الأبرياء.
في صلاة الجمعة على ارواح الضحايا كان المشهد لوحة رسمت بماء السماء. وقفت أردرن ومعها آلاف النيوزلنديين والنيوزلنديات يرتدين الحجاب تضامناً واستنكاراً للجريمة، كما ارتدت مذيعات المحطات الفضائية النيوزلندية الحجاب طيلة ذاك اليوم، وتصدرت كلمة «سلام» بالعربية الصفحة الأولى لأهم صحف البلاد.
بالمقابل، وفيما كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا تطفىء ناراً كان يمكن لو اشتعلت أن تمتد الى كل أنحاء العالم، كان ثمة من يشعل نار الفتنة بين بني البشر و» يمنح» دولة اللصوص، حسب تعبير مهاتير محمد، أرض الجولان العربية التي احتلتها عام 1967 و ضمتها عام 1981، بعدما «منحها القدس «عاصمة أبدية !
قال ترامب إنه سيقدم على هذه الخطوة –الاعتراف بضم الجولان الى اسرائيل -رغم مناشدات عديدة من مختلف أنحاء العالم لثنيه عن ذلك، وأضاف «مفتخراً» أنه يتفهم صعوبة الأمر وعدم إقدام أي من الرؤساء الأميركيين السابقين عليه.
من المؤسف أن ترامب وادارته يتحركون وفقاً لرؤى دينية محضة، ويسخرون قوة اميركا لخدمة مفهوم مزيف للمسيحية ولليهودية؛ فقد قال وزير خارجيته مايك بومبيو إن «الرئيس ترامب قد يكون هدية من الرب لإنقاذ اليهود «، وأضاف في مقابلة مع شبكة الإذاعة المسيحية خلال زيارة لإسرائيل، «إن إيمانه يجعله يصدق ذلك».
لقد لاقت خطوة ترامب المجنونة ردود فعل عربية وعالمية غاضبة وكأن العالم يقول: الى أين يأخذ هذا الأحمق العالم؟!
دول مجلس التعاون الخليجي عبرت عن أسفها، وأكدت في بيان الأمين العام عبد اللطيف الزياني أن «تصريحات ترامب لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراض سورية احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية بالخامس من يونيو/حزيران 1967».وأضاف الزياني «تصريحات الرئيس الأميركي تقوض فرص تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط».
سوريا وصفت تصريحات ترامب بغير المسؤولة، وقالت في بيان للخارجية إن موقف واشنطن تجاه الجولان يعبر عن ازدرائها للشرعية الدولية، وانتهاكها لقراراتها.
وفي مصر، قالت الخارجية إن هضبة الجولان أرض عربية محتلة، وأشارت في بيان إلى قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته تل أبيب بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل.
وشدد البيان المصري على «ضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة من حيث عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة».
وفي الأردن، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي موقف المملكة «الثابت بأن الجولان أرض سورية محتلة وفقا لجميع قرارات الشرعية الدولية التي تنص بشكل واضح وصريح على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة».
ونددت الجامعة العربية بموقف ترامب، مؤكدة أن «الجولان أرض سورية محتلة». وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط «التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية التي تمهد لاعتراف رسمي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي».
ان من شأن هذا التحول في السياسة الاميركية تجاه الجولان أن يزيد التوتر في المنطقة ويضعها في مهب حرب حارقة؛ فالحروب الكبيرة تشتعل عادة بفعل حادث عادي، فقد كان السبب المباشر لنشوب الحرب العالمية الأولى حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند مع زوجته من قبل طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب في 28 يونيو/حزيران عام 1914 أثناء زيارتهما لسراييفو، اضافة الى جملة من الأسباب غير المباشرة، من أبرزها توتر العلاقات الدولية في مطلع القرن العشرين بسبب توالي الأزمات، كأزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، بالإضافة إلى نمو النزعة القومية داخل أوروبا وتطلع بعض الأقليات إلى الاستقلال.
ومن يدري فربما يدفع ترامب اسرائيل الى الهاوية، والعالم الى حرب ثالثة، دون أن يدري !
الدستور